دعوا إلى ضرورة التقيد بالشروط والتدابير الوقائية تفاديا لتحول المؤسسات التعليمية إلى بؤر لنشر الوباء أكد الدكتور مولاي سعيد عفيف أن موضوع الدخول المدرسي لهذه السنة يشغل بال كل العائلات المغربية، ويحضر بقوة في كل بيت، لأنه في كل أسرة هناك تلميذ على الأقل إن لم يكن أكثر، يتابع دراسته في مؤسسة تعليمية، باختلاف المستويات، وهو ما يجعل مسؤولية الأطر الصحية والتربوية والإعلامية وعموم الفاعلين كبيرة وعظيمة، للمساهمة في نقاش مجتمعي مسؤول، يهدف إلى الوصول إلى خلاصات، تضمن وتصون الحق في الحياة وفي الدراسة، سواء بالنسبة للأسر التي اختارت التعليم الحضوري، مع ضرورة توفير كل التدابير والشروط الوقائية الضرورية، لحماية المتمدرسين والأطر والأسر، حتى لا تصبح هذه المؤسسات مصدرا للعدوى وتؤدي إلى انتشارها ، أو بالنسبة للأسر التي اختارت التدريس عن بعد، التي يجب احترام حقها وتمكينها من كل الآليات التي تسمح لأبنائها وبناتها بمتابعة دراستهم دون انقطاع وبنفس الجودة. وشدّد رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية، خلال كلمته الافتتاحية لأشغال الندوة الافتراضية التي اختير لها عنوان «دليل إنجاح دخول مدرسي آمن: توصيات جمعيات طب الأطفال»، والتي جرى تنظيمها بشراكة مع المرصد الوطني لحقوق الطفل والجمعية المغربية لطب الأطفال والجمعية المغربية للطب النفسي، على أن الجمعيات العالمة والمختصة في الشأن الصحي، خاصة في صفوف الأطفال، دعت بمناسبة الموسم الدراسي الجديد، وشجّعت على اعتماد خيار التعليم الحضوري، لكن مع ضرورة توفر مجموعة من الشروط الضرورية، انطلاقا من برمجة حصص للتحسيس والتوعية وكيفية التعامل مع الوضع الوبائي والوقاية الذاتية لفائدة التلاميذ، مرورا بالتباعد الجسدي في الفصول والساحات ووسائل النقل، والعمل على تقليص المتمدرسين في القسم، واعتماد نظام التفويج، مع تعقيم المؤسسات بأكملها ووسائل النقل المشتركة وتقليص نصف حمولتها، على أن يسوقها نفس الشخص ولا يطرأ أي تغيير في هذا الصدد، والحرص على الوضع السليم للكمامات، والتنظيف المتواصل لليدين بالماء والصابون أو التعقيم، والتهوية. وأكد رئيس «أنفوفاك المغرب»، أن هذه التدابير الوقائية، إذا لم تتوفر فهذا يعني بأنه لا يمكن المغامرة والرمي بالأطر والتلاميذ والأسر نحو المجهول، لهذا يجب توفيرها بكل مسؤولية، وأن تعمل المؤسسات العمومية على توفير الكمامات لأطرها، والمعقّمات لجميع مرتاديها من أطر وتلاميذ، وأن تكون هناك مراقبة مستمرة للتأكد من تطبيق الشروط الوقائية، وأن يتم إجراء اختبارات الكشف عن الفيروس عند الأطر التعليمية والتربوية، زيادة في الحرص قبل انطلاق الدراسة. وإلى جانب ما سبق دعا المتحدث الآباء والأمهات للمساهمة في مواجهة الجائحة بقياس درجات حرارة الأبناء قبل التوجه إلى المدرسة، والعمل على عدم إرسال الطفل إلى المؤسسة وزيارة الطبيب إذا ما كان هناك مشكل ، مبرزا أنه لا تجب العودة إلى الفصل إلا بعد الحصول على ترخيص كتابي من الطبيب، تفاديا لكل ما قد يشكّل مشكلا في هذا الإطار، وأن يتم تفادي الاكتظاظ أمام أبواب المؤسسات التعليمية وغيرها من السلوكات التي قد تكون ضارّة بالجميع. ووقف الدكتور عفيف عند عدد من المعطيات العلمية، موضحا أن التجارب بيّنت أن الأطفال دون 10 سنوات لا ينقلون العدوى كثيرا مقارنة بالكبار، في حين أنها تنتقل من البالغ إلى الطفل، كما أن الأطفال أقل من 6 سنوات ليسوا في حاجة إلى كمامات، لكن لا بد من التباعد ومن النظافة، خلافا للتلاميذ في مستوى الإعدادي الذين