تمر جميع المؤسسات التعليمية، وكذا الداخليات، بإقليم خنيفرة، هذه الأيام، من حالة احتقان شديد جراء انقطاع الماء الشروب عنها بسبب عجز الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين عن تسديد ما بذمتها من فواتير لصالح المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، ما خلف استياء واسعا في أوساط التلاميذ وأوليائهم، وعموم المراقبين للشأن التعليمي والمتدخلين والفاعلين، الذين أجمعوا، في تصريحاتهم ل «الاتحاد الاشتراكي»، على وصف الأمر بالمهزلة التي لم تكن متوقعة في وقت تتعالى فيه شعارات جودة التعليم والمدرسة العمومية والمخطط الاستعجالي، مع صعوبة إنكار أهمية الماء والكهرباء باعتبارهما من الأولويات الضرورية. ولعل أزمة الماء كانت أكثر صعوبة على مستوى الداخليات، حيث نزيلات ونزلاء هذه المرافق جمعتهم الكثير من المعاناة القاسية، وظروف قضاء حاجاتهم في مراحيض من دون ماء، أو بعد البحث عن هذه المادة الحيوية خارج أسوار المؤسسة، وكاد الوضع أن يشعل فتيل الاضطرابات والاحتجاجات لولا تدخل السلطات الإقليمية والمحلية التي تمكنت من إقناع المكتب الوطني للكهرباء والماء بالعمل على إعادة الماء للداخليات، على الأقل، من باب تفادي أي توتر محتمل قد يؤثر على دورها في إيواء المنحدرين من العالم القروي، وفي الحد من الهدر المدرسي. وبينما أكدت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن النيابة الإقليمية للتربية الوطنية تعيش بدورها نفس الأزمة، لم يفت مصادرنا بالمؤسسات التعليمية وصف حال مؤسساتهم جراء انقطاع الماء الشروب، سيما محنة التلاميذ الذين يحتاجون للشرب أو للدورات المياه (المراحيض) التي أضحت متعفنة وملوثة وكريهة بصورة لا تطاق، مع ما قد يشكله ذلك من تهديدات صحية، بالأحرى الإشارة للمؤسسات التي يتجاوز عدد تلامذتها الألف، ومنها التي يقوم تلامذتها بجلب الماء في «البيدوات» عبر مشاهد غير معقولة، وكم تتشابه الحالة المؤسفة على مستوى المؤسسات الإعدادية والثانوية وحاجتها هي الأخرى للماء في الشرب والمرافق الصحية والمختبرات العلمية. وفي ظل هذه الأزمة «المفتعلة» أبدى العديد من العاملين بالمؤسسات التعليمية استغرابهم لعدم تخطيط المسؤولين على قطاع التعليم لتفادي الوقوع في هذه المعضلة التي جاءت من حسن الحظ في فصل بارد وإلا كان الوضع أكثر اختناقا، ولم يمر الوضع دون تساؤل الكثيرين حول ما إذا كانت المعضلة ناتجة عن سوء مَّا في تهاون الوزارة الوصية أو في التدبير المالي بالأكاديمية، والتأخر عن صرف السيولة للنيابات التابعة لها، ما انعكس سلبا على السير العادي للمدارس والثانويات والداخليات، مع العلم أنه في أوقات سابقة تطورت الأوضاع إلى حد قطع الكهرباء، ثم قطع الانترنيت عن المدراء، قبل أن تمتد لعنتها إلى حياة المطاعم المدرسية. المعضلة التي وصفها بعض المديرين ب «الحالة الطارئة» التي تستوجب التدخل الفوري، أكد عدد من المراقبين أن الوضع، بخصوصها، مرشح للدخول في أجواء من التوتر ما لم يتم تدارك الأمر، على أساس أن المشكل قد يفقد ثقة الجميع في قطاع التربية بالرغم من الإنفاق الهائل من ميزانية الدولة على هذا القطاع.