لا يزال حوالي 12 مليون مواطن مغربي بدون تغطية صحية إلى حدود اليوم، أي ما يمثل نسبة 15 في المئة من المغاربة، في الوقت الذي تشير فيه أرقام متضاربة إلى أن المستفيدين تتراوح نسبتهم ما بين 62 و 67 في المئة، وهي النسبة التي تم الوصول إليها بفضل مجموعة من المجهودات التي بذلت بالنظر إلى أن التغطية الصحية الإجبارية، نموذجا، لم تكن تتجاوز، في وقت سابق، نسبة 16 في المئة. وتشير الأرقام المرتبطة بنظام المساعدة الطبية «راميد»، إلى أن عدد المستفيدين بلغ عددهم منذ انطلاق العمل بهذا النظام في 2012 وإلى غاية نهاية أكتوبر 2019 أكثر من 14.5 مليون مستفيد، ومكّنت هذه البطاقة عددا منهم من الولوج إلى الخدمات الطبية، وأتاحت إجراء عمليات جراحية مستعصية ومتابعة العلاج للمصابين بأمراض مكلفة، لكنها بالنسبة للبعض الآخر لم تكن ذات معنى ولم تمكن من تحقيق مبتغاهم الصحي، بينما يرى فاعلون في الشأن الصحي أن نسبة التغطية الصحية بشكل عام، هي أقل بكثير مما يتم التصريح به رسميا. التغطية الصحية تعتبر إشكالية عالمية، يتم تخليد يومها العالمي غدا الخميس 12 دجنبر، في ظل توجيهات من منظمة الصحة العالمية للعمل على تعميمها لأنها تمكن من تحقيق الأمن الصحي والولوج للعلاج لكل شرائح المجتمع، وهو ما جعل الملك محمد السادس يوجه رسالة ملكية بمناسبة تخليد اليوم العالمي للصحة في أبريل من السنة الجارية، شددت على أن «تحقيق التغطية الصحية الشاملة ليس أمرا بعيد المنال، كما أنه ليس حكرا على الدول المتقدمة، فقد أكدت تجارب عديدة وبشكل ملموس، أنه يمكن بلوغ هذا الهدف، كيفما كان مستوى نمو الدول». وأضافت الرسالة الملكية أن «الوفاء بهذا الالتزام يتطلب توافر بعض الشروط الأساسية في النظام الصحي، من بينها : نهج سياسة دوائية بناءة تروم توفير الأدوية الأساسية، التي تعتمد عليها البرامج الصحية العمومية ذات الأولوية، وتشجيع التصنيع المحلي للأدوية الجنيسة، والمستلزمات الطبية ذات الجودة، من أجل تحقيق السيادة الدوائية»، مؤكدة في نفس الوقت أنه «يتعين تعزيز الحماية المالية للأفراد والأسر لتحقيق هذا المبتغى، حتى لا يضطر المواطنون، لاسيما ذوي الدخل المحدود، إلى تسديد معظم تكاليف علاجاتهم من مواردهم الذاتية»، وبأنه «ينبغي تضافر الجهود بين البلدان، لضمان نجاعة أكبر في تحقيق غايات الهدف الثالث من بين أهداف التنمية المستدامة، أي ضمان الحياة الصحية وتشجيع الرفاه للجميع من كل الأعمار في أفق 2030، والذي التزم به المغرب كباقي أعضاء المجتمع الدولي …». وكان وزير الصحة، خالد آيت الطالب، قد أكد خلال تقديم برنامج وزارته لسنة 2020، أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، حول توسيع التغطية الصحية الأساسية في أفق بلوغ التغطية الصحية الشاملة، أن عدد المستفيدين من البطائق السارية المفعول التي تخص «راميد» قد وصل إلى 10.5 ملايين مستفيد، وبأن 91 في المئة من الأسر المعنية بها هي في وضعية فقر، و 9 في المئة في وضعية هشة، مشيرا إلى أن 51 بالمئة من المستفيدين يوجدون في الوسط الحضري، بينما 49 في المئة يوجدون في المجال القروي. التغطية الصحية الشاملة لا تزال تثير حفيظة مواطنين وفاعلين في الشأن الصحي من أجل تسريع وتيرة تعميمها، بالنظر إلى أنها أحد مداخل تطور المجتمعات، في الوقت الذي لايزال حتى الأطباء أنفسهم إلى جانب مجموعة من أرباب المهن الحرة محرومين منها، لأسباب متعددة، ومن بينها النقطة المتعلقة بالقيمة المادية للانخراطات، كما هو الحال بالنسبة للأطباء، بالرغم من تقدم هذه الفئة بمقترحات يصفها المهنيون بكونها عملية ومتضامنة وتعبر عن مواطنة كبيرة إلا أنها لم تجد آذانا صاغية لحدّ الساعة. وجدير بالذكر أن المغرب اختار تعميم التغطية الصحية، التي تعتريها صعوبات متعددة لتحقيق هدف تعميمها، لتشمل مخاطر الأمراض التي قد تتعرض لها الفئات السكانية النشيطة، عن طريق نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وتلك غير النشيطة، عن طريق نظام المساعدة الطبية «راميد»، وتم تأسيس المنظومة المتعلقة بالتغطية الصحية الأساسية على المبادئ المتفق حولها من قبل جميع الشركاء، والتي تجسدت في الميثاق الموقع أمام الملك محمد السادس في سنة 2005، غداة تطبيق نظام المساعدة الطبية. وبخصوص الأهداف المحددة في إطار إصلاح آليات التمويل الصحية التي أفضت إلى المصادقة على قانون رقم 65-00، فقد تم وضع نظامين، الأول يخص نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بالنسبة للنشيطين والمتقاعدين، والثاني موجه للأشخاص الذين ليس باستطاعتهم الانخراط في النظام السالف الذكر والذين لا يتوفرون على موارد مالية تمكنهم من الولوج للعلاج. وقد شرع المغرب في العمل بالنظام الخاص بالموظفين والمتقاعدين في القطاعين العام والخاص، الذي يتولى تدبيره الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.