1 الوضع في مغرب الألفية الثالثة، الذي تراكمت على أرضه كل أصناف الازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية،يدفعنا إلى التساؤل بقوة :لماذا اصيبت حكومته بعجز وفشل في مواجهة الازمات المطروحة ؟هل يعود هذا الفشل المتعدد الصفات إلى قيادة الحكومة أم إلى الحزب الذي يشكلها… ؟ وبالتالي ماهي الأسباب التي جعلت هذه الحكومة لاتلبي حاجيات الشعب، لا تستجيب لمتطلباته، لا توفر له الحد المعقول من الخدمات العامة في الشغل والصحة والتعليم… ؟. نضع السؤال/الأسئلة ، وليس هناك داع لتعداد نقاط الفشل/العجز/الفساد الذي يحيط بهذه الحكومة من كل جانب، إذ ليس هناك داع للتذكير بالوضع الاقتصادي المتردي ولا ببروز شبح الإفلاس ولابتضخم الديون الخارجية، لأن المشهد المحزن لهذه الأمورأ واضحا للعميان،لا للعيان. نعم،المغرب دولة نامية، ذات مستوى معيشي منخفض مقارنة بجيرانها في الغرب، لايستقيم بها التوازن بين سرعة النمو السكاني والدرجة المتدنية للتقدم الاقتصادي، تعاني من تخلف متعدد الصفات، تعاني من ضعف الاستثمارات الصناعية ومن غياب التكامل بين القطاعات الاقتصادية، كما تعاني من ارتفاع المديونية الخارجية، ومن التبعية للدول الاستعمارية السابقة. كيف لمغرب على هذه الحالة، أن تديره حكومة فاشلة، عاجزة، تسمح بالممارسات الإدارية القائمة على الرشوة والابتزاز واختلاس المال العام، وتوسيع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، كيف له أن يكون دولة قادرة على العيش، وعلى الحضور.. ؟. 2 في الحقيقة يفرض علينا منطق الأشياء أن نتوجه بالسؤال إلى الحزب السياسي الذي رشح لنا من طبعوا حكومة بنكيران/العثماني بالفشل.إنه حزب العدالة والتنمية، يدعي انتماءه إلى الاسلام السياسي،نجح في الانتخابات الأخيرة والتي قبلها بسبب معاناة أحزاب اليىسار والأحزاب الوطنية من عوائق بنيوية. وبسبب تحول العديد من الأحزاب الأخرى إلى حوانيت انتخابية معزولة عن الفكر الديمقراطي الذي نشأت من أجله. والمعروف سياسيا، أن حزب العدالة والتنمية أفلح في ربح رهان الانتخابات التي أوصلته إلى سدة الحكومة، بخطاب شعبوي براغماتي،يتحلي بأخلاق الفرسان الذين يغشون الوغى ويعِفّون عند المغْنم.،وهو حزب عالمثالثي، ينبثق من حزب يناصر المخزنية والأمازيغية، نشأ في ظل طبقة وسطى، لاترى في الإسلام إديولوجية سياسية، بقدر ما ترى فيه دينا مقدسا. لم تستطع لحزبها إنتاج برنامج مبني على نظريات علمية كما هو الشان بالنسبة للأحزاب الاديولوجية إذن، كيف لهذا الحزبأ يواجه أوضاع البلاد التي وصلتأ من مرة إلى درجة السكتة القلبية بحكومة مهترئة من مناضليه ومناصريه… ؟ 3 إن حكومة نابعة من حزب فقير فكريا، لا اديولوجية له، لا برنامج اتصادي بعيد المدى له، لايساير تغيرات ومتطلبات عصره في السياسة والثقافة والفكر، لا يمكنها أن تنجح أو تحظى بالقبول، لأن نجاح حكومة في زمن الأزمات رهين بالوطنية الصادقة والكفاءة والمعرفة والفعالية والوفاء لقيم المواطنة، وهذه شروط لا يمكن أن تتوفر مع الوظيفة، بل يجبأ تكون من أخلاقيات صاحب الوظيفة. معنى ذلك في علم السياسة، أن الحكومة في وضعنا الراهن، لا يكفي أن تكون نابعة من حزب أغلبي، بل يجب أن تكون قادرة على إبداع الحلول الضرورية للأزمات والإشكاليات المطروحة أمامها، قادرة على وضع الأمن وحقوق الانسان والشفافية والعدل وتكافؤ الفرص والمساواة معايير أساسية لعملها الحكومي، قادرة على مسايرة الحداثة والعولمة، لها دراية قوية بالتكنولوجيا والأنظمة المتطورة،تعتمد في قراراتها على جمع وتحليل البيانات، وتكون أكثر ارتباطا وتفاعلا مع نفسها ومع العالم. السؤال الأخير: متى يجود الله علينا بمثل هذه الحكومة… ؟ ومتى سيعفو الله علينا من حكومات لاهمّ لها غير كسب الرواتب الضخام والتقاعدات الأضخم… ؟