حقا إن عبارة الإسلام السياسي تحمل بعدا إيديولوجيا بامتياز ،لكنها إيديولوجية سلبية غايتها التضليل، تضليل وعي الناس ومن ثمة استيلابهم واتخاذهم أدوات لتحقيق المصلحة الخاصة.وهذه المسألة واضحة جلية لا يختلف حولها اثنان ، وبالتالي لا تحتاج إلى نبش فيما وراء سلوكهم للكشف عنها واستخراجها .لكنهم ينكرونها وبحدة لدرجة أنهم ينسون زيفها وكذبهم فيسقطون في الوهم ،وبذلك يصدق عليهم قول الفيلسوف الألماني نيتشه ( الحقيقة أخطاء نسي الناس أنها اخطاء فسقطوا في الأوهام ) ،ولنا في الجماعات الإسلامية المتواجدة في بلادنا وعلى رأسهم حزب العدالة والتنمية خير دليل على ذلك . إن ربط الدين بالسياسة واتخاذه كأداة إيديولوجية للوصول إلى الحكم هي مسألة مضرة بالدين والسياسة في نفس الوقت . – مضر بالدين لأنها تشوهه بشكل كلي وعميق فتقضي على مهمته النبيلة المتمثلة في تكوين وخلق إنسان مؤمن ، نبيل ،عادل ،ثقي ، صادق ، خير ، زاهد في أمور الدنيا ، متشبث بالغيرية وبالإيثار والحلم ، مؤمن بالحقيقة ،نافر للكذب والزيف والبهتان والتضليل …إلى غير ذلك من الصفات الفاضلة التي ينص عليها هذا الدين ،ونعني به الإسلام بطبيعة الحال . – مضر بالسياسة لأنه يجعل منها عملا انتهازيا يدغدغ عواطف الناس وأحاسيسهم ومشاعرهم بغية إسقاطهم في التبعية المطلقة بدون وعي وبدون إدراك للحقيقة . من هنا يحتم العقل والمنطق والتشبث بالحقيقة وصيانة الوطن وحمايته منكل تضليل ،الفصل بينهما .هذا الفصل هو ما يسمى عادة بالعلمانية ، فصل غايته الحفاظ عليهما من أي تشويه وتضليل وبالتالي تحقيق الخير للعباد . لكن الإسلام السياسي في بلادنا شوه هذا الفهم ( فصل الدين عن السياسة ).ويدخل هذا التشويه في إطار عملهم الإيديولوجي الظلامي البشع، وتجربة البلاد مع هؤلائك الإسلاميين توضح صحة هذه الحقيقة ، فمنذ سنة 2011 ،سنة وصولهم إلى الحكم شهد المغرب أحلك أيامه على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية والأخلاقية أيضا ، مما يؤكد وبالملموس أنهم أناس غير مؤهلين لتسيير البلاد ،غير مؤهلين لممارسة العمل السياسي وأنهم لا يملكون مشروعا محددا مضبوطا متكاملا شموليا للمجتمع ، كما أن طابع الانتهازية طغى على سلوكهم ومجمل أعمالهم فكثرت فضائحهم وتفاقمت بشكل فضيع مما أدى إلى عزل عدد مهم من مهامه الوزارية . وإذا كانوا قد وصلوا إلى السلطة في مرحلتين انتخابيتين متعاقبتين راكبين مطية الدين فإن ضعف المستوى المعرفي والسياسي للكتلة الناخبة المصوتة،والظروف الاقتصادية الوطنية المتدهورة للبلاد ، ودعم القوى الغربية، ، والوضع الإقليمي ، كلها عوامل ساعدتهم على هذا الوصول. لكنهم الآن بدأوا يشعرون بالخطر المحدق عليهم نظرا لتغير كل هذه العطيات المساندة لهم في السابق ،ولظهور عامل جديد لم يكن في الحسبان ،عامل غزا العالم برمته إنه وباء كورونا الخطير . نعم منذ ظهور هذا الوباء في بلادنا أصيب هؤلائك الناس (لأنني أكره تسميتهم باسمهم ) بالدوار ،ولم يعودوا يعرفون ماذا يفعلون ،اختلطت عليهم الأمور لأنهم لاحظوا الإجماع الوطني لجميع المغاربة والتحامهم ملكا وشعبا في سبيل حماية المواطنين والمواطنات والحفاظ على صحتهم ، شعروا بأن البساط قد سحب من تحت أقدامهم فبدأوا يخبطون خبط عشواء ،أغلقت المساجد، المكان الآمن الذي كانوا يبتون فيه سمومهم ، غابت صلاة التراويح المناسبة المهمة لتمرير أهدافهم ،كما انقطعت عمليات الإحسان التي كانت مناسبات مهمة لاستقطاب المريدين ، ولم يبق لهم أي مجال آمن لممارسة أكاذيبهم ونشرها، فأصيبوا بالهلع والذعر، وبدأوا يبحثون عن منفذ يكسر هذا الجمود الذي تسببت فيه حالة الحجر الصحي هذه .منفذ يخرجون منه سمومهم القاتلة ، هكذا اهتدوا إلى ممارسة الخيانة ،خيانة الأمانة ،أمانة المجالس وبالضبط أمانة المجالس الحكومية وبذلك عملوا على تسريب مسودة مشروع قانون 20-22 .ملوحين بالدفاع عن حرية التعبير وإبداء الرأي وحقوق الإنسان بصفة عامة ، ناسين أو متناسين خطاباتهم إلى عهد ليس ببعيد، حول نبذ حقوق الانسان لكونها فكر غربي وأنها دخيلة على مجتمعنا الأصيل ،وأنها تساعد على الفسق وعلى إتيان المنكر وأنها بدعة و ضلالة ..إلى غير ذلك من التبريرات الواهية والتي لا أساس لها من الصحة ، نسوا كل شيء وخرجوا مالئين الفضاء الأزرق بالنعيق. لكن أقول لهم لن تفلحوا ولن تصلوا إلى مبتغاكم فالحقيقة واضحة وضوح الشمس في وسط النهار . نعم لقد شعرتم باهتزاز مراتبكم السياسية داخل المجتمع ، وخفتم من الإجماع الوطني من أجل حماية الوطن والمواطنين ،و هلعتم من بروز دور الدولة في تدبير أمور البلاد، ومن إيمان الجميع بدور المعرفة العلمية وتحطيم الخرافة التي كانت السند الكبير لكم في تنويم وعي الناس ، لكن الشيء المهم الذي أخافكم بشكل كبير هو دعوة الكاتب للاتحاد الاشتراكي إلى ضرورة تكوين حكومة وطنية لمواجهة أزمة ما بعد كورونا ، هالكم الأمر لأنكم أدركتم أنكم الخاسر الاكبر في هذه المرحلة لأن همكم الوحيد هو الاستفراد بالسلطة، ولذلك ظللتم تبحثون عن ثغرة أو منفد لخلق البلبلة والتشويش على الإجماع الوطني وبالأساس ضرب الاتحاد، ولن تفلحوا أبدا ولو لم يبق إلا اتحادي واحد على سطح هذه الأرض الطيبة . غدا ستنجلي الحقيقة لأن معالي السيد وزير العدل لم يرد أن يشوش على المواطنين والمواطنات حجرهم الصحي ، و أعطى وعدا بأنه سيدلي بتوضيحاته حول هذا الموضوع فيما بعد انتهائه، و أنه سيجيب عن جميع الأسئلة المطروحةإيمانا منه بالمصلحة العليا للوطن والمواطنين . وإن غدا لناظريه لقريب حيث سيتضح فساد هذا القوم أصحاب الإسلام السياسي .