سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، رئيس «الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة = الحق في الحياة» النظام الصحي الوطني يفتقد إلى قانون مرجعي متكامل للمستشفيات العمومية والمصحات الخاصة
في اعتقادي المتواضع أن الوظيفة الأساسية والحقيقية للمراكز الاستشفائية الجامعية تكمن في التكوين وتدريب الأطباء، والصيادلة، وطب الأسنان، والممرضين، والقابلات، ومختلف التخصصات الطبية والطبية الموازية، والبحت العلمي، فضلا عن المساهمة في الوقاية وتقديم خدمات علاجية جد متخصصة ومن الصنف الثالث، لكن مع الأسف تحولت لدينا في المغرب هذه المراكز الاستشفائية الجامعية إلى كل شيء، علاج أولي، ثاني و ثالثي، وتخلت عن وظيفة التكوين بأبعاده العلمية والاجتماعية والتكنولوجية الطبية الواسعة، فليس هناك بحث علمي يذكر إلا فيما ندر.. وأصبحت متخصصة في كل شيء وتلعب عدة ادوار دون أن تتفوق في إحداها، بل أصبح التردي وتدني الخدمات الصحية سماتها، وتخلى عنها الأساتذة الجامعيون ورحلوا إلى القطاع الخاص المربح جدا، وحتى من بقي لا يعطي من وقته للطلبة والأطباء في طور التدريب والتكوين إلا ساعات قليلة وغالبا ما يتركون لوحدهم حتى في قاعات الجراحة ... من جانب آخر، فإن أهم المعوقات والمشاكل التي تقف أمام المراكز الاستشفائية الجامعية لأداء رسالتها تعود أساسا إلى ضعف وعشوائية التدبير والتسيير، وأحيانا إلى فساد إداري ومالي وفضائح الصفقات، وذلك راجع إلى عدة عوامل، منها ضعف وتقادم الإطار القانوني المنظم للمراكز الاستشفائية الجامعية والمراسيم التطبيقية لها، لذلك ظلت المراكز الاستشفائية الجامعية سواء بالرباط أو البيضاء أو فاس أو مراكش أو وجدة، معرضة لانتقادات واسعة من طرف المهنيين والمواطنين. لقد عاش النظام الاستشفائي بالمغرب لما يزيد عن ثلاثين سنة في غياب قانون للمستشفيات إلى درجة أن مستشفيات عمومية نبتت في غياب القانون، بما فيها مصحات الضمان الاجتماعي، أو مؤسسات استشفائية غير ربحية كما هو الشأن بالنسبة لمستشفى الشيخ زايد ومستشفيات وزارة الصحة، مما يدفع المسؤولين إلى اتخاذ قرارات عشوائية غير مبنية على نصوص قانونية، وكانت لها انعكاسات سلبية على حسن التدبير والحكامة والشفافية، فضلا عن كون القانون 37.80 الذي يحكم المراكز الاستشفائية الجامعية منذ سنة 1983 تحت تأطير قانون المؤسسات عمومية ذات صبغة إدارية، أصبح جد متجاوز، وفي هذا السياق يمكن القول إن النظام الصحي الوطني يفتقد إلى قانون مرجعي متكامل للمستشفيات العمومية والمصحات الخاصة، علاوة على قانون متكامل للمراكز الاستشفائية الجامعية، مما جعل هذه المراكز الجامعية تحت رحمة مساطر معقدة وما تطرحه من مشاكل في مجال التدبير والتسيير رغم خصوصية القطاع الذي يعتبر خدمة عمومية لا يمكن توقيفها لسبب من الأسباب، وهي ضرورة استمرارية المرفق الإداري ليل نهار دون توقف. فالقانون رقم 37.80 الذي يحكم المراكز الاستشفائية الجامعية منذ سنة 1983 يحمل عدة ثغرات، منها تداخل الاختصاصات بين المجلس الإداري ومجلس التدبير ومدير المؤسسة، علاوة على مجلس إداري دون سلطة وصلاحيات حقيقية على المستوى الاستراتيجي والتقييم والمراقبة والتتبع، ومجلس التدبير تحت رحمة الإدارة، أي وزارة الصحة ، وليس تحت سلطة المجلس الإداري للمؤسسة، وبالتالي غياب المسؤول الحقيقي صاحب القرار المؤسساتي من أجل تحقيق حكامة جيدة تتطابق ومتطلبات تدبير المستشفيات وجودة العلاجات والمردودية، إذ يظل مدير التدبير تحت رحمة وزارة الصحة بدل أن يخضع لقرارات المجلس الإداري ويعمل على تنفيذها، والنتيجة هي ضعف جودة العلاجات والخدمات الصحية، وصورة سيئة عند المرتفقين عن المراكز الاستشفائية الجامعية، وهو ما يفسر توجه أغلب المرضى المستفيدين والمنخرطين في نظام التأمين الإجباري عن المرض إلى المصحات الخاصة رغم الاختلاف في جودة العلاج بحكم أن هذه الأخيرة توفر بيئة علاج ملائمة وبالسرعة المطلوبة دون الوقوف في طابور الانتظار و»سير واجي» التي يفرضها القطاع العام الاستشفائي. إذن في ظل هذه الوضعية أصبح من اللازم تعديل القانون رقم 37.80 من أجل الاستجابة لمتطلبات التنمية الصحية وللعلوم الطبية والتمريضية