بخصوص تدبير المنازعات القضائية للدولة، خرج المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الأخير، بالعديد من الملاحظات، يتعلق أبرزها بالجوانب التالية: نظرا لتعدد الإدارات المكلفة بالدفاع القضائي عن الدولة، فقد اقتصرت مهمة المجلس على تقييم تدبير المنازعات القضائية للدولة الذي تقوم به الوكالة القضائية للمملكة ، نظرا لاختصاصها العام، وكذا مديرية أملاك الدولة بالنسبة للملك الخاص للدولة، والمديرية العامة للضرائب بالنسبة للنزاعات الجبائية، وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بالنسبة للنزاعات الجمركية، إضافة إلى الخزينة العامة للمملكة بالنسبة لقضايا التحصيل. وبالنسبة للدعاوى المرفوعة ضد الدولة ، فقد خلص التقرير إلى أن عدد الدعاوى المرفوعة ضد الدولة يناهز 30000 قضية سنويا.وما يناهز نصف الدعاوى المرفوعة ضد الدولة يتعلق بالطعن بالإلغاء وبالاعتداء المادي، حيث تلجأ بعض الإدارات إلى وضع يدها على عقارات مملوكة للغير من أجل إقامة مشاريع معينة، دون سلوك مسطرة الاقتناء بالمراضاة أو مسطرة نزع الملكية. وقد وصلت المبالغ المحكوم بها من طرف محاكم المملكة على الدولة، خلال الفترة من 2006 إلى 2013، فيما يخص الاعتداء المادي، إلى ما قدره 4,5 مليار درهم، تخص أساسا قطاعات التربية الوطنية والتجهيز والنقل والداخلية. من أهم الخلاصات التي وقف عليها التقرير أيضا، هي غياب استراتيجية لتدبير منازعات الدولة على مستوياتها الأساسية، وهي الوقاية من المنازعات، والحلول البديلة لفض المنازعات، وتدبير المنازعات القضائية. وفي ما يخص الوقاية من المنازعات، فقد تم تسجيل غياب نص قانوني مؤطر للاستشارات القانونية وضعف الدور التحسيسي الذي تقوم به الوكالة القضائية للمملكة في مجال الوقاية من المخاطر القانونية، حيث تظل الدراسات والأعمال التي تنجزها هذه الوكالة حبيسة الملفات، مما يحول دون استثمارها وتعميمها على جميع المتدخلين في مجال المنازعات التي تهم الدولة ومؤسساتها، لكي يتسنى لهم الاستفادة منها في الحل الوقائي للمنازعات. ولوحظ، أيضا، عدم اللجوء إلى المسطرة التصالحية من طرف الوكالة القضائية للمملكة، إلا في بعض الحالات الاستثنائية، رغم الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا الأسلوب في التقليص من الحجم الكبير لهذه المنازعات، والإسراع في حلها، وبالتالي تجنب إهدار المجهودات على مستوى الإدارة وهيئات الدفاع، وكذا على مستوى المحاكم. وقد سجل المجلس سلوك كل من المديرية العامة للضرائب وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة للمسطرة التصالحية، إلا أنه لوحظ تقصير كبير في هذا الباب على مستوى الوكالة القضائية للمملكة. كما تم الوقوف على الصعوبات التي تحد من نجاعة تدبير منازعات الدولة، من قبيل القانون المتقادم المنظم للوكالة القضائية للمملكة ظهير 2 مارس 1953 بشأن إعادة تنظيم وظيفة « العون القضائي للدولة الشريفة » ، أو انعدام حصانة أطر الإدارة المدافعين عن الدولة، إضافة إلى العراقيل التي تواجه الوكالة في تعاملها مع الإدارات العمومية وكذا محاكم المملكة، وتموقعها الحالي في الخريطة الإدارية كمديرية بوزارة المالية الذي لا يؤهلها للقيام بالمهمة الدفاعية بالشكل المطلوب.