يبدو أن جائحة كوفيد 19، كان لها وقعها الخاص على حي سيدي مومن بتراب عمالة مقاطعات البرنوصي بالدارالبيضاء، من خلال تحرير أجزاء مهمة من فوضى احتلال الملك العمومي، كواحد من أكثر الأحياء التي تعرف تفشي الظاهرة على صعيد العاصمة الاقتصادية، حيث بات احتلال الملك العمومي فيه يثير سخط المواطنين بدون استثناء، لما أصبحت عليه الأرصفة من احتلال بالكامل من قبل عدد من أصحاب المقاهي والدكاكين التجارية، ومن طرف الباعة الجائلين والأسواق العشوائية، التي كان من الصعب جدا حتى التنبؤ بتاريخ إزالتها على المدى البعيد، فما بالك بالمدى القصير، نظرا لكثرة الشكايات المرتبطة بهذا الموضوع، والموضوعة رسميا لدى الجهات المعنية، من عمالة ومقاطعة وملحقات إدارية، بالرغم من بعض الحملات التي كانت تنظم بين الفينة والأخرى. وهنا يستحضر المتتبع ما قد سبق للمجلس الأعلى للحسابات في تقارير سابقة أن نبه لتداعياته في سياق مهامه الرقابية، حين لاحظ «تهاون الجهات المعنية في حماية الملك العمومي من الاحتلال غير المرخص أو تحصيل الجبايات المحلية المفروضة على الأملاك العمومية بشكل مؤقت»، كما أشار إلى أن العديد من المحتلين للملك العمومي يقومون بإشهار أنشطتهم التجارية والصناعية والمهنية، دون توفرهم على الترخيص الضروري. وبخصوص ضمان الاستعمال الجماعي تؤكد القوانين، التي من المفترض أن تكون سارية المفعول ومفعلة، على أن الإدارة مطالبة بحماية الملك العمومي من كل تجاوزات، وفي حالة التقاعس، فإن لكل مواطن الحق في متابعتها قضائيا بسبب المسؤولية التقصيرية، باعتبار أن احتلال الملك العمومي يعتبر فوضى غير منظمة، وتبقى مسؤولية تطبيق القوانين فيها من صميم اختصاصات السلطات المحلية، وعدم التقيد بالقوانين وتنفيذها يعد من بين الأعطاب التي تعرقل القيام بالإصلاحات اللازمة. من المؤكد أن الاجراءات الاحترازية للوقاية من تفشي فيروس كرونا كان لها دور كبير في تغيير العديد من السلوكات والعادات والمظاهر، التي كانت تبدو حتى وقت قريب أشكالا وأمورا مألوفة، حيث سرعت بتحقيق أمور كانت تحتاج وقتا طويلا لبلوغها، كما هو أمر تحرير الفضاءات المحتلة عشوائيا، ومن ثم ينبغي الحرص على عدم السماح بعودة مظاهر الفوضى مستقبلا.