في تصعيد خطير، قرر أساتذة وأطر ثانوية طارق التأهيلية بخنيفرة، على هامش اجتماع لهم، التوقف عن الدراسة طيلة يوم الثلاثاء 2 أبريل 2013، مع تنظيم وقفة احتجاجية، أمام مقر عمالة خنيفرة، تضامنا مع نزيلات دار الفتاة بهذه المؤسسة، وعددهن أزيد من 112 نزيلة، أقدمن في رد فعل غير مسبوق على حزم حقائبهن وإخلاء هذه الدار، مع الانقطاع عن الدراسة والعودة إلى بيوتهن بالعالم القروي، احتجاجا على ما وصفنه ب»الأوضاع المتردية التي تعيشها هذه الدار، والمتجلية أساسا في التشققات والتصدعات، واختناق مجاري الصرف الصحي والتسربات المائية إلى الخطوط الكهربائية، فضلا عن الانقطاعات المتكررة للماء الشروب، خاصة في أوقات الحاجة إليه، بالأحرى الإشارة إلى اهتراء النوافذ والرفوف، ثم قاعة الاعلاميات التي تم استغلالها مقابل حرمان النزيلات منها، إلى جانب تراجع استفادتهن من الحمام بتبرير تعطل لوحة الطاقة الشمسية، علاوة على عدم توفرهن على مفاتيح أبواب الإغاثة، إلى غير ذلك من المشاكل التي نفذن ضدها عدة وقفات احتجاجية دونما آذان صاغية. وخلال اجتماع أساتذة المؤسسة لتدارس الوضع، ارتفعت نسبة التوتر من خلال «زلة» من مدير المؤسسة الذي وجه كلامه بغضب للحارسة العامة بدار الفتاة /الداخلية، الأستاذة فاطمة أكنوز، التي هي في ذات الوقت رئيسة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخنيفرة وعضوة بلجنتها الإدارية، حيث اتهمها بالوقوف وراء الاحتجاجات التي تخوضها النزيلات، وحمَّلها مسؤولية تحريضهن للدفاع عن حقهن في الشروط الملائمة للإيواء، ما جعل مكتب فرع الجمعية الحقوقية المذكورة يدخل على الخط، ويصدر بيانا يعلن فيه عن تنظيمه لوقفة احتجاجية إنذارية، بعد زوال يوم الجمعة المقبل 5 ابريل 2013، أمام ثانوية طارق التأهيلية بخنيفرة، تضامنا مع النزيلات والأستاذة فاطمة أكنوز. وفي هذا الصدد، لم يفت فرع الجمعية دعوة كل مناضلاته ومناضليه وأطر الثانوية إلى المشاركة المكثفة في هذه الوقفة الاحتجاجية. والأدهى، أن الجهات المسؤولة على قطاع التربية والتكوين تلجأ، من حين لآخر، إلى نفض يديها من الوضع على أساس أن دار الفتاة المذكورة توجد تحت وصاية مؤسسة محمد الخامس للتضامن، هي والمقاول الذي أشرف على أشغال بنائها، وكانت النيابة الإقليمية قد وعدت بالتدخل لمعالجة الوضع بوسائلها الخاصة في حال استمرار المقاول في هروبه، قبل أن تتقدم هذه النيابة لدى مديرية التجهيز بمراسلة في الموضوع لتذكيرها بالمراسلات الموجهة إليها ولعمالة الإقليم بخصوص دار الفتاة، غير أن الوضع لا يزال على حاله دون جديد. وتفيد مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن الجهات المسؤولة في الإدارة والنيابة تكتفي بتطمين النزيلات بمختلف التسويفات التي لا تعني لهن سوى كونها وعودا لربح الوقت، إذا لم تتم الأمور بالحلول الترقيعية، الأمر الذي يجبر النزيلات على العودة لساحة الاحتجاج من أجل تذكير المسؤولين بمحنتهن، غير أن منطق تجاهل صرخاتهن يكون هو سيد الموقف، ما دفع بهن إلى تنفيذ قرارهن بمغادرة المؤسسة، صباح الاثنين الماضي فاتح أبريل 2013، وتهديدهن بعدم العودة إلى حين إيجاد حلول جذرية للوضعية التي يعانين منها. وكم يكون «الهاجس الأمني» حاضرا بقوة بدل «الهاجس التربوي» على خلفية إقدام بعض المسؤولين على المطالبة بأسماء ما يصفونهن ب»المتزعمات للحركة الاحتجاجية» قصد عرضهن على المجلس التأديبي أو إبلاغ مصالح الأمن بهويتهن، أو مراسلة أمهات وآباء بعضهن بتهمة «التحريض على الاحتجاج»، ذلك عوض دعوة المحتجات إلى طاولة حوار مسؤول والإنصات المسؤول لمطالبهن العادلة والمشروعة. وصلة بالموضوع، لم يفت المحتجات التشديد على ضرورة إعادة الخط المائي الذي سبق لمؤسسة محمد الخامس للتضامن منحه لفائدة دار الفتاة، بالقول إن هذا الخط المائي قد تم تغيير اتجاهه لفائدة مقاول مكلف بأشغال بناء إعدادية جديدة، حيث أخذ الماء الشروب ينقطع من حين لآخر بمرافق دار الفتاة، قبل مفاجأة الجميع بما يفيد أن الماء سينقطع نهائيا عن الدار المذكورة ما لم تتم تسوية فاتورة قدرتها مصادرنا بحوالي 70 ألف درهم لفائدة المكتب الوطني للماء الصالح للشرب. وأكدت بعض المعلومات أن إدارة المؤسسة توصلت بإشعار في هذا الشأن يمهلها فترة زمنية محددة للتسديد أو القطع، هذا في ذات الوقت الذي يستمر فيه مد المقاول السابق ذكره بالماء وفق شهادة لبعض أعضاء جمعية أمهات وآباء تلاميذ الثانوية. قرار نزيلات دار الفتاة لثانوية طارق بإخلاء المؤسسة، يشكل صفعة قوية على خد الشعارات المتغنية بشعارات الحد من ظاهرة الهدر المدرسي، والارتقاء بجودة التعليم المدرسي، وتعزيز السياسة الاجتماعية الرامية إلى تعميم التمدرس وتمدرس الفتاة القروية، وتوسيع قاعدة دور الطالبات التي توفر للمتمدرسات القرويات والمنحدرات من الأوساط المعوزة كل الشروط الضرورية التي تمكنهن من مواصلة دراستهن في أحسن الظروف. والمؤكد أن نموذج دار الفتاة بثانوية طارق بخنيفرة فيه ما يكفي من الدلالات التي تجعل مثل هذه الخطابات مجرد عرض لأزياء فضفاضة بامتياز.