سيبحر معنا القارئ من خلال هاته الحلقات في ملفات تتسم بالرعب جراء أفعال إجرامية قام بها متهمون أدانهم القضاء نهائيا بأحكام تتراوح مابين الإعدام والسجن المؤبد حيث ارتبطت أسماؤهم بملفات كبيرة مرتبطة أساسا بعالم الجريمة وتفننوا في ارتكاب أفعال إجرامية خطيرة بوعي منهم أو بدون وعي إلى أن تحولوا إلى كوابيس مزعجة بالنسبة للمواطنين ورجال الأمن. منهم من ظل لسنوات بعيدا عن أعين الامن التي كانت تترصده فيما آخرون وقعوا كما تقع الطيور على أشكالها مباشرة بعد ارتكابهم لفعلهم الجرمي أو في مسرح الجريمة الاتحاد الاشتراكي تفتح اليوم تفاصيل هذه الجرائم فإنها تبقى مجرد قضايا من مجموعة ملفات عرفتها المحاكم المغربية منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي إلى يومنا هذا.. فيما تاريخ العدالة المغربية مليء بالقضايا المشابهة وبأعداد كبيرة، إلا أن القضايا التي أخترناه اليوم تعتبر مثيرة شدت إليها انتباه الرأي العام الوطني، كما عرفت نقاشا وجدالا واسعا من طرف الإخصائيين وعلماء الاجتماع وعلماء الجريمة.. فيما ظلت تفاصيلها راسخة في عقول العديد من الضحايا وعائلاتهم..
بعدما قضى مدة طويلة في غياهب السجن المركزي بالقنيطرة فاقت عقدين من الزمن، تم نقله وترحيله نحو السجن المحلي لسيدي سعيد بمكناس لإتمام ما تبقى من العقوبة الحبسية، بتهمة تكوين عصابة إجرامية خطيرة تمتهن السرقة باستعمال العنف، واعتراض المارة وسلب ممتلكاتهم من خلال التهديد بواسطة السلاح الأبيض والاغتصاب والضرب والجرح وغيرها من التهم الأخرى التي كانت لا تعد ولا تحصى اتخذ أفراد هذه العصابات من جنان المصطفي بعين الشبيك أكثر الأحياء بالمدينة شهرة في عالم الإجرام، ملاذا آمنا لهم بعيدا عن أعين رجال الأمن الذين كانوا يجدون صعوبة بالغة في اقتحام واختراق الفضاء الشاسع لهذا الجنان، المتميز بمسالكه الوعرة حيث حول العصابات كهوفه لبيوت تأويهم لممارسة طقوسهم الخاصة من عربدة واغتصاب لفتيات، وقد شهد جنان المصطفى وقوع العديد من الجرائم الشنعاء، وتبقى تلك التي ارتكبها عبد الرحمان الملقب «بمجينينة» من أبشعها حيث استأثرتباهتمام بالغ من طرف الرأي العام المحلي والوطني، نظرا للظروف المصاحبة لوقائعها التي لم تكن في واقع الحال بغاية السرقة أو الانتقام بل كانت بدافع الخوف الذي همين على «مجينينة» بعدما فقد الهيمنة والسيطرة على الجنان حينما دخلت عصابة قوية على الخط تحت قيادة المدعو «حنيفيزة» الذي توعد الزعيم بأشر الانتقام، بعدما فقد الأخير الهيمنة والسيطرة على الجنان خصوصا بعد سقوط العديد من أفراد عصابته في شباك الأمن، ودخلت عناصر أخرى من مجموعته في صراعات ومعارك ضارية أدت إلى الإجهاز على حياة الرجل الثاني في المجموعة ويتعلق الأمر بالمدعو الديناصور على يد عنصر آخر يدعى الفأر عانق «مجينينة» الحرية من جديد خلال نهاية ثمانينات القرن الماضي، وجد كل ملامح المحيط الذي ولد وترعرع فيه تغيرت، البنيان والعمارات حلت مكان الأكواخ والبيوت الطينية يحي «برج مولاي عمر» أكبر تجمع صفيحي بالعاصمة الإسماعيلية، قرر حينها أن يتخذ من عمق جنان المصطفى مأوى له ليعيش عالمه الخاص به، بعيدا عن أعين رجال الأمن الذين كانوا يشنون حربا شرسة ضد العصابات الإجرامية التي كانت تتخذ من الحيين المذكورين قاعدة خلفية لتنفيذ مخططاتها ليلا ونهارا . تخلى «مجينينة» عن باقي رفاقه القدامى في عالم الإجرام، وجند مجموعة من الشباب في صفوف عصابته، واستحوذ على جزء مهم من الجنان وبدأ يستغل خيراته لصالحه، من خلال الاستعانة بأفراد عصابته وبعض من المراهقين في جني المحاصيل من خضر وفواكه وإعادة بيعها في الأسواق، إذ لم يقو صاحب الجنان على مواجهة جنود «مجنينة» الذي كان نادرا ما يبرح مكانه خوفا من سقوطه في قبضة رجال الأمن الذين كانوا يتحينون الفرص للإطاحة برأسه، إذ كانت تجد العناصر الأمنية صعوبة بالغة في ملاحقته وتوقيفه لسببين رئيسين: أولا تغلغله داخل «الجنان» ومعرفته الجيدة بتضاريسه ذات المسالك الوعرة، إضافة إلى توفر المكان على العديد من الكهوف والمغارات العميقة يصعب الوصول إليها، أما العامل الثاني يتمثل في شراسة أفراد العصابة التي كانت لا تتوانى في مواجهة ومجابهة العناصر الأمنية ، إذ كان «مجينينة» لا يتردد في إعطاء الدروس في التمارين الرياضية الخاصة بفنون الحرب والقتال لأفراد عصابته على شاكلة أفلام الكاراطي، ويبدو ذلك جليا من خلال لباسه الذي عبارة عن قبعة صينية ، سروال فضفاض يتدلى منه سيفا طويلا، وحذاء رياضي خفيف، أما الجزء العلوي من جسده فيظل عاريا ومكشوفا صيفا وشتاء ، إذ كان «مجينينة» يظهر عضلاته القوية والمفتولة المنمقة والمطرزة بالوشم، كما كان يفضل في بعض المرات زيا عسكريا، ولعل ما كان يميز جسد «مجينينة» عن باقي أفراد عصابته وباقي أفراد العصابات الأخرى بخصوص الوشم، ذلك اللوحة الجميلة المرسومة بدقة متناهية في الجزء العلوي من صدره، وهي عبارة عن نسر يحمل حملا بين مخالبه0