لماذا يقترح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إحداث هيئة قضايا الدولة كبديل عن الوكالة القضائية للمملكة؟ …من أجل المساهمة في معالجة أزمة سيادة القانون. في يوم الأربعاء ثامن يناير من سنة 2020، أصدرت الوكالة القضائية للمملكة، باعتبارها جهازا إداريا تابعا لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، تقريرا حول نشاطها السنوي برسم سنة 2018؛ مسجلة من خلاله العديد من النتائج في تدبير مهمة الدفاع عن مرافق الدولة. وأكدت أنها تتدخل في ثلاثة مجالات استراتيجية تهدف جميعها إلى الحفاظ والدفاع عن المال العام، ويتعلق الأمر ب: الدفاع عن الدولة أمام القضاء، والحل الودي للمنازعات، والوقاية من المخاطر القانونية. وفي هذا المجال الأخير، سجلت أيضا أنها لجأت إلى مكتب دراسات مغربي لوضع خريطة للمخاطر القانونية، التي عددتها في 110 مخاطر رئيسية و510 مظاهر للمخاطر الثانوية، بحيث حصرت الرئيسية، منها المخاطر القانونية الناجمة عن ضعف الإطار القانوني المؤطر للوكالة القضائية للمملكة، والمخاطر الناجمة عن غياب استراتيجية موحدة لتدبير منازعات الدولة…وغيرها من المخاطر المعدودة في الصفحة 34 من التقرير. إنها ذات المخاطر القانونية التي رصدها وشخصها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عند تقديمه لمقترح قانون إحداث هيئة قضايا الدولة بتاريخ 18 شتنبر 2012 في الولاية التشريعية التاسعة لمجلس النواب؛ بل وأكثر من ذلك فكان أول من استعمل مصطلح المخاطر القانونية كتعبير عما كانت تعيشه الدولة من أزمة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة مرافقها، والناجمة عن طوفان المنازعات القضائية المرفوعة أمام محاكم المملكة ضد هذه المرافق !!! وهو الطوفان الذي تحول إلى تسونامي خطير من شأنه أن يقوض المجهودات المبذولة التي حققت انتقال المغرب من دولة قانونية إلى دولة قانون ومؤسسات. فلماذا إذن مضاعفة العمل وإنهاك المجهود العام باللجوء إلى مكتب للدراسات، لم يسجل سوى الخلاصات الرئيسية التي سبق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تأكيدها في مذكرة الأسس الواقعية والدستورية لمقترح قانون إحداث هيئة قضايا الدولة، وأيضا ما سجلته المؤسسات الدستورية للدولة، من قبيل المجلس الأعلى للحسابات ومؤسسة وسيط المملكة، والتي أنتجت تقارير حارقة عن تدبير المنازعات القضائية العمومية وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة مرافق الدولة، وشخصت تبعا لذلك المخاطر القانونية في النشاط العمومي. وفضلا عن ذلك، سجلت الوكالة القضائية للمملكة أن هناك ارتفاعا طفيفا في عدد القضايا الجديدة الموجهة ضد الدولة، بحيث بلغ نسبة 2 في المئة بالمقارنة مع سنة 2017، وأنه ما بين الفترة الممتدة من سنة 2014 إلى غاية 2016 عرفت القضايا الجديدة ارتفاعا بلغ 63 في المئة؛ معزية هذا الارتفاع إلى العوامل المرتبطة أساسا بالولوج المتاح إلى العدالة وتوسيع مجال الحقوق ومسؤوليات الدولة بموجب دستور 2011، بالإضافة إلى توسع مجالات تدخل الوكالة القضائية للمملكة. لكن، في الحقيقة تظل هذه الخلاصة مسألة نسبية على اعتبار أن مجال الولوج إلى العدالة كان متسعا ولم يكن هناك أي تحصين من القضاء إلا عدد ضئيل من القرارات الإدارية؛ فواقع الأمر وخطورة الوضع المرتبطة بصورة المغرب كدولة قانون ومؤسسات يفرض علينا جميعا الاعتراف بأن سبب ارتفاع عدد القضايا المرفوعة ضد الدولة هو اتصاف الإدارة العمومية بصفة الغاصب المعتدي عن حقوق الناس كما جاء ذلك على لسان وسيط المملكة في تقريره لسنة 2012. إن التجاوز في استعمال السلطة والإحساس بالعلو عن القانون لدى مدبري الشأن العام هو السبب في لجوء المواطن والمقاولة إلى محاكم المملكة لاسترجاع حقوقهم وجبر ما أصابه من أضرار نتيجة أخطاء تدبير الشأن العام سواء كانت عمدية أو غير عمدية. وفيما يخص نتيجة الدفاع القضائي، سجلت الوكالة القضائية للمملكة أنها حققت نتائج إيجابية في القيام بهمتها المتمثلة في الدفاع عن الحق المدني العام، بحيث ذكرت أنها توصلت سنة 2018 ب 9673 حكم قضائيا، وأن المبالغ المطالب ضد الدولة وصلت إلى 7.312.605.953,00 ملايير درهم، وأن المبالغ المحكوم بها ضد الدولة 4.176.490.143,00 درهم؛ مسجلة أنه بفعل تدخلها مكنت من خفض هذا المبلغ بنسبة 43 في المئة، بحيث وفرت على خزينة الدولة حوالي 3,14 مليار درهم. بقية ص: 3