يوم الأربعاء 15/1/2020، شهدت جوانب المحكمة الإسرائيلية في القدس الغربية أمام وخارج قاعتها حالة اشتباك سياسي، واصطفافا حادا، وتلاسنا سوقيا، يكاد يصل إلى التطاول بالأيدي من قبل اليمين الإسرائيلي المتطرف، على مرافقي مناضل شيوعي إسرائيلي شهدوا محاكمته لأنه يقف بشجاعة ضد الاحتلال. فقد سبق وتمت محاكمة يوني بولاك على خلفية نشاطاته العملية الميدانية ضد الاحتلال، وتم تغريمه مالياً بديلاً عن السجن بسبب نشاطاته المقاومة للاحتلال، ولكنه رفض دفع الغرامة المالية لأن حُكم التغريم بنظره تعسفي وجائر وضد قناعاته المبدئية القائمة على رفض الاحتلال وعدم شرعيته، وتم إلقاء القبض عليه من قبل الشرطة لتهربه من دفع الغرامة، وتم تقديمه للمحاكمة وسجنه بديلاً عن الغرامة. يوني بولاك كان برفقته النائب الشيوعي عوفر كسيف عضو الكنيست عن القائمة المشتركة العربية العبرية، والقائد الفلسطيني محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للمجتمع العربي الفلسطيني في مناطق 48، اللذين تعرضا للإهانة والتطاول من قبل زعران اليمين المتطرف وأمام أعين الشرطة الذين لم يتدخلوا وهم يسمعون الشتائم والشعارات العنصرية الموجهة لمرافقي المناضل بولاك الرافض للاحتلال ويحمل قيم التضامن والانحياز للشعب الفلسطيني ولنضاله ومطالبه العادلة. يوني بولاك ليس الإسرائيلي الوحيد الذي تعرض للسجن بسبب مواقفه المعادية للصهيونية وللعنصرية وللاحتلال، بل هناك العشرات من النساء والرجال الذين يرفضون التجنيد الإلزامي والخدمة العسكرية في مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، ويقفون مبدئياً ويعلنون مواقفهم، ضد المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي برمته ويربطون مصيرهم مع نضال الشعب الفلسطيني والمستقبل المشترك للشعبين على أساس المساواة والعدالة واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه كما هو النائب عوفر كسيف الذي تم رفضه من قبل لجنة الانتخابات بسبب مواقفه السياسية التي عبر عنها بوصفه للصهيونية أنها عنصرية وأنه يؤمن بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم التي طردوا منها عام 1948، ولكنه استأنف قرار لجنة الانتخابات عبر المحكمة وحصل على حق الترشح بديلاً عن رفيقه الشيوعي النائب السابق دوف حنين الذي ترك موقعه راضياً وأخلاه لصالح ترشيح الأكاديمي عوفر كسيف ويشغل الآن الموقع الخامس في القائمة المشتركة العربية العبرية. نضال الإسرائيليين التقدمي الديمقراطي ضد السياسات الرسمية لحكومة المستعمرة، قد يكون محدوداً بالعشرات أو المئات، ولكنه يعكس حالة نوعية فائقة الأهمية، تفوق عددهم بمغزاها، فهم يتحلون بالشجاعة، يدفعون ثمن مواقفهم وانحيازاتهم، وليسوا مستفيدين من هذه المواقف والانحيازات، وهي دلالة ناصعة على توفر إمكانية اختراق المجتمع الإسرائيلي وكسب انحيازات من بين صفوفه لصالح النضال الفلسطيني وتطلعاته المشروعة، ويدلل على عدالة هذه المطالب، ولكن الاستخلاص الأهم الذي يجب تعلمه والاستفادة منه ووضعه في صلب برنامج المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ضرورة كسب انحيازات إسرائيلية وشراكتها في العمل والنضال ضد العدو المشترك: الصهيونية والعنصرية والاحتلال، لأن الشراكة الفلسطينية الإسرائيلية، العربية العبرية، ستختزل عوامل الزمن في هزيمة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وانتصار فلسطين لصالح العيش المشترك على أساس العدالة والمساواة للشعبين على الأرض الواحدة.