والتكنولوجيا الطبية، ومن أجل تكوين أجيال جديدة من الأطباء والممرضين والصيادلة وجراحي الأسنان، وفي ظل الإصلاحات الكبرى التي تعرفها منظومة التعليم العالي عندنا، خاصة نظام الإجازة والماستر والدكتوراه، ونظام تمويل الخدمات الصحية وتطور العلوم الطبية والتمريضية والتكنولوحيا الطبية، من اجل نظام استشفائي جامعي أكثر عدلا وجودة يهتم أساسا بالتكوين والتدريب والبحث العلمي ويساهم في منظومة العلاج. ففي اعتقادي يظل مشروع القانون رقم 13-70 يتعلق بالمراكز الاستشفائية الجامعية الجديد، غير كاف، بل لا يخرج عن قاعدة الترميم والترقيع رغم بعض الجوانب الإيجابية التي يمكن اعتبارها تحسن بنية القانون على مستوى تحديد بعض الاختصاصات، وإدخال بعض العاملين والمستخدمين داخل المجلس الإداري، إلا أن هذا المشروع الذي صادقت عليه الحكومة يظل يفتقد إلى عنصر تحديد مبادئ ورسالة المراكز الاستشفائية الجامعية وسلطات الوصاية الحقيقية. ومن أجل تحسين بنية ومضمون هذا المشروع نقترح أولا أن تكون المستشفيات الجامعية تابعة لوزارة التعليم العالي وللجامعات، وليست تابعة لوزارة الصحة، بل يتم التنسيق معها في مجال السياسة الصحية الوطنية، وان تكون هذه المراكز الاستشفائية الجامعية تحت سلطة إدارية ومالية وعلمية وأخلاقية لمجلس أعلى للمستشفيات الجامعية، لها ميزانيات خاصة بها مستقلة في تسييرها وتدبيرها من طرف مجلس تدبير وتسيير إداري طبي تمريضي وعلمي وأخلاقي، وأن يتم تعيين مدير للتدبير الإداري والمالي متخصص وليس بطبيب، ويترك للطبيب المدير مسؤولية تنسيق وتدبير عمليات التكوين والتدريب والعلاج وخلق مديرية خاصة بالعلاجات التمريضية في كل مركز جامعي تنسق مع المعاهد العليا للتكوين في علوم التمريض والتقنيات الصحية التي يجب ضمها للمجالس الإدارية ولمجلس التدبير في أفق ربطها بكليات الطب لتصبح كليات التمريض، بحكم أن 86 في المئة من خدمات المستشفى يقوم بها الممرضون والقابلات، وهو تعريف مشروع لعمل المهنة . من جانب آخر يجب تغيير اللوائح والقوانين المنظمة للعمل بالمراكز الاستشفائية بما يتواكب مع العصر الحالي، ويكون العمل في هذه المستشفيات بعقود تجدد سنويا حتى يمكن متابعة الأداء بجدية واستبعاد من لا يقوم بالمطلوب منه، وعلى الأساتذة الأطباء الراغبين في العمل بالمراكز الاستشفائية أن يخصصوا كامل وقتهم للتداريب والعلاج بناء على اتفاقيات بينهم وبين المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية، كما أن المناقصات الخاصة بالأدوية والمستلزمات والأجهزة يجب أن تكون مركزية وموحدة لكل المستشفيات الجامعية من خلال المجلس الأعلى الذي يقترح وينظم الآليات الخاصة بذلك، ويتم العلاج من خلال برتوكولات علاجية موحدة، كما يجب وضع قواعد محددة ومنظمة لتدريب الأطباء والممرضات والقابلات والتقنيين الصحيين والبحث العلمي تراعي حقوق المرضى، كما تراعي التغلب على المشكلات الحالية التي تعوق تحقيق الهدف الأساسي لإنشاء هذه المستشفيات وضرورة التنصيص على حقوق وواجبات المريض « ميثاق المريض « وتحديد العلاقة بين المراكز الاستشفائية الجامعية للتعاون فيما بينها ومع القطاع الخاص وكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان ومعاهد علوم التمريض والتقنيات الصحية وفق السياسة الصحية الوطنية. التعاون الدولي غير واضح في المشروع وضرورة احترام التزامات الدولية في المجال الصحي وتحديد العلاقة بين المراكز الاستشفائية والوكالة الوطنية للتأمين الصحي وصناديق تدبير نظام التأمين الاجباري عن المرض وخاصة في مجال تدبير نظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود بالنسبة للوكالة التي حددها القانون .00 65 وضرورة الحفاظ على سرية المعلومات المتعلقة بالمريض، وان يكون العلاج مجانيا للمرضى حاملي بطاقة الراميد وأسعار مقبولة واقل ما في النظام الصحي الوطني كنظام غير ربحي تحددها الوكالة الوطنية للتأمين الصحي بالنسبة للمنخرطين في صناديق التأمين دون رسوم اضافية، أي 100 في المائة ، مهما كانت مظلة التأمين الصحي أو على حساب المريض. وضع تمويل عام من الحكومة ومن الوكالة الوطنية للتأمين الصحي بالنسبة للمستفيدين من نظام الراميد والمداخيل الخاصة.