ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدونيس: ملهم الشك

ولد أدونيس سنة 1930،شمال سوريا من أسرة علوية.اسمه الحقيقي، هو أحمد سعيد إسبر.لم يتجاوز عمره 17 سنة، حين انضم إلى جمعية الشعراء الرسميين، التي أنيطت بها مهمة الاحتفال بالرئيس السوري شكري القوتلي،الذي أعجب بأدونيس، عندما أنشد أمامه بعض المقاطع الشعرية،فقرر مكافأته بدفع مصاريف دراسته.
هذا الولوج نحو دواليب السلطة،لم تجعل من أدونيس شاعرا للبلاط،بل على العكس سيعتقل سنة 1955 ،بسبب انتمائه إلى الحزب الوطني السوري وفراره نحو بيروت،حيث أسس مجلة «شعر» وبعد ذلك «مواقف» التي توقفت.
سنة 1980،ومع استمرار الحرب في لبنان،اضطر أدونيس الالتجاء إلى فرنسا،حيث استقر هناك بشكل نهائي، بعد أن أصبح ممثلا للجامعة العربية داخل اليونسكو.
على امتداد كتاباته،سينهض أدونيس بمشروع مزدوج : تجديد القصيدة العربية، وفي نفس الآن يطالب للكيان العربي بمساحات للحرية.بخصوص المستوى الأول،فقد أراد رد الاعتبار للتقليد الذي ساد الفترة السابقة عن الإسلام،المرتبط بالتماس «حقيقة لانهائية»،متوخيا «تجديدا يقوض» القصيدة العربية، بوضعها أمام الإبداع الشعري الغربي،فعمل على ترجمة بودلير وهنري ميشو وسان جون بيرس إلى العربية،ثم أبي العلاء المعري نحو الفرنسية.
فيما يتعلق بالمستوى الثاني،حمل أدونيس لواء مناهضة الظلم والحرب والدفاع عن الديمقراطية،منتقدا نخب المنطقة التي ارتضت لذاتها ثقافة الهروب.لايتوقف، أدونيس عن استفزاز المتطرفين،بإعلانه رفضه للحجاب،ومناهضته للعقول الضيقة والتقاليد المنغلقة، ثم الطوق الحديدي للكلام الموحى به،وكذا فكرة إله يؤسس خطابا «لا إنسانيا»،ثم حول مجرى الصلاة عن قصيدتها الحقيقية،ألا وهي الحياة.
لايمتثل أدونيس، لتعاليم أي دين،وهو اسم مكروه جدا من قبل الأنظمة الديكتاتورية،والوجه الكافر عند الإسلاميين،ثم الشاعر المزعج جدا عند سدنة الفكر الوحيد. غير، أنه لا يبالي، بل تسكنه باستمرار قناعته :((إذا توخينا قول الحقيقة، فلا ينبغي أبدا الالتفات إلى الخطر).
{ كيف تصف لنا حالتك الفكرية الراهنة؟
جيدة، لست سعيدا ولا حزينا،ببساطة أشعر أني على مايرام.
{ بفضل أو رغما،على الربيع العربي؟
تعلمون ،أني دعمت منذ البداية ذاك الربيع العربي الشهير،وكتبت الكثير بهذا الخصوص،لكني عدلت فيما بعد.اليوم،أعتقد أن الربيع العربي انتهى تاركا مكانه لثورة الأئمة، وكذا التحطيم الذاتي للعرب من طرف العرب والمسلمين من قبل المسلمين،وكذا انبعاث الصدى الإسلامي القديم،بخصوص الفتح، وما يقتضيه من فولكلور حول الغزوات والإتاوات وأسواق العبيد.
{ لهذا لم تتخذ موقفا واضحا من الربيع السوري؟
لايمكن الدفاع عن النظام السوري.لكني، أخبرت أيضا هؤلاء المشتغلين بالسياسة،أنه عليهم الاختيار بين الدولة الإسلامية و بشار الأسد. من جهتي،انحزت إلى جوار أشخاص فضلوا مسارا ثالثا،واشتغلت وفق هذا التصور مع المتواجدين في باريس وسوريا،الذين يراهنون على العلمانية والتحديث والتشبيب.هدف ،شكل جانبا ضمن سعي أكثر عمومية يلزمني باعتباري مثقفا، إعادة قراءة التاريخ العربي.من ناحية ثانية،وعندما نقرأ مجددا بثقابة ذهن،ذلك التاريخ،فلن نشعر بالاندهاش حيال مايجري حاليا،مادام في حقيقة الأمر لم يتغير أي شيء،فالحرب داخل الإسلام،لم تتوقف ولايبدو أنها على وشك التوقف.أخشى، أن يكون الربيع إشارة عن تحلل العالم العربي، وليس إعادة بنائه.
