وسط احتجاجات شعبية، قررت المحكمة الابتدائية بميدلت، بعد زوال يوم الجمعة 6 مارس 2015، إخلاء سبيل ثلاثة مواطنين من القبيلة المذكورة، بينهم كاتب النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين، سعيد أزكاغ، إلى جانب الزاكي الطالبي ومحمد أموزون، كانوا قد وقعوا رهن الاعتقال بتهم «إضرام النار في دراجة وتهشيم سيارة والضرب والجرح»، إثر المواجهات العنيفة التي دارت رحاها بين قبيلتي آيت عياش وآيت مولي حول أراض سلالية، وهو مشكل قائم بقوة منذ مدة طويلة دون أية خطوة من لدن السلطات المسؤولة للحسم في هذا الوضع المقلق الذي يعتبر «قنبلة موقوتة» تحتضنها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمدنية المتردية. وكان مقر المحكمة الابتدائية ومقر الدرك الملكي بميدلت قد عاشا، يوم الخميس 5 مارس 2015، إنزالا شعبيا واعتصاما مفتوحا لعدد كبير من ساكنة آيت عياش، تضامنا مع المعتقلين الثلاثة، في حين لم يفت عدد من الحقوقيين والإعلاميين مؤازرة هؤلاء المعتقلين، كما قام المكتب المحلي لنقابات الاتحاد المغربي للشغل بتعميم بيان احتجاجي شديد اللهجة، قبل الإعلان عن قرار وكيل الملك لدى ابتدائية ميدلت بالإفراج عن المعتقلين الثلاثة، ومتابعتهم في حالة سراح بكفالة مالية قدرها 2000 درهم لكل واحد منهم، ما اعتبره بعض المحتجين محاولة لثنيهم عن معاركهم ونداءاتهم. اعتقال الأشخاص الثلاثة، وصفه المكتب المحلي لنقابات الاتحاد المغربي للشغل ب»التعسفي والجبان»، بالنظر لكون المعنيين بالأمر من «المعروفين محليا ووطنيا بدفاعهم المستميت عن الحقوق المشروعة لعموم الفلاحين، وأبرزها حقهم في أراضيهم التي تسعى السلطات المخزنية وبشكل يومي إلى حرمانهم منها»، يضيف البيان النقابي الذي رأى بأن السلطات باعتقالها للأشخاص الثلاثة فهي «تسعى بشكل يومي إلى التأكيد على أن لاشيء تغير في هذا الوطن»، داعيا في ذات الوقت إلى «متابعة لوبيات الفساد وناهبي الأراضي السلالية عوض متابعة شرفاء هذا الوطن»، يقول البيان. ولم يفت مناضلين من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بميدلت المطالبة ب «إيقاف متابعة المتابعين، مع ضرورة الإبقاء على تدبير ملف الأراضي السلالية بعيدا عن لوبيات العقار ومحترفي الارتزاق السياسوي، وعن منطق التعليمات والنفوذ، مقابل العمل على إشراك ذوي الحقوق في أي مقترح أو بحث عن حلول جذرية ديمقراطية للنزاعات والمشاحنات التي تندلع من حين لآخر، علما أن المشكل لا يزداد إلا تطورا، ويعد في كل الأحوال من الملفات الساخنة التي تستدعي معالجة مسؤولة دون التقيد بالقوانين البالية. وفات للجماعة القروية لآيت عياش، أن قامت بعدة محاولات لأجل معالجة الملفات المطروحة والمتوارثة، وفي مقدمتها ملف أراضي الجموع، الذي سبق لرئيس الجماعة، الراحل بوعزة باكي، أن أكد في تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي» عن قلقه حيال هذا الملف الشائك، موضحا حينها أن الجماعة «ظلت في تنسيق متواصل مع نواب الأراضي المذكورة من جهة ومع السلطة الوصية من جهة أخرى»، ولم تتوقف الجماعة القروية، حسب الرئيس الراحل، عن مطالبة الجهات المسؤولة بالتدخل الحاسم لحل المشكل بوصفه واحد من أسباب التحديات الاقتصادية والتنموية التي تعاني منها المنطقة، مع اعتبار الأراضي السلالية بالمنطقة منبعا للنزاعات والصراعات اليومية بين ذوي الحقوق. ومعلوم أن مشكل أراضي الجموع فات أن دفع بعدد كبير من سكان «قصر بودراع» بآيت عياش، صباح الاثنين 9 دجنبر 2013، إلى الزحف باتجاه عمالة إقليمخنيفرة لأجل إثارة ما تعرضوا إليه من طرف سلطات ميدلت التي أقدمت على هدم أزيد من 30 منزلا لهم، بدعوى أنها بنيت بشكل عشوائي داخل أراضي الجموع، وقبلها فات لأزيد من أربعين شخصا ب «قصر أيت سيدي بوموسى» أن أقدموا على حرث مئات الهكتارات من أراضي الجموع بأعريض الفوقاني، وفي رد فعل على ذلك نظم العشرات من السكان، يوم الثلاثاء 9 أبريل من نفس السنة، مسيرة احتجاجية ضد ما اعتبروه «تراميا عشوائيا على أراضيهم»، وهددوا بالزحف نحو العاصمة الرباط . وتتذكر آيت عياش اعتقال عدة أشخاص، خلال صيف 2011، إثر اشتباك عنيف وقع بين إحدى الأسر وعناصر من السلطة المحلية، عندما حلت عناصر من هذه السلطة بعين المكان لتنفيذ قرار بتوقيف أحد السكان عن مواصلة أشغال بناية على تراب أرض جموع ب «آيت سيدي بوموسى»، والذي رفض الامتثال لتحذيرات لجنة إقليمية منعته من الاستمرار في عملية البناء، إلا أنه تعامل مع كل القرارات بالرفض والتعنت. ذلك قبل أن تتوج الأوضاع السائدة بالمواجهات العنيفة التي اندلعت، خلال يناير الماضي، بين آيت عياش وآيت مولي حول أراضي «عريض السفلى»، التي تناهز مساحتها الإجمالية 350 هكتارا، وكادت الأمور أن تنقلب إلى حرب قبلية لا أحد كان يتكهن بنتائجها لولا تدخل القوات العمومية التي تمكنت من نزع الفتيل بين المتنازعين على الأراضي المذكورة التي ترى كل قبيلة من القبيلتين أنها صاحبة الحق في استغلالها.