* تعرب المغربيات والمدافعون عن مشروع الحداثة والديموقراطية عن تخوفات حقيقية من التراجع الحاصل في القضية النسائية ، ما هو تقديرك لهذا التراجع؟ وفاء حجي : منذ مجيء الحكومة الحالية، تشهد القضية النسائىة تراجعا واضحا، لأن من لا يتقدم، يتقهقر. وهكذا، فإن المكتسبات المضمنة في نص الدستور الذي تم إقراره في يوليوز 2011، والتي كان يفترض في الحكومة الحالية وضعها قيد التنفيذ، لازالت بعد ثلاث سنوات حبرا على ورق. وعلى سبيل المثال، لازالت الهيئة المكلفة بالمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ضد المرأة، لم تر النور بعد رغم أنها تشكل آلية مهمة لتتبع الفوارق التمايزات واقتراح الاجراءات الكفيلة بتقليصها. أيضا، وعلى بعد أشهر على الاستحقاقات الانتخابية، ليست هناك أية رؤية حول آليات واضحة للتمييز الايجابي لفائدة التمثيلية السياسية للنساء في الوقت الذي يفترض أن يتوجه المغرب بوضوح نحو تطبيق المناصفة المنصوص عليها في الفصل 19 من الدستور. المناصفة المنصوص عليها في الدستور لا تحترم كذلك في مسلسل التعيينات في المناصب العليا في الإدارة العمومية. بل على العكس المعايير المعتمدة في الترشح لمناصب المسؤولية تتضمن شروطا تعجيزية في حق النساء، إذ كيف يمكن أن يطلب من النساء عدة سنوات من التجربة للترشح لمناصب المسؤولية في الوقت الذي لم يسمح لهن مبدأ تكافؤ الفرص، أو بالأحرى لا تكافؤ الفرص، بالتوفر على التجربة المطلوبة. { ويظل العنف من أهم القضايا الشائكة، في سياق الوضع الانتكاسي الذي تعرفه وضعية النساء، أليس كذلك؟ صحيح، فمشروع القانون حول مكافحة العنف الذي انطلق مع الحكومات السابقة، يراوح مكانه وليس مطروحا على جدول الأعمال في الوقت الذي تؤكد الأرقام في هذا المجال، وخاصة الأرقام التي كشف عنها البحث الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط ضرورة حماية النساء من هذه الآفة بشكل مستعجل. فالمخطط من أجل المساواة الذي وضعته الحكومة السابقة بدعم من الاتحاد الأوربي تحول مع الحكومة الحالية إلى مخطط »إكرام« بصيغة إحسانية وتم إفراغه من محتواه الحداثي والهيكلي الذي يتوخى تغيير العقليات والتحسيس على المساواة. ويؤكد القرار الأخير بإعفاء البروفسور شفيق الشرايبي من مهامه في أعقاب بت روبورتاج حول الظروف الصعبة للإجهاض وغيرها من الأمثلة، تؤكد استراتيجية الحكومة لوقف المنجزات المحققة لصالح المرأة خلال العقود الأخيرة استراتيجية تعززها تصريحات رئيس الحكومة الذي لا يترك أي مناسبة تمر دون الهجوم على النساء وعلى حقوقهم وكرامتهم. ومن الواضح أننا أمام رغبة واستراتيجية مقصودة ومبيتة من أجل التراجع عن المشروع الحداثي الذي انخرط فيه المغرب ونسف أسسه، لأن القضية النسائية توجد في قلب هذا المشروع، والتراجع في هذا المجال يعني تراجع أفكار القدم والحداثة.