{ ها أنت تبدو فعلا قلقا؟
قد لا أكون كذلك، وسط عالم عربي حقير وفارغ؟عالم عربي، لايملك شيئا.تكمن مشكلتنا، في هذه النخب الغائبة ولا تريد أن تفهم أننا نعيش مرحلة انحطاط شاملة، وانتهاء للحقبة العربية.مصدر مشكلتنا،أن بلداننا تملك ثروات لايمكن تصورها، دون أن تكون لها جامعة واحدة، أو مركزا للبحث، ذائع الصيت،وتدير أمورها بمؤسسات مهجورة. هكذا، صار الانتماء إلى العالم المعاصر، إهانة.
{ ماهي مؤاخذاتكم على العرب؟
أولا ثقافة قائمة على تصور للسلطة،مرتبط بالمال والقبيلة مع انعدام كل مفهوم للديمقراطية،وضع دشنته الأزمنة الأولى للإسلام.فبعد وفاة الرسول، اقترح صاحبه ابن عبد الله الأنصاري على الخليفة المقبل عمر كي يقتسم «ديمقراطيا» السلطة بين القبائل: (أمير منا، وأمير منكم). فأجاب عمر: (مستحيل، لن يكون الخليفة، إلا قرشيا) ،بمعنى أقام عمر بصيغة من الصيغ،منظومة الحزب الوحيد،الوضع الذي استمر إلى وقتنا الحالي.لم ينجح العرب في خلق دولة واحدة مواطنة،بل فقط أنظمة تنهض على تحالفات عشائرية،لاتتحدد معها قيمة الفرد بصفاته الإنسانية،ولكن بلونه الإتني والديني وعلاقته بالزعيم،فالمنطق الداخلي للمنظومة العربية، قائم على الولاء.العالم العربي،يلازمه طاعون سوسيولوجي وإثني.التاريخ العربي،هو تاريخ للسلطة وليس الوقائع وتاريخ الحاكم بغير الشعوب،ثم دون أن أتكلم هنا، عن غياب نصف كبير من المجتمع.
{ تقصد النساء؟
بالتأكيد،فمن المخجل الحديث عن بلدان ديمقراطية، في ظل غياب النساء.إذا لم تتحرر المرأة، من قانون الشريعة سيظل المجتمع العربي سائرا على قدم واحدة،ولن يحقق الإنسان قط وجوده الكامل.مع غياب امرأة متحررة،لا يمكننا ادعاء الديمقراطية أو الحرية.في الحقيقة، الإنسان هو المستعبد بين طيات واقعنا،مادام يفتقد لأنا خاصة،مستلب جراء وصاية الثقافة الدينية،ويستعيض عن حرمانه بالهيمنة على الجنس الآخر،مما يحيلنا على طب الأمراض النفسية.بهذا الخصوص،يمكننا القول أن الثقافة العربية،ظاهرة للطب العقلي والنفسي،بحيث لاتبقي سوى على صلة ضيقة مع رؤية موضوعية وسليمة للواقع،لذلك فلا تيار المرزوقي أو السيسي أو بشار،من سيصنع شيئا كبيرا، فلا فرق بين هؤلاء.
{ لديك خاصة مشكلة مع الأنظمة السياسية؟
لا، فلا أريد بالضبط أن أخلق حولي انطباعا بكوني أتعارك مع الأنظمة، بل أتوخى على العكس مجابهة الأمور في بعدها العميق.لنأخذ العربية السعودية: هل بوسع بلد لا يتوفر على دستور،أن يغير العالم العربي؟هل بإمكان،قطر تطوير العالم الإسلامي؟ هل، لتركيا القدرة على إنقاذنا،مع أنها لا تقدم اليوم لا فنا كبيرا أو فلاسفة كبار،لكن فقط المال والجيش. تركيا، هي من سحقنا نحن العرب،لمدة أربعمائة سنة فشوهت ثقافتنا وقوضت لغتنا؟ من جهة أخرى،لاأستوعب ما الذي يتطلع إليه الفلسطينيون حتى اللحظة، عند هذا الطرف أو ذاك.شعب، يكابد الاحتلال والتشرد والتقتيل، فشكل وضعا استثنائيا في التاريخ، فأين هم العرب؟ إنهم ينفقون الملايين من أجل تسليح المرتزقة، في سوريا والعراق، فلماذا لاتمنح إلى الفلسطينيين؟ لا أخد، يجيب.في النهاية، التصدع الحقيقي بخصوص هذا النزاع،لايقوم بين العرب والاسرائليين، لكن بين العرب أنفسهم، بالتالي يجب على الفلسطينيين الصراخ في وجه هؤلاء: أتركونا في سلام.
