حلق طيف الراحل الكبير عبد الرحيم بوعبيد فوق فضاء رواق وزارة الثقافة بالبيضاء مساء أول أمس. حضور الراحل جاء على لسان جنود الإعلام الوطني من الرواد والمؤسسين لصرح الصحافة المغربية. والمناسبة التنقيب في خفايا جريدة فلسطين التي رأت النور ما بين سنة 1968 و1971 حيث كانت جسرا ربط النضال الوطني بالنضال القومي عبر القضية المركزية، قضية فلسطين. إلى جانب الفقيد، حضر طبعا الشهيد عمر بنجلون على لسان الصحفي والشاعر عبد الحميد اجماهري الذي أشار في معرض تقديمه لثلة من كبار رواد ومؤسسي جريدة فلسطين إلى أن عمر وغيره غربتهم القضية الفلسطينية كما غربت اجيالا كانت تتقن الفرنسية. ووصف اجماهري تجربة فلسطين الجريدة بأنها ذاكرة النضال الجميل والإبداع ولحظة الالتحام بالقضية المركزية للعرب وملهمة المثقفين. وأشاد اجماهري بمنظمي الحفل، واعتبر الخيمة، خيمة فلسطين، وكشف أن التجربة الإعلامية، اسسها الراحل عبد الرحيم بوعبيد رائد الانتقال الديمقراطي، وائتمن عليها محمد الوديع الأسفي ومحمد مؤيد وعبد الله بوهلال وعزيز الأسفي وغيرهم ممن حضروا وغابوا لظروف قاهرة. وكانت ملح الكلمة الأولى لعبد الله بوهلال الذي وصفه اجماهري بأنه قامة إعلامية ومسار رجل حنكته السجون والعذابات ولم ينحن. بوهلال كان مقتضبا إذ اعتبر التجربة غنية بكل معنى الكلمة، وقدمت دعما كبيرا للقضية الفلسطينية، كانت بحاجة ماسة إليه، واعتبر بوهلال أن القضية كانت تسري في دم المغاربة جميعا ،وكانت بوصلة للنضال العربي المشترك خاصة في السياق العربي الموشوم بهزيمة 67 وآثارها النفسية المدمرة للعقل العربي. بعد كلمة بوهلال، كانت الكلمة لجندي الخفاء في الإعلام الوطني والذي ظل يمثل ركنا داعما ومشجعا للصحافة المكتوبة وهي تتلمس طريقها نحو الانتشار والتعددية، إنه محمد برادة ،الذي بدا ملما بتفاصيل كثيرة و عناوين المرحلة والذي وصف تجربة جريدة فلسطين ومحتواها في حينه وكأنه وحي يكتب للمستقبل ومازالت عناوينها الى اليوم صالحة للقبض على الواقع العربي، ووصف السياق التاريخي للتجربة بأنه كان مغامرة محفوفة بالمخاطر، حيث كان زمن إحتكار الورق والطبع والتوزيع، اإذ لم يكن يكفي أن تكون لديك الامكانات لإصدارجريدة، والمرحلة كانت تشهد عددا قليلا من الجرائد الوطنية، موزعة بين الرسمية والتابعة للاحزاب. وأشاد محمد برادة،بدور الوديع الاسفي، الذي وصفه بأنه كان أهلا لقيادة مبادرة جريدة فلسطين، التي مثلت ?حسبه- مشروعا سياسيا وثقافيا، واجه الغزو الفكري والثقافي الأجنبي، وكان معدل قراءتها يتجاوز 100 فرد للنسخة بل إن احياء ومناطق كانت تمتح من نسخة واحدة. بعد برادة، كانت لأصغر عضو في تجربة فلسطين والذي وصفه اجماهري بانه سليل أسرة مناضلة جربت السجون والعذابات. الوديع اعتبر ان تجربة فلسطين جاءت في مسار من الاحتقان وفي سياق منع الصحافة الاتحادية وحالة الطوارئ وكانت تظهر منابر لملء الفراغ كتجربة الرائد. عزيز الوديع، الذي دخل التجربة طفلا يافعا كشف العديد من خفايا بحكم قربه من والده الراحل الوديع حيث كشف ان اسماء وازنة كانت تكتب بأسماء مستعارة مثل ابراهام السرفاتي الذي كان يكتب تحت اسم حدو والمديني وعبد القادر الشاوي كما نذكر المناضل عياش وتيغزري وغيرهم واعتبر الجريدة وردت في سياق الفعل النضالي الوطني خاصة وأنها تزامنت مع اختطاف المناضل أحمد بنجلون رحمه الله وسعيد بونعيلات. وقد تضامنت الجريدة معهما فكان أن نشرت صورة لسعيد بونعيلات بمعية محمد الخامس في إشارة الى طينة ودور المعتقلين في الكفاح ضد الاستعمار وبناء الدولة. اسماء كثيرة، تدخلت في أمسية فلسطينية مغربية ربطت الماضي بالحاضر في التعاطي النضالي المغربي مع القضية الفلسطينية.