كنموذج للنقوش الصخرية التي تعرف بها جهة كلميم واد نون، لا سيما بإقليمي أسا الزاك وسيدي إفني، تحتضن الجماعة القروية بوطروش الواقعة بين سفوح جبال الاطلس الصغير (سيدي إفني)، وعلى امتداد البصر، سلسلة مبهرة من هذه النقوش. وبالقرب من أحد أهم هذه المواقع بجماعة بوطروش، «أمالو» و« أنامر»، التقت «و.م.ع» المحافظ الجهوي للتراث الثقافي بالمديرية الجهوية للثقافة بكلميم محمد حمو، الذي أكد «أن معالم أثرية كمواقع النقوش الصخرية بجهة كلميم واد نون توجد الآن في مرحلة الترتيب في عداد الآثار وذلك بالنظر لقيمتها التاريخية والفنية»، ول «حمايتها والمحافظة عليها كفن صخري»، يتم الاشتغال، وعن كثب، على ترتيب هذه المواقع في عداد الآثار، وذلك بدعم من مجلس الجهة والمجالس الترابية التي تتواجد بها هذه المواقع الأثرية، وكذا بعض فعاليات المجتمع المدني». ووفق التصريح ذاته، فهناك جهود «من أجل ترتيب الرسوم الصخرية التابعة لأقاليم الجهة (سيدي إفني، كلميم، طانطانوسيدي إفني) عبر اقتراحها لتكون ضمن قائمة التراث الوطني في إطار المكون الثقافي من العقد البرنامج للتنمية المندمجة لجهة كلميم واد نون 2016-2021»، وذلك «في سياق تعزيز وتثمين التراث الوطني والتعريف به، وكذا تفعيلا لمضامين المشروع النموذجي لتنمية الأقاليم الجنوبية، في شقه المتعلق بحماية وصون التراث الأثري والتاريخي بالجهة». ويتعلق الأمر بمواقع: «عوينات أزكر» و«أزكر أشكيك» بجماعة المسيد بإقليمطانطان، و«أزروكلان» بجماعة عوينة الهنا بأسا (إقليم أسا الزاك)، وكذا ثلاثة مواقع بجماعة أداي بكلميم وهي «أدرار زرزم» و «أوموكجيم» وتارسلت»، فضلا عن موقعي «أنامر» و«أمالو تعلاوا» بجماعة بوطروش بإقليمسيدي إفني . وتكتسي هذه المواقع أهمية بالغة من حيث قيمتها العلمية، والمتمثلة في توثيقها، بالرسوم والرموز المنحوتة أو المنقوشة على الصخر، للمحيط البيئي القديم الذي ساد في المنطقة. وفي ما يتعلق بالنقوش الصخرية بجماعة بوطروش بسيدي إفني، فإن موقعي «أنامر وأمالو» «يتميزان بتشكلهما على شكل حوض تحيط به تلال وأودية وبوجود رسومات لأسلحة نارية وبصمات أرجل، وكذا الحلي «الخلالة»، فضلا عن أشكال هندسية يعتقد، حسب الرواية الشفهية، أنها لحصون جماعية للتخزين المنتشرة بمنطقة بوطروش». ويضم موقع «أنامر» 186 لوحة صخرية، تتمركز على مساحة تقدر ب 27 هكتارا، أما موقع «أمالو» فيضم 57 لوحة تتمتد على مساحة ثمانية هكتارات. وحسب إفادة المحافظ الجهوي، دائما، فإن «وزارة الثقافة قامت سنة 2011 بمهام جرد وتوثيق التراث الثقافي بهذه الجماعة (160 كلم عن سيدي إفني و110 كلم عن كلميم) التي تزخر بمواقع أركيولوجية تبرز الجوانب التاريخية والعمق الحضاري للمنطقة» ، مشيرا إلى «تشييد محافظة للنقوش الصخرية بموقع «أنامر» بالجماعة في اطار اتفاقية شراكة مع جمعية الأطلس الصغير الغربي للسياحة الجبلية، تحسبا لتعرضها لمخاطر محتملة من تخريب وسرقة وتشويه وتوسع عمراني، فضلا عن بعض الانشطة الاقتصادية وخاصة رخص استغلال المقالع. و«كان من أهداف تشييد «المحافظة» بالموقع التعريف بهذه المواقع وإتاحة الفرصة للباحثين والسياح، مغاربة وأجانب، للاطلاع، عبر ملصقات بالبناية، على كل المعلومات حول هذه المواقع». وفي إطار ذات الجهود «سيتم مستقبلا وضع علامات تشوير خاصة بالمواقع الأثرية بسيدي إفني لإرشاد الزوار والتنبيه لأهميتها التاريخية، وللتشديد على أنها محمية قانونيا ضد أي إتلاف وتخريب محتملين»… وبحسب مختصين وباحثين، فإن النقوش الصخرية بإقليمسيدي إفني وبجهة كلميم وادنون عموما، التي تعد من أغنى مناطق المغرب بهذا الإرث، تعد معالم إبداعية وجمالية لافتة تقدم معلومات مهمة حول الانتروبولوجيا والتاريخ والتفاعلات البيئية القديمة، ووثائق تاريخية تحفظ الذاكرة وتنوع الانشطة البشرية على مدى قرون خلت .وتبقى حماية هذا الموروث الثقافي والحضاري، الذي يوجد ملف ترتيبه، حاليا في مراحله الأخيرة لدى المصالح المركزية المعنية، وتثمينه وجعله رافدا مهما من روافد التنمية المستدامة، مسؤولية الجميع.