{ أيضا، يتحتم على الفلسطينيين الاتفاق فيما بينهم؟
صحيح، البيت نفسه مقسم، لكن ينبغي الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، ماداموا يعيشون الاضطهاد،لأن المبدأ يشير إلى ضرورة مساندة المضطهدين. لكن،لما يتأتى لهم في يوم من الأيام، تأسيس دولة، فسأكون أول الواقفين ضد حماس.
{ هل يملك الغرب مسؤولية في هذا التحلل؟
يستحيل التفكير في العالم العربي،ونحن نغض النظر عن الغرب، لاسيما إسرائيل وأمريكا، اللذين يشكلان جانبا متكاملا،في صنع سياسة المجتمع العربي.لقد أضحينا ممتلكات خاصة لهم،وتوصلوا إلى هذه الفكرة الشيطانية العجيبة،لما فهموا القاعدة التالية :عوض السيطرة على العرب خارجيا، بوسعنا أن نفعل ذلك داخليا.لقد استطاعوا النجاح في بلورة سعيهم،على امتداد جميع بلداننا،وتكريسهم لمشهد إقليمي يشكل جانبا ضمن مشهد عام،فالمحاولة التي تتوخى وضع العالم العربي تحت الهيمنة،ليست إلا بداية، ارتباطا باستراتجية أكثر شمولية تستهدف الصين وروسيا.
{ أنت بصدد السقوط مجددا في نظرية المؤامرة، العزيزة جدا على العرب؟
هذا يتجاوز المؤامرة،هي استراتجية عالمية،والعرب على رقعة الشطرنج،وإلا كيف نفسر مثلا تواجد الإرهابيين في تونس- مع إدراكهم الجيد،أنهم لن يصلوا أبدا إلى السلطة- إذا لم يكن ذلك مستندا على سياسة شاملة لتقسيم المنطقة العربية والزج بها نحو الفوضى؟ كيف نرى كل هذا السلاح، الأكثر تطورا، لدى تنظيم داعش، لو لم يكن وراء ذلك قوى كبرى؟ فالعرب وأموالهم مجرد رهينة في يد الغرب،الذي يريد حقا متى ظل ذلك في صالحه، عدم الالتفات إلى انتهاكات حقوق الإنسان وكذا التجاوزات في حق الشعوب العربية.
{ حين الإنصات إليك وكذا قراءتك، نحس بأن لديك أيضا إشكالية مقدسة، مع كل ما يتصل بالدين؟
نعم لدي مشكلة مع الديني، لأسباب عدة: أولا ولدت وسط نسق ديني، هذا يزعجني ويخلق لدي الانطباع كما لو أني محتجز وسط فخ.ثم، إن هذا الدين، يخبرني أن أطروحاته نهائية ولا أحقية لأخرى، فالإنسان ليس بوسعه إضافة أو تغيير أي شيء، بل عليه مجرد الخضوع.يقال، بهذا الخصوص: (إن من يبدي برأيه في القرآن، هو خاطئ ولو كان صائبا). أخيرا،لايوجد موقع داخل الإسلام، ل »الأنا» وللذاتي. لا يتجلى الفرد أبدا،ككائن للحرية وكذا إمكانية التعبير. الله نفسه، أخبر بما يريده من خلال رسوله.العالم الديني، عالم منغلق،بدون فردانية ولا موضوعية ولا حرية.الديانات، تناهض أساسا وجذريا،الحداثة.لهذا، لم تنتقل أوروبا إلى الحداثة، إلا بعد فصلها الكنائس عن الدولة.تصور، لايعني أني ضد الإسلام كعقيدة، فلكل شخص الحق كي يؤمن بما يريد،لكني أرفض الديانات.
