ظلت القابلة منذ فجر الاستقلال، تشتغل في ضبابية تامة من الناحية القانونية، فمهنة «القبالة» كانت تخضع لظهير شريف يعود إلى ستينيات القرن الماضي الذي أصبح متجاوزا ولايساير التكوين الذي تتلقاه القابلة (الإجازة، الماستر، الدكتوراه) من جهة، ومتطلبات القطاع والمواطنين من جهة أخرى. قانون 1960 لم يحدد بصفة واضحة، مجال تدخل القابلة، مما أدى في السنوات الأخيرة إلى مجموعة من المتابعات ضد بعضهن، وهذا ما جعلنا نقدم مقترح مشروع قانون ينظم مهنة القابلات لوزير الصحة على هامش برنامج تلفزي في شهر ماي 2012 ، حيث أعطى الوزير تعليماته للانكباب على هذا الملف ، وبعد سنتين، ها هو اليوم يخرج من رفوف الأمانة العامة للحكومة ويعرض على مجلس الحكومة في انتظار عرضه على الغرفتين. ويأتي هذا القانون في خضم عدة إصلاحات يعرفها قطاع الصحة، والتي باتت من الأولويات لما يعرفه وطننا من تحولات في المجتمع، و تماشيا مع توجهات واستراتيجية قطاع الصحة التي تجعل المريض أهم عنصر في المنظومة، ولهذا فنحن نعتبر أن القانون الحالي سيشكل حماية ليس فقط بالنسبة للمهنية، بل كذلك بالنسبة للمرأة والطفل، وبالتالي للأسرة والمجتمع. لقد أكد تقرير صندوق الأممالمتحدة للسكان على أن أكثر من 70 دولة أعطت أهمية بالغة لمهنة القابلة في مجال التكوين، تقنين مزاولة المهنة وتحسين ظروف العمل، وبهذا استطاعت أن تخفض بنسب كبيرة وفيات الأمهات والأطفال ببلدانها. وبلادنا على غرار باقي دول العالم، عرفت تحسنا في مجال التكوين، و هاهي تقنن مزاولة المهنة، وسنشتغل في الجمعية الوطنية للقابلات بالمغرب إلى جانب الوزارة الوصية، من أجل تحسين ظروف العمل، والتكوين المستمر، وتحسيس الأسر في مجال الصحة الإنجابية. ويضم مشروع القانون 13-44 الذي جاء لينظم مهنة القابلات في القطاعين العام والخاص ، عدة نقاط نذكر منها :تعريف مهنة القابلة، شرط التوفر على شهادة أو دبلوم في مجال القبالة، تحديد المهام الموكلة للقابلة والمتمثلة في الأعمال الضرورية ل «تشخيص الحمل ومراقبته، ممارسة التوليد غير العسير، توجيه النصائح، تقديم العلاجات، القيام بالمراقبة ما بعد الولادة للأم والوليد الرضيع، اللجوء عند الضرورة إلى الطبيب، والقيام بالإجراءات الاستعجالية الضرورية في انتظار التدخل الطبي، تخويل الإدارة حق تحديد الأعمال التي تقوم بها في مصنف عام للأعمال المهنية، تحرير شهادة الولادة». إضافة إلى تقنين مزاولة المهنة بصفة حرة بشكل فردي أو في إطار شراكة بين قابلتين أو أكثر في إطار عيادة أو دار الولادة، خاضعة لقانون الالتزامات والعقود، في محل مهني تستغله القابلة لاستقبال النساء الحوامل من أجل فحصهن وتتبعهن أثناء الحمل والقيام بالتوليد غير العسير، أو تقديم العلاجات لهم بعد الولادة. وكذا ضرورة إثبات صاحبات الدار توفرهن على أقدمية لاتقل عن ثلاث سنوات من الممارسة الفعلية للمهنة بمؤسسة صحية عامة أو خاصة، وتحديد المقتضيات المتعلقة بالنيابة عن القابلة صاحبة المحل المهني أو المسيرة لدار الولادة، في حال غيابها مؤقتا عن المزاولة، مع تحديد المهام الخاصة الموكولة للقابلة، فضلا عن تخويل الإدارة حق تحديد الأعمال التي تقوم بها في مصنف عام للأعمال المهنية، وتحديد شروط المزاولة، وتلك المتعلقة بالمحل المهني المخصص لمزاولة مهنة القابلة، مع تحديد المقتضيات المتعلقة بتفتيش هذه الأماكن التي ستزاول فيها القابلة مهنتها. ويمنع القانون كذلك على القابلات القيام بأعمال التوليد خارج المصحات أو دور الولادة، إلا أنه يخول للقوابل اللواتي يزاولن بصفة حرة إيواء «مواخض» في عياداتهن بالجماعات التي لاتتواجد بها مصحات أو دور للولادة».