غادرت الفنانة المغربية القديرة أمينة رشيد مسرح الحياة أول أمس الإثنين بعد مرض عضال عن سن 83 سنة. وبرحيل هذه القامة الفنية ،يكون المغرب قد فقد أحد أعمدة الفن في المسرح والسينما والتلفزيون ،لما قدمته من أعمال على ما يقارب ستة عقود . الراحلة أمينة رشيد المزدادة سنة 1936 .و كما تشهد بذلك سيرتها الفنية، قدمت للمسرح العديد من الأعمال الضخمة، وشاركت في العديد من الأعمال التلفزيونية منذ سنة 1962، كما مارست العمل في الإذاعة المغربية كممثلة لسنوات طويلة ،وقدمت العديد من التمثيليات ومسلسلات إذاعية، إلى جانب تألقها في مجال العمل السينمائي. وقد تأثرت بشكل الفقيدة أمينة رشيد بشكل كبير بوفاة رفيق دربها في الحياة والفن الفقيد عبدالله شقرون، أحد رواد الإعلام والمسرح سنة 2017 عن عمر يناهز 91 سنة.والذي كان عضوا بالمكتب المغربي لحقوق المؤلفين، إذ التحق بالمكتب الإفريقي لرجال الأدب وكتاب المحاضرات (الذي حل محله المكتب ) منذ سنة 1949 . وقد خلف الراحل عددا هاما من المؤلفات المسرحية والتمثيليات الإذاعية والتلفزيونية وأشعار وأغاني بالإضافة إلى مجموعة من المقالات حول المسرح والممارسة الإذاعية، وله أزيد من 500 مصنف مصرح به لدى مصالح المكتب من تمثيليات باللغة العربية والدارجة ، كما له عدة دراسات وأبحاث ومقالات في مجالات المسرح والإذاعة والتلفزيون، والأدب الشعبي ،وكان كتابه رواية معركة المغرب حول حقوق المؤلف آخر إصداراته. عامان فقط وتلتحق ألفنانة القديرة أمينة رشيد بزوجها ،خاصة وأن العلاقة التي كانت تربطهما لم تكن مجرد علاقة زوجين فقط ،بل تعدتهما ليشكلا معا ثنائيا يجمعهما حب الفن بكل تلاوينه وتفرعاته ، والعطاء بدون سخاء إلى هذا المجال ،ويكفي أن الراحل عبدالله شقرون هو من اكتشف موهبة أمينة رشيد في التمثيل . وقبل رحيله أصدر عبدالله شقرون كتابا أرخ للمسار الفني للفنانة أمينة رشيد في كتاب توثيقي بعنوان «أمينة رشيد: ممثلة في الإذاعة والمسرح والتلفزيون والسينما» يوثق من خلاله للتجربة الفنية لزوجته في مجال التمثيل الإذاعي والمسرحي والتلفزيوني والسينمائي على امتداد ستة عقود. ويعتبر الراحل عبدالله شقرون هو مكتشف هذه الممثلة القديرة التي انطلقت مسيرتها الفنية رسميا في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، ومند ذلك الحين شاركت أمينة رشيد، في أكثر من 3000 عمل إذاعي بين مسرحيات وتمثيليات ومسلسلات وغيرها وأكثر من 600 عمل تلفزيوني. وقد انطلقت مسيرتها السينمائية عام1955 بفيلم «طبيب بالعافية» من إخراج الفرنسي هنري جاك، عن نص مسرحي لموليير، وهو إنتاج فرنسي مصري مغربي مشترك صور بحدائق الوداية ودار السلام بالرباط، وشارك فيه عدد من الممثلين المصريين منهم كمال الشناوي وأميرة أمير ومحمد التابعي والمغاربة حمادي عمور والبشير لعلج وعبد الرزاق حكم والعربي الدغمي والطيب الصديقي ومحمد سعيد عفيفي وحمادي التونسي وغيرهم. وتلته العديد من الأفلام مثل «غدا لن تتبدل الأرض» لعبد الله المصباحي سنة 1975 و»إبراهيم ياش» لنبيل لحلو 1982 و»البحث عن زوج امراتي» لمحمد عبد الرحمان التازي 1993،و»للا حبي» لنفس المخرج 1996 و»مصير امرأة» لحكيم نوري 1998 و» زنقة القاهرة» لمحمد عبد الكريم الدرقاوي 1998 و»قصة وردة» لمجيد الرشيش سنة 2000 و»فيها الملح والسكر أو ما زال ما بغاتش تموت» لحكيم نوري في نفس السنة و»ملائكة الشيطان» لأحمد بولان و»القلوب المحترقة» لأحمد المعنوني 2007 وغيرها. الكتاب يتضمن العديد من الصور التي تؤرخ لمحطات أساسية في المسيرة الطويلة لهده الممثلة الرائدة، كما يتضمن شهادات في حقها بأقلام شخصيات فنية وثقافية معروفة. رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية مسعود بوحسين اعتبر وفاة الفنانة أمينة رشيد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بالخسارة الكبرى للمشهد الفني الوطني ،وأكد أنها من الفنانات اللواتي ولجن التمثيل في وقت كان هذا المجال صعبا على النساء، وراكمت تجربة مهمة وهي في سن مبكرة خاصة في التمثيل الإذاعي والتلفزيوني والمسرحي الذي لعبت في أدوارا إلى جانب فنانين كبار من الجيل المؤسس وعلى رأسهم الطيب الصديقي ومحمد حسن الجندي . وشدد على أن المسار الفني للراحلة كان متوازنا في مختلف مراحل عمرها، من خلال عملها المتواصل الذي أكسبها حب الجمهور. مؤكدا أن أمينة رشيد من الفنانات الكبيرات اللواتي لهن القدرة على تنويع أساليب أدائهن حيث كانت تجيد لعب أدوار الدراما والكوميديا على السواء، كما كانت تتقن الأداء باللغة العربية الفصحى كما بالدارجة المغربية. كما تميزت الراحلة، يضيف مسعود بوحسين، بقدرتها الكبيرة على الانفتاح على مختلف الأجيال حيث اشتغلت مع الرواد والشباب.