استضافت مؤسسة «الفقيه التطواني» الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الأستاذ إدريس لشكر، حول موضوع الساعة: جائحة كورونا وتداعياتها المباشرة على بلدنا وعلى العالم، وآثارها بعيدة المدى على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والجيو- سياسية، والقيمية والفلسفية. وهي القضايا التي قاربها الكاتب الأول للاتحاد بكثير من العمق في التحليل، والوضوح في الرؤية، والواقعية في التشخيص، والشجاعة الفكرية والسياسية في المواقف من الدولة والمجتمع، سواء في العرض التقديمي أو في تفاعله مع الإعلاميين والأساتذة الباحثين المشاركين. لم ينح الكاتب الأول في حديثه إلى الرأي العام منحى الغموض والتبرير ونصف المواقف. لم يختر الهروب من الحقيقة، ولا دغدغة عواطف المتلقي، ولم يسع في أية لحظة إلى تمرير موقف سياسي حزبوي، ولا تصفية حساب مع أية جهة. وما ذلك بعزيز عن اتحادي أصيل تشرب قيم السياسة النبيلة على يد معلمنا الأول في الوطنية فقيدنا عبد الرحيم. قدم الكاتب الأول تشخيصا دقيقا وواقعيا للصعوبات المحدقة بمنظومتنا الاقتصادية والمالية، وواقعنا الاجتماعي، جراء توقف دورة الإنتاج، وتسريح العمال والمستخدمين، وإفلاس المقاولات، وغيرها من ارتدادات أزمة كورونا التي عصفت بدول ذات اقتصادات أقوى، وإمكانات مالية ولوجستيكية أكبر، ومنظومات صحية أكثر تأهيلا. إمكاناتنا محدودة بالقياس إلى دول عظمى تتفوق علينا اقتصاديا وماليا وعلميا، لذلك لا نملك، ونحن كذلك، إلا مزيدا من التعبئة الوطنية الشاملة لمواجهة الوباء وتداعياته المدمرة إن طالت الأزمة وتأخرت وسائل العلاج. وفي هذا الصدد، نوه الكاتب الأول بالاستراتيجية الوطنية في مواجهة الجانحة، سواء على مستوى التدابير الاحترازية المتخذة، أو على مستوى تدبير الخصاص من خلال إحداث صندوق تدبير الجائحة، الذي سارع المغاربة قاطبة إلى تغذيته، كل حسب طاقته وحسه الوطني والإنساني، أو على مستوى الخطة التواصلية التي نهجتها السلطات مع المواطنين والمواطنات، وأخيرا دعم الفئات المعوزة والأجراء الذين فقدوا مصادر رزقهم. ودعا الكاتب الأول إلى مزيد من اليقظة ومن وحدة الصف الوطني قاطبة، لنكون أقدر على الصمود والمقاومة إن طالت الرزية واستفحلت المحنة. وبقدر ما يجب تعزيز آليات التضامن تجاه الفئات الهشة، وجب التفكير في صيغ حماية ما استطعنا من دعامات الاقتصاد الوطني من مقاولات منتجة وقطاعات تضمن الشغل وتستجيب لحاجات السوق الداخلي. إنها إجراءات، يقول الكاتب الأول، أبانت عن حكامة جيدة وعن تدبير فعال للأزمة في إطار مؤسساتي، وفي احترام تام لمؤسسات الدولة بقيادة ملك البلاد، مما كرس هيبة الدولة وبرهن عن حاجتنا لدولة قوية بالمعنى الإيجابي والبناء والناعم للقوة، أي دولة المؤسسات الفاعلة القادرة على حفظ سلامة الوطن والمواطنين وضمان حقهم في العيش الآمن والكريم. وفي ما يخص ما بعد كورونا، أشار الكاتب الأول إلى أن مغرب ما بعد كورونا لن يكون مغرب اليوم، وكذلك العالم بأسره. أشياء كثيرة ستتغير في الاقتصاد والثقافة والمجتمع، وربما في القيم والسلوكات والعلاقات الإنسانية، وأن اسئلة كثيرة ستثار، وأن افكارا ومقاربات جديدة سترى النور. كورونا زلزال هز وسيهز ثوابت واقتناعات ومنظومات فكرية وسياسية وجيو سياسية. لكن، يجب أن ينصب تفكيرنا وجهدنا الآن على وقف الكارثة، حتى إن وصلنا شاطئ النجاة، جميعا، عكفنا آنذاك على استخلاص الدروس والعبر من أجل نموذج تنموي جديد أساسه خدمة الإنسان. ولا يمكن أن ننجح في صد الخطر الداهم إلا بتعزيز الإجماع الوطني، ولم لا ضمن حكومة وطنية.