لابد لهم من وضع الكمامات والتقيد بالتدابير الوقائية. وأكد المختص في صحة الأطفال على دور المدرسة المحوري لصقل شخصية الطفل وتنمية مداركه المختلفة، مشددا على أنه لا يجب أن يبقى منحصرا في وسطه الأسري فقط، مبرزا كيف تأثر الكثير من الأطفال في مرحلة الحجر الصحي وعانوا من القلق والاكتئاب والتبول اللاإرادي وغيرها، داعيا إلى عودة الحياة إلى وضعها الطبيعي، لكن مع احترام الشروط الوقائية، في انتظار التوفر على لقاح، مشددا بالمقابل على ضمان الحق في التدريس عن بعد للأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة، التي تجعل الآباء والأمهات يخشون عليهم، وبالتالي لا يجب وبأي شكل من الأشكال أن تتم مصادرة هذا الحق من أية مؤسسة كيفما كان نوعها أو تتخلى عن مسؤوليتها. واختتم الدكتور عفيف مداخلته بالتأكيد على أهمية المبادرة التي أعلنت عنها وزارة الصحة، المتمثلة في توفير اللقاح ضد الأنفلونزا الموسمية وضد البنوموكوك، لتحصين صحة الفئات الهشة صحيا، من الأطفال والمسنين والذين يعانون من أمراض مزمنة، لتفادي وقع الأنفلونزا والكوفيد، إذا لا قدّر الله تم تسجيل أية إصابة في هذا الصدد. وكان رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية قد أكد على أهمية الأدوار التي قام ويقوم بها المرصد الوطني لحقوق الطفل منذ أكثر من 30 سنة، مشيدا بما تبذله رئيسته، صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، التي شدد على أنها لا تدّخر جهدا للنهوض بأوضاع بنات المغاربة وأبنائهم، وتحرص على حقوقهم الصحية والتربوية والتعليمية، وسائر الحقوق الكونية التي نص عليها دستور 2011، إلى جانب التعبير عن اعتزازه وكل مهنيي الصحة، تحديدا، وسائر المغاربة عموما، بالدعوة الملكية لتعميم التغطية الصحية الشاملة على سائر المواطنين وفقا لأجندة زمنية واضحة، للمساهمة في تمكينهم من الولوج السلس إلى العلاج والدواء. من جهته، أكد البروفسور روبرت كوهن، نائب رئيس الجمعية الفرنسية لأطباء الأطفال، أن الوضعية الوبائية هي معقدة في جميع الدول، وبأن العديد من الأوضاع والمستجدات تطرح نفسها بإلحاح كل يوم وتتطلب التسلح بالمعرفة على المستوى النظري، والتجانس والانسجام في تنزيل القرارات والإجراءات على أرض الواقع. وأوضح المتحدث أن الدخول المدرسي الآمن ممكن لجميع الأطفال الذين لا يعانون من أي إشكال صحي، شريطة التقيد بالتدابير الوقائية الصارمة، إذ يمكنهم متابعة الدراسة الحضورية باستثناء إذا أوصى الطبيب بخلاف ذلك بالنسبة لمن لديهم مرض من الأمراض المزمنة التي تتفاوت وتختلف حدتها ودرجات تأثيرها. وشدّد رئيس «أنفوفاك فرنسا»، على أنه لا يمكن إغلاق فصل دراسي، وليس مؤسسة تعليمية بأكملها، إلا في حالة تسجيل 3 إصابات فما فوق، مؤكدا على أهمية التدابير والإجراءات الحاجزية، من طرف القائمين على الشأن التعليمي، ومن طرف الآباء والأمهات، مستعرضا في هذا الصدد جملة من التوصيات التي أصدرتها الجمعية الفرنسية ارتباطا بالموسم الدراسي الجديد. بدوره، أكد الدكتور حسن أفيلال، رئيس الجمعية المغربية لطب الأطفال، أن المطالبة بالتأجيل تكون ممكنة إذا كانت هناك معطيات علمية وأرقام تعطي تقديرات عن زمن انتهاء الجائحة، مشددا على تبعات السياق السوسيو اقتصادي والاجتماعي على الأسر واختياراتها بالنسبة لتحديد طبيعة الدخول المدرسي الذي يفرض نفسه، مستعرضا جملة من المعطيات الرقمية التي تؤكد أن الأطفال دون سن العاشرة، أقل إصابة ونقلا للعدوى، وبأنه في صفوف الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 