{ هل تتعارض أيضا الديانة الإسلامية مع حرية الإبداع؟
هل بوسعك،الاستشهاد بشاعر عربي واحد،يمكننا وصفه ب»شاعر إسلامي كبير»، مثلما نقول عن كلوديل Claudel، بأنه شاعر «كاثوليكي عظيم»؟. بالنسبة لوضعنا،يستحيل أن تكون مؤمنا وفي ذات الوقت شاعرا كبيرا،لأن إيماننا لا يسمح بحرية الشاعر الضرورية.نفس التأويل، ينطبق على الجانب الفلسفي، فلكي يستطيع الفيلسوف أن يكتب يلزمه الخضوع لنفس التمرين الإجباري : التوفيق بين العقل اليوناني والإسلام.كيف يمكننا إطلاق وصف حضارة،على فضاء يكون في إطاره الفيلسوف،ملزما بالتكلم من منظور الدين وتحت سقفه ؟لذلك، وللتخلص من هذا المأزق، سيغير المتصوفة مفهوم الله،بحيث حولوه إلى قوة محايثة وليس خارجية، ثم حددوا مفهوم الهوية كخلق دائم ومعطى مستقبليا،بدلا من كونه وصية تتأتى من الماضي،واعتبروا مفهوم الآخر عنصرا مؤسسا للذات،كل ذلك كي أدعو إلى التفكير ثانية في الصلة بين الدين والفكر،ثم الدين والإنتاج الأدبي والفني،ينبغي إعادة التفكير فيها، داخل الإسلام.وفق هذا التوجه، بدأت أشكك حتى في مفهوم «الحضارة الإسلامية»،وأنعته بالإشكالي.
{ ماذا ينبغي القيام به، من أجل إعادة بناء العالم العربي-الإسلامي؟
جميع الشعوب، التي أنجزت خطوة إلى الأمام،استطاعت ذلك لأنها أعادت النظر في تاريخها وتراثها، وحققت قطيعة مع ماض لايستجيب لمقتضيات الحاضر. أما نحن العرب،فلا زلنا نواصل أخذ الماضي باعتباره مرجعية مطلقة، والنظر إلى الحاضر على ضوء الماضي ،وهو مايسمى بالتحطيم الذاتي. لقد أصبح الإسلام ديانة بدون ثقافة،والعرب جماعة ليس لها من بضاعة، غير الإسلام.فيما مضى كانت هناك ثقافة مقارنة معنا،لذلك نعيش انحطاطا على جميع الواجهات،وحداثتنا قابعة وراءنا،ولكي ننتشل ذواتنا من هذا الوضع، ينبغي الانكباب على طرح الأسئلة الجوهرية :ماذا نعني بالإسلام؟ماذا نقصد بالحضارة الإسلامية؟كيف نعيد قراءة الدين؟.
{ الذين ننعتهم ب»مفكري الإسلام الجدد»،كرسوا مشاريعهم لقراءة الإسلام على ضوء الحداثة؟
أحترمهم جدا،ولاسيما محمد أركون.لكنهم،لم يلامسوا الجوهر،بحيث لم يسائلوا النص القرآني نفسه،وبقي عندهم الإسلام مرجعا يحيلون عليه.في حين،لايكفي اعتبار القرآن نصا تاريخيا وقراءته كما هو،لكن مساءلته وإخضاعه إلى التحليل.لقد كشفت ذات يوم، عن هذه الرؤية إلى أركون،فأجابني: (أتريد منهم أن يقتلونني).
{ لأن القرآن يمثل لدى المسلمين نصا إلهيا،لايتحمل أي ارتياب أو تشكيك؟
القرآن كتاب إنساني،ثم كونه يمارس تأثيرا حتى على الذين لايفهمونه ويستظهرونه مع ذلك،يدل على أنه كتاب كبير.
