استيقظت في ذلك الصباح وكل المؤشرات تقول أن الأمر يتعلق بصباح جديد لكنه لم يكن ككل صباح. في البارحة وبالضبط يوم 20 مارس 2020، جاء الخبر بإعلان حالة الطوارئ والأمر بالتزام المنازل وبالتالي فلا خروج متاح إلا لمن حصل من قبل على ترخيص. كل الإنسانية في جميع ربوع الكون انشغلت من قبل هذا التاريخ بمرض جديد وغريب، تصدّر جميع المنابر الإعلامية وحامت حوله إشاعات تجاوزت المحسوس إلى الغيبي، وتشعبت الطرق في التحليل و التعليل، وتاه معها حتى الخبراء منهم. لكن ما جعل صباحي جديدا ليس ككل صباح لا علاقة له بالكورونا وغيره من الأجناس المشابهة له، هو هاجس مخزون الدم وكيف السبيل إلى توفيره في ظل ظروف الطوارئ. اجتمعت مع الخبراء في مجال الدم، ففكرنا سويا وناقشنا، ثم خططنا واتصلنا وتواصلنا، لكن بكل صدق لم نر حينها أي بصيص للأمل. بدأ عدد المتبرعين يتناقص يوما عن يومن و بدأ معه مخزون الدم في التراجع ولا أمل يبدو في الأفق. اجتمعنا مع الخبراء مرة أخرى لتقييم الوضع والبحث عن حلول أخرى ممكنة، وبعد نقاش وجيز قررنا إخبار المواطن مباشرة ودعوته لأخذ المبادرة، وبحكم أننا لا نتوفر على كثير علماء التواصل والتسويق والاجتماع لمساعدتنا على إعداد مادة الإعلان، ارتأينا الاختصار وكتبنا يوم 24 مارس في صفحاتنا الفيسبوكية هذا التعليق «اليوم عدد المتبرعين 200 وما نحتاجه هو 800 متبرعا في اليوم». ما وقع في اليوم التالي لم نكن نتخيله على الإطلاق، فقد انهالت علينا الاتصالات من كل حدب وصوب. كل الإعلام تحرك نحو مراكز تحاقن الدم لينقل الحدث، وتحركت الجمعيات جماعات وفرادى، وتفاعلت مع النداء كثير من المؤسسات، بدءا بالأمن الوطني فالقوات المساعدة ثم القضاء، وغيرها كثير لا يسمح المجال بذكرهم . اصطف المواطنون في طابور طويل، مع توفير كل شروط الوقاية طبعا، بأبواب المراكز ينتظرون دورهم لساعات عديدة. استمرت الملحمة وأخذ عدد المتبرعين يرتفع بتوالي الأيام و ارتفع معه مخزون الدم ليصل إلى مستويات قياسية لم نعهدها من قبل في الأيام العادية. هذه صورة من صور الأمل المنبثق من صلب المحن وغيرها كثير، وكلنا أمل في غد أفضل لأننا في وطن خبر تدبير المحن والتحديات. الدكتور محمد بنعجيبة مدير المركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم