أصدر الأكاديمي الفرنسي من أصل مغربي يوسف شهاب روايته الأولى بعنوان "لماذا جئت إلى فرنسا يا أبي" عرض فيها للأسباب التي دفعته الى الهجرة واكتشافه معنى المنفى الاختياري. ويعد هذا المؤلف (155 صفحة)، الذي قدم الأحد بالدار البيضاء في إطار أنشطة مجلس الجالية المغربية بالخارج في فعاليات الدورة ال 21 لمعرض النشر والكتاب بالدار البيضاء، بمثابة علاج نفسي باشره القلم لفائدة "مريض" هو بالتحديد مؤلف الرواية. وأوضح السيد شهاب، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الكتاب انبثق من تساؤل بسيط لبنته ماجدة التي ما تزال في عمر الورود عن الدوافع التي أملت عليه الهجرة إلى فرنسا، مضيفا أن هذه الرواية "شعاع شمس وسط برودة باريس" المدلهمة بالغيوم والتي تعاني من ظاهرة التلوث. وأضاف يوسف شهاب وهو أستاذ بجامعة السوربون باريس الثامنة أن هذا السؤال البسيط حمله على السفر زمانيا لتقفي آثار المهاجرين المغاربة بفرنسا منذ اربعينيات القرن الماضي، مبرزا أنه يتعين على أي مهاجر طرح هذا السؤال على نفسه لتهدئة نفسه أو بلسمة جروحه. وأبرز أن هذا الجرح الذي يحمل أسماء الهجرة والمنفى والرحيل عن الوطن يشكل برأيه تمزقا على مستوى الهوية وشعورا قويا بالذنب بشأن قدرة المهاجر على نقل الذاكرة والطابع المغربي والإسلامي والروابط المقدسة الذي تجمعه ببلد أسلافه المغرب. وسواء تعلق الأمر بالأدب أو الحياة الواقعية، يضيف المؤلف، فإنه يصعب سبر أغوار مرادفات الرحيل والمنفى والنوستالجيا، موضحا أن الرواية تقفت آثار المهاجرين المغاربة الذين وصلوا الى فرنسا في اربعينيات القرن الماضي للمشاركة في تحريرها من الاحتلال النازي، فضلا عن موجات المهاجرين في عقود الستينيات والسبعينيات للمشاركة في تشييد البنيات التحتية الفرنسية ونهوضها الاقتصادي، فضلا عن هجرة الطلبة. وبرأي المؤلف، فإن السؤال الحقيقي المطروح بالرواية ليس هو الدافع وراء الهجرة الى فرنسا وإنما الدافع الذي وقف وراء مغادرته للمغرب، مبرزا أن الجواب على السؤالين ليس هو ذاته. وتعالج الرواية أيضا الدوافع الشخصية والعامة التي أملت عليه الهجرة قبل عقود الى الديار الفرنسية التي كان يعتبرها "بديلا وجنة ومهدا للإنسانية" ليكتشف فرنسا مغايرة حينما حل بتلك الديار، فضلا عن سردها للحالة المأساوية والموت والقتل الذي تعرض له أفراد من عائلته بالعديد من الدول.