{ التفسيرات العصرية، تؤكد أن الإسلام متسامح،وقابل للتماهي مع الديمقراطية؟
وأنا أجيب،بأن التسامح ينهض على العنصرية،فهي طريقة كي تعلن إلى غير المسلمين: (نحن نمتلك الحقيقة، لكننا نريد فعلا، قبول الإنصات إليكم). يريد الكائن البشري، المساواة وليس التسامح.أما عن الديمقراطية، فقد تكلمت سابقا عن الموضوع،وأعتقد مرة ثانية، أنه لا يكفي إعادة قراءة تاريخنا،بل صياغته مجددا مع التخلص من ترسخ بنية الديني، مع فصل الديني عن السياسي والمجتمعي والثقافي.فأن يشكل الإسلام،احتياجا روحيا عند أناس مؤمنين، يعتبر أمرا عاديا ومقبولا،لكن المطلوب هو الكف عن تحويله إلى مؤسسة سياسية وفرض ذلك بالقوة.يجب، تبني قراءة جديدة، تستحضر قيم الحرية بالنسبة لفرد- مواطن، له الحق في الاعتقاد بما يريد،مع السعي إلى مجتمع يحكمه قانون مدني.بمعنى ثان،ينبغي النهوض بثورة في العمق،بينما ما نقوم به حتى الآن يقف فقط عند السطح ومنها قضية الربيع العربي.على النقيض، ينبغي تغيير ركائز المجتمع والعائلة والمدرسة والجامعة والثقافة.
{ كيف تحدد موقعك بالضبط؟
أنا إنسان حر،غير متدين،أومن بالحب والصداقة والإبداع.
{ وربما، ملحد، شيئا ما؟
لاأريد توظيف الكلمة،لأنها بدورها دينية.
{ لقد أنجزنا نصف هذا الحوار باللغة الفرنسية، هل ستصدر في يوم من الأيام عملا بهذه اللغة؟
لا،مادمت لايمكنني امتلاك جلدين ولا والدة برأسين.اللغة الوحيدة للقصيدة،هي لغة الأم، أي ما تمثله العربية بالنسبة إلي.للإشارة، يقال عنها بأنها لغة في طور الموت.ربما،لكني أعشق الكتابة، بلغة تحتضر.إنها لغة جميلة جدا، والعرب لا يستحقونها،فلا أرى حاليا، أي عربي، يتقنها.
{ أنت بصدد خلق مزيد من الأعداء؟
أحب أن يكون أمامي أعداء، شريطة أن يكونوا أصحاب قامات.لكني، ألح وأضع توقيعا :لا يقدم العالم العربي حاليا، تجربة مهمة على المستويين الفلسفي والأدبي، مقارنة مع الفن التشكيلي مثلا. أدباؤنا ومفكرونا،ينجزون أشياء صغيرة،لا تثير الاهتمام، ولم يعمل أي شخص على تثوير اللغة، أو بلورته لمشاريع تقطع مع ل:  bla bla bla، حول الدين والله والجنس.تكتب اللغة العربية، ويتم الدفاع عنها من طرف أشخاص عاجزين حتى عن قراءة ما يكتبونه. لا أنفي وجود مواهب، لكنهم يعيشون في أوروبا، حيث شيوع ثقافة وميتودولوجيا وتقليد، تحفر لهم القنوات وتدرك كيفية تحفيزهم. أما عندنا، فالشعل فردية، تنتهي إلى الإخفاق،وعوض أن تتشجع وتتألق، تنطفئ.نحن، لا نتمثل فعلا لبنات العمل، بناء على مساره المبدئي،بل كل شيء عندنا سهل.
{ وماذا عن المواهب الشعرية؟
زمن قصيدتنا، يمتد إلى ألفي سنة،بهذا المعنى وقياسا لهذا المجال، فنحن المعاصرون الأكثر قدما، مع ذلك إذا طلبت مني أن أذكر لك ثلاثة شعراء معاصرين،يتمتعون بقيمة عظيمة،فسأتردد،لأنه يستحيل العثور على نظير للمتنبي،الذي أبدع لغة الحاضرة ضدا على لغة البادية،أو شاعر كأبي نواس صاحب منجز مزج بين الشعر والفكر،فكل قصيدة كبيرة تتأسس على الفكر.سأطرح عليك مثالا: ليس هناك شعب تألم ويتألم كالشعب الفلسطيني،لكن في المقابل، لم يتبلور إنتاج في مستوى هذه التراجيديا.لم، أعثر عليه.
{ يعتبر محمود درويش شاعر القضية الكبير؟
(يصمت أدونيس،وقد حرك رأسه،بكيفية توحي بعدم اتفاقه).
{ وماذا عن جائزة نوبل؟
أفضل عدم التطرق إلى هذا الموضوع،والمهم هو استمرار الإبداع.
هامش: La revue numéro 49;Février;2015.PP.9;13.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.