14 سنة جرى تسجيل نسبة إصابة محددة في 1 في المئة، مؤكدا على حاجة الأطفال للروابط الاجتماعية وللعلاقات والتواصل مع الغير، داعيا إلى التعامل بجدية كبيرة مع الدخول المدرسي وتجند الآباء والأمهات والأطر التربوية في إنجاح هذا الامتحان الذي يمكن للجميع النجاح فيه، إذا تقيّد كل من موقعه بما يجب عليه القيام به. ووقف عميد كلية الطب والصيدلة بمراكش، البروفسور محمد بوسكراوي، خلال مداخلته في هذه الندوة، عند أهمية التلقيح في الحفاظ على حياة الأطفال والأشخاص المسنين ومن يعانون من أمراض مزمنة، مشددا على أن اللقاحات عملت على إنقاذ الكثير من الأرواح والقضاء على جملة من الأمراض مقابل تقهقر أخرى. وأوضح رئيس الجمعية المغربية للأمراض التعفنية لدى الأطفال والتطعيم، أن نسب التلقيح عادت إلى مستوياتها الطبيعية بعد النقص الذي جرى تسجيله خلال فترة الحجر الصحي، مؤكدا أنه واستعدادا لموسم الخريف حيث يتعرض الأطفال والحوامل والمسنون والمصابون بأمراض مزمنة لتداعيات الأنفلونزا الموسمية، يجب على هذه الفئات، إلى جانب مهنيي الصحة، الخضوع للتلقيح، خاصة في ظل هذه الأوضاع التي يمر منها العالم ومعه بلادنا، وذلك لتخفيف الضغط على المستشفيات والمؤسسات الصحية، وتقليص نسبة الاستشفاء ومختلف المضاعفات والتبعات الصحية. وفي مداخلة له، أبرز البروفسور مولاي هشام عفيف، رئيس المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، طبيعة التدخلات التي يقوم بها المركز لفائدة فئة معينة من المرضى المصابين بفيروس «كوفيد 19»، الذين يكونون في وضعية متقدمة ويعانون من صعوبات صحية بسبب العدوى، تتمثل في تعذر التنفس وغيره من المضاعفات، مما يتطلب متابعتهم إما في العناية المركزة أو مصالح الإنعاش، مشددا على أن قلق الأطر الصحية ارتفع في الآونة الأخيرة بسبب حجم ونوعية المرضى الذين بات المستشفى يستقبلهم. وأوضح البروفسور عفيف أن استعمال البروتوكول الرسمي للعلاج بشكل مبكر، يحول دون تطور الوضعية الصحية للمريض سلبا، مشددا على أهمية التشخيص والتكفل المبكرين، وبأنه يجب على كل شخص ظهرت عليه أعراض مشكوك في ارتباطها بالفيروس أن يعرض نفسه بشكل عاجل على الطبيب أوالمؤسسة الصحية القريبة منه، داعيا إلى التنسيق المحكم بين كافة القطاعات والمتدخلين، الذي بواسطته تأتى مواجهة الجائحة في بداياتها، وهو ما يمكن القيام به مرة أخرى باعتماد النجاعة في اتخاذ القرارات والتدخلات. وارتباطا بموضوع الندوة، شدّد مدير المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد على أهمية التواصل بلغة بسيطة وواضحة خالية من كل التعقيدات مع الآباء والأمهات والأطفال، من أجل استيعاب أدق لطبيعة الوضعية الوبائية التي تمر منها بلادنا حتى يتم اتخاذ القرارات الصحيحة والمناسبة، مشددا على أن كل مريض بالربو، بشكل عام، يجب أن يحرص على المتابعة المنتظمة لوضعه الصحي وأن يستعمل الدواء تفاديا لأية مضاعفات كيفما كانت نوعيتها. وجدير بالذكر أن هذه الندوة عرفت مشاركة خبراء في الصحة النفسية إلى جانب عرض خلاصات لجنة التتبع التي تم إحداثها على مستوى وزارة الصحة، والتي بيّنت أنه تم تسجيل ميولات انتحارية إلى جانب ارتفاع في منسوب العنف والعدوانية في صفوف الأطفال واليافعين خلال فترة الحجر الصحي، فضلا عن القلق والاكتئاب والانعزال والارتباط أكثر بالهواتف والحواسيب الإلكترونية، مقابل سيادة الإحساس بالخوف من الموت، وانتقال القلق من الآباء والأمهات إلى الأبناء، وغيرها من التداعيات الصحية النفسية والعضوية المختلفة.