وكأن المدينة ضاقت بسكانها فبدت معبرا للزوار ليس في البر من فسحٍ وشوارعُها شربت رمل أحقادها فاعتراها السواد لتعيش المدينة أضدادها بين عين الذئاب الفسيح بحارا الى سيدي مومن يحتمي بالفراغ تلونه واجهات الطلاء لتمر على مهل عربات الترام ناطحات السحاب تنافسها مدن البؤس ونظل نباهي مداركنا بالعناد كانت الدار بيضاءَ لم يكتنفها السواد كنت عاشقَها يوم كانت تقاسمني لذة الانتماء هي داركَ حتى وإن كُسيت بالحداد فقفوا نبْكِ هذه المدينة قد شربتها البرودة عبر الزمان يسكب الماء حزنا تسلل عبر شقوق الشُّرَف والأنين تمادى إلى فجوات الغرف تتآكل فيها البنايات تلفظ أحجارها ويراد لباقي الزرائب أن تحتفي بالبهاء ذات عامْ ملأت جثث الأبرياء شوارعَها والسماء البخيلة بالغيث تمطرها بالرصاص لم يعد بالقبور اتساعٌ فصارت خنادقَ تستوعب الجثث القادمة ربما ستكف السواقي غناء يهاجر هذا اليمام الى موطن باحثا عن أمان لنُشيّدَ مسرح أوهامها وبدون ستار ! *من ديوانه الأخير «ترتوي بنجيع القصيد»