مازالت فضيحة تحويل المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى المحتجزين بتندوف تثير امتعاض وتنديد العديد من الجهات والمنابر الأوروبية وفي هذا الإطار أكد الخبير السويدي مغنوس نوريل أن تحويل «البوليساريو» للمساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي، والذي كشف عنه مؤخرا تقرير للمكتب الأوروبي لمحاربة الغش، « قضية دنيئة» تعد مثالا حيا عن الكيفية التي يمكن أن يؤدي فيها نزاع معقد ( النزاع حول الصحراء) الى المزيد من الإجرام والفساد . وقال نوريل، أحد المستشارين الرئيسيين بالمؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية في مقال نشر في الموقع الإخباري « هافينغتون بوست»، إن هذه القضية الدنيئة برمتها والتي كشف عنها المكتب الأوروبي لمحاربة الغش « تمثل أحدث مثال حي على الطريقة التي يمكن بها لنزاع معقد أن يتفاقم ويقود إلى مزيد من الإجرام والفساد، وذلك في الوقت الذي تواجه فيه ساكنة المخيمات وضعية تزدادا صعوبة». وحسب الخبير السويدي، فإن تقرير المكتب الأوروبي لمحاربة الغش كشف عن « الروابط بين الجريمة المنظمة والإرهاب في غرب إفريقيا» . وأضاف أن التحقيق الذي أجراه المكتب يوضح كيف أن « قيادة البوليساريو المرتبطة بالجزائر ، تضخم من عدد سكان مخيمات تندوف من أجل الحصول على المزيد من المساعدات والاموال «، مشيرا إلى أن المواد الغذائية ذات الجودة العالية كالقمح الكندي، تباع بشكل علني في الأسواق فيما المواد الأقل جودة تقدم لسكان المخيمات . وأوضح نوريل وهو أيضا باحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن التقرير يقدم جردا للمنظمات والأشخاص الذين يقفون وراء هذا التهريب، ويتهم المتورطين في هذا النصب بوضع خطة معقدة تبدأ من ميناء وهران الذي تصل عبره المساعدات قبل نقلها نحو المخيمات جنوبا. وأكد الخبير السويدي أنه يتم بيع المساعدات بدل إيصالها إلى وجهتها المفترضة، مضيفا أنه تبين أن « الجزائر تستخدم سجناء أو أسرى حرب في عملية نقل المساعدات وتشييد بنايات ممولة من المساعدات». وأشار إلى أن « السلطات الجزائرية التي تؤكد أن 155 ألف شخص يعيشون في المخيمات ، رفضت في إطار دعمها للبوليساريو، إجراء أي إحصاء مستقل لساكنة مخيمات تندوف « مضيفا أنه « في سنة 2005 قدر المكتب الأوروبي لمحاربة الغش عدد هؤلاء ب90 ألفا، وهو ما يدل على أنه كانت لدى الاتحاد الأوروبي مسبقا شكوك حول عدد الأشخاص الذين يستفيدون من المساعدات الممولة من جيوب دافعي الضرائب الأوروبيين». وأكد الخبير السويدي أن المكتب الأوروبي لمحاربة الغش أوضح أن « أحد الأسباب التي جعلت تحويل هذه المساعدات ممكنا هو التقدير المبالغ فيه لعدد اللاجئين، وبالتالي لحجم المساعدات الممنوحة». وأبرز أن هذا التقرير أعد على أساس تحقيق أجري منذ سنة 2003 ، مضيفا أن المفوضة الأوروبية للميزانية كريستالينا جيورجيفا «أقرت منذ سنة 2007 خلال جلسة للبرلمان الأوروبي بأن الجهاز التنفيذي ببروكسيل لم يعتبر أنه من الضروري تعليق مساعداته واستمر في تخصيص عشرة ملايين أورو سنويا لسكان مخيمات تندوف التي تسيرها جبهة البوليساريو والجزائر «. وتابع الخبير السويدي الذي اعتبر أن نتائج التحقيق « محرجة بالنسبة للاتحاد الأوروبي» أنه تم «إقبار» التقرير لمدة سبع سنوات، ولم ينشر إلا في سنة 2014 بعد تدخل الوسيط الأوروبي. وشدد على أنه منذ أن أصبح الإرهاب مشكلة يتزايد حجمها في بلدان الساحل على الخصوص وفي شمال إفريقيا عموما، «أصبح البوليساريو أكثر تورطا في أنشطة إجرامية مختلفة كالتهريب «. والأكثر إثارة للقلق ، يضيف الخبير السويدي ، هو « أن النشطاء الإسلاميين قادوا عملية تجنيد واسعة في تندوف»، مذكرا بأن «وكالات الاستخبارات حذرت على مدى سنوات من المشكل الأمني المتنامي واتهمت الجزائر ( حيث تتواجد المخيمات) بالتراخي في التعاطي مع الخطر الإسلامي». وأوضح أن «هذه القضية تتجاوز كونها نزاعا بسيطا بين المغرب والجزائر، إنها مصدر قلق إقليمي لا يمكن معالجته بشكل فعال إلا من خلال تعاون إقليمي أكبر وهو خيار غير متوقع حاليا رغم مبادرات المغرب ومالي والنيجر التي تسير في هذا الاتجاه «. وخلص إلى أن هذه «القضية الدنيئة برمتها والتي كشف عنها المكتب الأوروبي لمحاربة الغش، تمثل أحدث دليل حي على الطريقة التي يمكن بها لنزاع معقد أن يتطور ويقود إلى مزيد من الإجرام والفساد وذلك في الوقت الذي تواجه فيه ساكنة المخيمات وضعية تزدادا صعوبة».