نستطيع القول ومن غير تردد أن الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى الاحتفال بالمسيرة الخضراء جاء حاسما وحازما في نفس الوقت، ووضع النقط على الحروف بالنسبة إلى ملف وحدتنا الترابية، وكشف عن حقيقة المرحلة الدقيقة التي يمر منها هذا الملف وخطورة التردد والانتظارية على مصيره. مؤشرات الحسم والحزم المطلوب في الموقف المغربي تبدو واضحة في الخطاب من خلال العناصر الآتية: 1 تأكيد عرقلة مسار التفاوض: إذ أكد الخطاب الملكي أن مسار التفاوض «لم يفض إلى الآن إلى التوصل إلى أي حل سياسي توافقي نهائي» وعلل ذلك ب»غياب الإرادة الصادقة لدى الأطراف الأخرى» وسلوكها السياسي والدبلوماسي الموسوم بطابع «العرقلة والمناورة». 2 الاستمرار في التفاوض مع ضرورة الالتزام بالضمانات الأممية بخصوص عملية التفاوض: إذ ربط المغرب استمراره في التفاوض والتعامل الإيجابي مع الوساطة الأممية بالوفاء بالضمانات الأممية أمام المغرب، إذ أكد الخطاب الملكي ضرورة الالتزام بمرتكزات وثوابت التفاوض التي حددتها قرارات مجلس الأمن والتي ضمنها الأمين العام الأممي للمغرب من خلال المكالمة الهاتفية التي نقل البلاغ الملكي مضمونها. 3 اشتراط معايير البحث عن التسوية: إذ ركز الخطاب بهذا الخصوص على معيار الواقعية وروح التوافق الإيجابي، وضرورة التزام الأممالمتحدة بتقييم الأفكار المقترحة لتسوية النزاع وفقا لهذا المعيار، وهو ما يعني جعل المبادرة المغربية للحكم الذاتي أرضية للتفاوض بحكم أنها المقترح الوحيد الذي طرح على الطاولة والذي يفي بهذا المعيار ويحظى بدعم دولي بخلاف طروحات الطرف الآخر، فإنها لا تستجيب لهذا المعيار بشهادة أممية أكدت عدم واقعية خيار الاستفتاء وعدم قابليته للتطبيق. 4 وضع الإطار الصحيح لنجاح مسار التسوية: وذلك بإدخال الوضوح الكافي على تصوير حقيقة النزاع ومكوناته، وتحديد المدخل الصحيح للتسوية، إذ أعاد الخطاب الملكي التأكيد بهذا الخصوص على الارتباط الوثيق بين حل مشكلة الصحراء وبين إقامة علاقات ثنائية بين المغرب والجزائر بما يسمح بإعادة بناء البيت المغاربي وفق رؤية تكاملية اندماجية تضامنية تستجيب لتطلعات شعوب المنطقة المغاربية في التعاون الاقتصادي، وهو ما سبق للأمين العام الأممي أن أكده، مقرا بأن الجزائر ليست طرفا محايدا في النزاع كما تحاول أن تصور، وإنما هي جزء من المشكلة والحل أيضا في حالة إذا ما حكمت منطق ?لعقل والحكمة بل وحتى منطق المصالح الاستراتيجية اقتصادية كانت أم أمنية. 5 الضغط الدبلوماسي لوضع حد للمعاناة الإنسانية لمحتجزي تندوف: إذ انتقل الخطاب الملكي من وضع المجموعة الدولية أمام مسؤولياتها الحقوقية والإنسانية للانخراط القوي لإنهاء هذه المأساة التي تتم داخل التراب الجزائري، إلى مطالبة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للقيام بتسجيل وإحصاء سكان المخيمات، تطبيقا لقرارات مجلس الأمن لسنتي 2011 و2012، وفاءا بمهامها في مجال الحماية، وبناءا على الالتزامات الدولية للجزائر. 6 خارطة طريق الموقف المغربي الموازي لعملية التفاوض: والتي تتأسس على موقف مبدئي ثابت، يتمثل في ضمان الوحدة الترابية للمغرب، ويترجم تنفيذه في معادلة الديمقراطية والتنمية والتي تجسدها بوضوح المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي دعا الخطاب الملكي إلى تفعيلها على واقع الأرض حتى لا يكون مصير الصحراء بيد الأطراف الأخرى. الرسالة واضحة لا مواربة فيها، إن المغرب في صحرائه، ومتشبث بمبادرته للحكم الذاتي وان الجهوية المتقدمة ستجد طريقها إلى التنفيذ بدءا بالأقاليم الجنوبية، وأن المغرب لن يربط مصير وحدته الترابية بمسار من التفاوض كتب عليه على مدى السنوات التي مرت أن يكون بدون أفق بسبب مناورات وعدم جدية الأطراف الأخرى إلا أن تصدق الإرادات و النيات ويتم الانخراط في مسلسل تفاوضي جدي وذي مصداقية قائم على معيار واقعية الحل وقابليته للتطبيق، ويتم في حضن مغاربي متكامل ومندمج.