طقس الجمعة: جو مشمس مع أمطار خفيفة    معرض الفرس بالجديدة يواصل جذب الزوار.. و"التبوريدة" تلقى متابعة واسعة    إسرائيل تستهدف قياديا في "حزب الله "    جمارك عبدة تحرق أطنانا من المخدرات    هل تغيّر سياسة الاغتيالات الإسرائيلية من معادلة الصراع في الشرق الأوسط؟    بايتاس يُشيد بالتحكم في المديونية    انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي و"طرد البوليساريو".. مسارات وتعقيدات    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    مشفى القرب بدمنات يواجه أزمة حادة    طرائف وحوادث الإحصاء    "النملة الانتحارية".. آلية الدفاع الكيميائية في مواجهة خطر الأعداء    بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان    فاتح شهر ربيع الآخر 1446 ه يوم السبت 5 أكتوبر 2024    بذل عمل جديدة لعناصر الجمارك "توضح تراتبية القيادة" شبه العسكرية    المياه المعدنية "عين أطلس" لا تحترم معايير الجودة المعمول بها    رسميا: فيفا يعلن عن موعد انطلاق مونديال كرة القدم سيدات تحت 17 في المغرب    الحسيمة.. عائلة من افراد الجالية تتعرض لحادثة سير خطيرة على طريق شقران    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    إسبانيا على وشك خسارة استضافة مونديال 2030 بعد تحذيرات الفيفا    الملك يهنئ رئيس الحكومة اليابانية الجديدة    "مجموعة العمل من أجل فلسطين": الحكومة لم تحترم الدستور بهروبها من عريضة "إسقاط التطبيع" ومسيرة الأحد تؤكد الموقف الشعبي    مومن: قائمة المنتخب المغربي منطقية    أسعار النفط العالمية ترتفع ب 5 في المائة        "درونات" مزودة بتقنية الذكاء الاصطناعي لمراقبة جودة البناء    بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان    الركراكي: الانتظام في الأداء أهم المعايير للتواجد في لائحة المنتخب المغربي    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    الركراكي يساند النصيري ويكشف هوية قائد المنتخب    حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية تدخل شهرها الأخير    أخبار الساحة        أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    مهرجان سيدي عثمان السينمائي يكرم الممثل الشعبي إبراهيم خاي    قراصنة على اليابسة    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية    عبد اللطيف حموشي يستقبل المستشار العسكري الرئيسي البريطاني للشرق الأوسط وشمال إفريقيا    استدعاء وزراء المالية والداخلية والتجهيز للبرلمان لمناقشة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات    "جريمة سياسية" .. مطالب بمحاسبة ميراوي بعد ضياع سنة دراسية بكليات الطب    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    جائزة نوبل للسلام.. بين الأونروا وغوتيريس واحتمال الإلغاء    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    مؤتمر علمي في طنجة يقارب دور المدن الذكية في تطوير المجتمعات الحضرية    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    القطب الرقمي للفلاحة.. نحو بروز منظومة فلاحية رقمية فعالة        وقفة أمام البرلمان في الرباط للتضامن مع لبنان وغزة ضد عدوان إسرائيل    مندوبية طنجة تعلن عن منع صيد سمك بوسيف بمياه البحر الأبيض المتوسط    المغرب يشرع في فرض ضريبة "الكاربون" اعتبارا من 2025    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    دراسة: التلوث الضوئي الليلي يزيد من مخاطر الإصابة بالزهايمر    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرآن والغرب 1
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 24 - 04 - 2020

التفكير في النص القرآني، وشرحه وتفسيره وحصر معناه، ليس انشغالا عربيا؛ فقد دأب المستشرقون، ومعهم الدارسون القرآنيون، على محاولة تفكيك الخطاب القرآني وارتياد علومه ومباحثه ولغاته، وتحديد نوازله ومفاتيح فهمه، وذلك في مواجهة التيارات الدينية التي تحاول فرض أساليبها بمنطق استغلاقي واحتكاري وإيماني، لا يستقيم الآن مع تعدد المناهج وطرق البحث العلمية التي تنبني على التشخيص والتحليل والتدقيق والتمحيص واستدعاء القرائن العلمية المادية والتاريخية.
وبطبيعة الحال، إن لقاء الغرب مع القرآن لم يكن، في بدايته، علميا أو وديا، بل أملته، في البداية، شروط تاريخية عدائية تتصل بالصراع بين المسلمين والصليبيين، وكان مبعث الاهتمام الغربي بالقرآن هو الدحض والتغليط، وليس محاولة الفهم عبر إعمال المناهج العلمية. فكان أن “تمت ترجمة القرآن إلى الكثير من اللغات، واحتوت النصوص المترجمة على تشويه أحيانًا عن وعي، وأحيانًا أخرى عن غير وعي، ولكن هذه الأنواع من الترجمة حملت بداخلها أهدافًا وأبعادًا سياسية بالدرجة الأولى. ولأن القرآن يمثل جوهر الإسلام، فلم تكن محاولة الغرب تفسير وترجمة القرآن الكريم إلا محاولة لتفسير الإسلام، والشرق”، بحسب ما قاله الباحث علي عفيفي في دراسة له بعنوان: “موقف الغرب من القرآن الكريم”.
