تسربات المياه المطرية إلى مراقدهن كانت كافية لإجبار نزيلات دار الفتاة بثانوية طارق التأهيلية بخنيفرة، وعددهن 112 نزيلة، على النزول للشارع في مسيرة سلمية، إلى حين مقر النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، حيث صدحت حناجرهن بعدة شعارات غاضبة نددن فيها ب «الأوضاع المتردية التي تعاني منها هذه الدار»، والمتجلية أساسا في التشققات والتصدعات وانعدام قنوات الصرف الصحي، فضلا عن مشاكل أخرى سبق للنزيلات أن احتجن ضدها، خلال بداية أبريل الماضي، ومنها أساسا الانقطاعات المتكررة للماء الشروب، فضلا عن قاعة الاعلاميات التي تم استغلالها مقابل حرمان النزيلات منها، وتأخر المسؤولين في إصلاح النوافذ والرفوف، ثم مخاطر تسربات الماء إلى الخطوط الكهربائية، إذ لم يفت المحتجات التذكير بانفجار كان قد حدث جراء ذلك بالخطوط الكهربائية. ويتعلق الأمر بدار الفتاة (داخلية) بثانوية طارق التأهيلية، شيدتها مؤسسة محمد الخامس للتضامن، وتم تدشينها خلال الزيارة الملكية للمدينة عام 2008، في حين تتكلف النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بالمنح المخصصة للنزيلات، لتصبح بذلك قسما داخليا، وفي هذا الصدد عادت «الاتحاد الاشتراكي» لطرق باب النائب الإقليمي للوقوف على رأيه في هذه المعضلة، حيث جدد موقفه من المشكل باعتبار مسؤولية الوضعية البنائية للدار تعود لمؤسسة محمد الخامس، وأن الجهة المكلفة ببنائها هي المديرية الإقليمية للتجهيز، حيث سبق لهذه الأخيرة، حسب النائب، أن استدعت المقاول وتم إنجاز محاضر تقنية وتحديد المسؤوليات والالتزامات على أساس القيام بإصلاح العيوب التي تعاني منها الدار المعنية، إلا أن شيئا من ذلك لم يتحقق على أرض الواقع. وبينما تقرر استدعاء آباء وأولياء النزيلات للاجتماع بهم بالثانوية، أكدت مصادر متطابقة أن أحد المسؤولين بمؤسسة محمد الخامس سبق له أن حضر إلى عمالة إقليمخنيفرة فألح عليه عامل الإقليم والنائب الإقليمي ضرورة زيارة دار الفتاة المعنية بالأمر، والتدخل العاجل لإصلاحها، ولم يتخلف المسؤول المذكور عن زيارة الدار ومعاينتها والتقاط صور منها، غير أن دار الفتاة ظلت على حالها، كما لو أنها لا تستحق الاهتمام الكافي لكون نزيلاتها من فقيرات العالم القروي ذنبهن أنهن زحفن للمدينة من أجل الدراسة وطلب العلم والمعرفة، وقد فكرت النيابة الإقليمية في حل يقضي بنقل النزيلات إلى مؤسسة للتكوينات قرب ثانوية أبي القاسم الزياني للإيواء بها مؤقتا غير أن الفكرة لاتزال قيد الدرس لكون المؤسسة المقترحة بعيدة عن الثانوية التي تدرس بها النزيلات. ويشار إلى أن النزيلات كن قد لجأن، يوم الاثنين فاتح أبريل الماضي، إلى مغادرة الدار المذكورة، وهددن بعدم العودة إلى حين إيجاد حلول جذرية للوضعية التي يعانين منها، وقد حضر «الهاجس الأمني» بقوة قبل «الهاجس التربوي» من خلال إقدام بعض المسؤولين على مطالبة الحارسة العامة للدار بأسماء ما وصفوهن ب«المتزعمات للحركة الاحتجاجية»، وذلك عوض دعوتهن إلى طاولة حوار مسؤول، وهو ما رفضته الحارسة العامة، باعتبار الطلب يتنافى وسلمية النزيلات اللائي لا يطالبن إلا بحقوقهن العادلة والمشروعة، ولم يكن منتظرا أن ترتفع درجة حرارة الأزمة بالمؤسسة جراء إقدام المدير على اتهام ذات الحارسة ب «الوقوف وراء تحريض النزيلات»، في إشارة فقط لأنشطة حقوقية وتحسيسية شهدتها المؤسسة في إطار برامج حول مواضيع اجتماعية صرفة، أو لها علاقة بإشاعة ثقافة حقوق الإنسان وترسيخ قيم المواطنة في مجالات التربية والتكوين. وصلة بالموضوع، سبق للجمعية المغربية لحقوق الانسان بخنيفرة، عصر يوم الجمعة 5 أبريل 2013، أن نفذت وقفة احتجاجية أمام ثانوية طارق التأهيلية، تضامنا مع النزيلات الداخليات، كما قام أعضاء من اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بمعاينة الوضعية عن كثب، في حين لم يفت أساتذة وأطر الثانوية التعبير عن تضامنهم مع النزيلات بإضراب عن العمل، طيلة يوم الثلاثاء 2 أبريل 2013، مع تنظيم وقفة احتجاجية حاشدة، أمام مقر عمالة خنيفرة، وقد تم تأطير مسيرة النزيلات الأخيرة من طرف مناضلين من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. غضبة النزيلات الأخيرة سبقتها عريضة استنكارية لأساتذة ثانوية طارق التأهيلية، يندد فيها موقعوها ب «الاختلالات والخروقات الإدارية والتربوية التي تطال تسيير المؤسسة»، وب «الارتجالية والمزاجية والأخطاء المهنية في اتخاذ القرارات»، كما عبروا عن تنديدهم ب«امتناع رئيس المؤسسة عن تمكين التلميذات الداخليات من حقهن في الحصول على الشهادات المدرسية بدعوى مشاركتهن في الاحتجاجات»، حسب نص العريضة التي زاد موقعوها فاحتجوا على «واقع تعطيل عمل الأندية»، وقيام الإدارة ب «تسجيل التلاميذ الوافدين على المؤسسة من داخل المدار الحضري بصورة يشوبها الغموض وخارج إطار اللجنة النيابية المعنية بطلبات الانتقال»، كما لم يفت المحتجين انتقاد ما وصفوه ب «المضايقات والاستفزازات التي يتعرض لها بعض الأطر الإدارية والتربوية، والتسبب في إمطارهم بالاستفسارات النيابية بناء على تهم كيدية، ما يؤجج أجواء التوتر والاحتقان ويعيق السير العادي للعملية التعليمية التعلمية بالمؤسسة».