الدكتورة أمال شباش (*) الجائحة الوبائية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد التي أصابت بلادنا، لم تكن عنوانا على الألم فقط، بل كانت أيضا فرصة برزت خلالها وبشكل واضح وجلي العديد من الشيم والخصال، التي اعتقد البعض أنها اندثرت يوما، والتي جعلت القيم الجماعية تعود من جديد لتسمو وتتميز على بعض المظاهر الفردانية التي كان البعض يتشبث بها سابقا، البعيدة كل البعد عن قيمنا وأصالتنا هويّتنا الأًصيلة والمتجذرة في التربة المغربية. قيم التآزر والتضامن والتلاحم في مواجهة هذه الجائحة، صحيا، اقتصاديا، اجتماعيا وإنسانيا، تعددت صورها وملاحمها، من شمال المغرب إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، سمت وارتفعت على بعض التفاصيل الجزئية الموجودة في كل مكان، مما خلق نوعا من التكامل بين أدوار المسؤولين ومبادرات المواطنين، فرادى وجماعات، كل من موقعه لمواجهة هذه المحنة بروح مواطنة عالية تقوت اليوم أكثر فأكثر. الأطباء كل في دائرة اختصاصه ومجال تدخله، الممرضون والتقنيون، في القطاعين العام والخاص، نساء ورجال الإعلام، الدرك والأمن والجيش، عمال النظافة، المهنيون في عدد من القطاعات الإنتاجية الحيوية، التي لا بد منها من أجل تأمين دورة واستمرار الحياة، وغيرهم كثير، الكل تجنّد، بكيفية فردية أو جماعية، لتصب كل الجهود في خندق واحد، إذ سمت الروح الوطنية عاليا فوق الخوف من الإصابة بالفيروس، ودخل الكثير من هؤلاء الجنود، الذين هم أعمدة البلاد للحفاظ على توازنها، في العزل بعيدا عن أسرهم، حتى لا ينقلوا لهم العدوى إذا ما أصيبوا، ووقفوا وقفة رجل واحد وامرأة واحدة لخدمة الوطن أولا وقبل كل شيء. إن من بين الصور التي تبعث الاعتزاز، صورة بالغة الأهمية والمتعلقة بإعداد منصات مجانية للاستشارات الطبية، وتطوع مجموعة من الأطباء والمختصين من أجل الاستماع إلى المواطنين في هذه الجائحة الوبائية، وملامسة انشغالاتهم وهواجسهم ومشاكلهم، وتقديم الدعم النفسي لهم حتى يتجاوزوا هذه المحنة. مبادرة محمودة تؤكد الحاجة إلى تشريع يفتح هذا الباب لاحقا لكل المواطنين الذين يقطنون في مناطق نائية ويحتاجون إلى المواكبة الصحية، العضوية والنفسية، وتعتبر الظرفية الحالية مقدمة لها، خاصة وأنها بيّنت نجاعتها من خلال الاتصالات التي ترد من هنا وهناك. (*) اختصاصية في العلاج النفسي والجنسي