ويذهب بوريس بوكاي في كتاب له حول “الأفكار الخاطئة للمستشرقين” إلى الاستنتاج نفسه حين يقول: “وإذا أمعنت النظر في طرائق المستشرقين لترجمة القرآن، علمت بأنه من الممكن أن تحصل على واحدة يُطمأن إليها بين ترجماتهم”.
إن دراسة الترجمات الغربية للقرآن، وهي متعددة وبالعديد من اللغات، تكشف لنا عن أن هناك تحولات في تفسير النص بحسب هوية المترجم العلمية والدينية والإيديولوجية، وأيضا بحسب الزمن الذي تمت فيها الترجمة (هناك اختلاف في التعاطي مع النص بين القساوسة والرهبان والمؤرخين وأصحاب الدراسات القرآنية)، وذلك بقصد أن تفي بأغراض معينة، ذلك “أن كل مترجم هو أيضًا مفسر، ولا يمكن لتفسيره أن يجيء محايدًا أو موضوعيًّا، ولهذا جاءت كل ترجمة محكومة بقيود اجتماعية وحضارية وسياسية معينة، فقد تمت مثل هذه الترجمات من أجل خدمة مصالح وأهداف معينة، ويتضح ذلك من التغيرات التي طرأت على موقف الغرب من القرآن الكريم والإسلام، عبر العصور التاريخية المتطورة”. ولذلك، فليس من قبيل الإخلاص للنص القرآني ولمعانيه أن يكون “نص الحواشي” هو الذي يحظى بأهمية قصوى لدى هؤلاء المترجمين. فجاك بيرك يقول في مقدمة ترجمته للقرآن: “تعمقت من خلال دراساتي المتواصلة والمستمرة بحيث أكون في مستوى ترجمة النص، ولكي لا يحدث تقصير في النص الفرنسي الذي يتوخى تقديم القرآن بكل أبعاده اللغوية والروحية إلى لغة أخرى”.
لقد تمت أول محاولة لترجمة القرآن الكريم في القرن الثاني عشر في إسبانيا على يد الرهبان، إذ قام الراهب “بطرس المبجل” بالمحاولة الأولى لإزاحة ذلك الجهل الغربي بالقرآن، بهدف إعلام المسيحيين الغربيين بالإسلام، كمحاولة في مساعدة الإرساليات التي ذهبت لإعادة تنصير الأهالي في الأراضي التي أعيدت للمسيحية، ولهذا “عند زيارته لبعض الأديرة الأسبانية في عامي 1141 و1142، قام بإعداد خطة لدراسة القرآن الكريم، وترجمة الكتاب المقدس للمسلمين، وبرغم ادعائه أنه لم يغير شيئًا من المعنى إلا ليوضح النص، إلا أنه قام بحذف أجزاء بأكملها، وأخطأ في الترجمة، وأعاد ترتيب السور، وأضاف من عنده ليشرح السور المنفصلة ويصلها ببعضها البعض، واستخلص نتائج لا وجود لها ولا صلة بينها وبين القرآن الكريم البتة.
ثم ظهرت بعد ذلك ترجمة شبه كاملة للقرآن الكريم في القرن الحادي عشر الميلادي، وهي ترجمة إلى اللغة اللاتينية، اللغة الرسمية للإمبراطورية الرومانية. وقام بهذه الترجمة في مدينة طليطلة بالأندلس “روبير دي ريتين Robert de Retines”؛ بناء على طلب رسمي من بابا الكنيسة الكاثوليكية في روما خلال زيارته الأندلس ما بين (1141-1143م)، ولم تكن هذه الترجمة أبدًا، ترجمة مخلصة صادقة، وكاملة للنص القرآني، وبرغم عدم تداولها بسبب عدم ظهور الطباعة، إلا أنها ظلت الترجمة الوحيدة حتى القرن الرابع عشر الميلادي، حينما قام “ريمون ليل” بترجمة أخرى للقرآن إلى اللغة اللاتينية أيضًا، غير أنه بعد العثور على ترجمة أخرى باستانبول القديمة بتركيا عام 1543م في مكتبة القديسين المبشرين بالمسيحية بعنوان “القرآن أبيتوم Alcorani Epitome” تبين أن هذه الترجمة لم تكن الوحيدة، ولكن على ما يبدو ظل الجهل بالإسلام وبالقرآن منتشرًا في بعض البلاد الأوروبية إلى أن ازدادت الترجمات في عدة مدن أوروبية مهمة، وفي الأوساط العلمية في إيطاليا، وفرنسا، وهولندا، وسويسرا، حيث ظهرت أولى الترجمات المطبوعة باللغة اللاتينية في مدينة بازل لعام 1543م في سويسرا للمترجم “بيير دي كولني”، ثم إلى اللغة الإيطالية في فينيسيا لمؤلفها “أندريه ريجان” عام 1547م، والتي نسبت القرآن إلى الرسول محمد “، بحسب ما انتهى إليه الباحث علي عفيفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.