كما كان منتظرا، نظمت الجامعة الوطنية لهيئات مهنيي الصيد الساحلي بالمغرب و تجار السمك ، وقفة احتجاجية أدى خلالها المحتجون «صلاة الجنازة الرمزية» على وزارة الصيد البحري و من خلالها استراتيجية اليوتيس، وذلك بموانئ كل من آسفيوالصويرة و اكاديروالداخلة يوم 19 دجنبر 2014 ، لتبعث برسائل الى المسؤولين عن القطاع بشأن التردي الذي يعيشه البحار و التاجر و المهني، والذي أثر بشكل سلبي على مسارهم المهني ، بفعل التنزيل الخاطئ «لاستراتيجية اليوتيس» . و قد توصلت الجريدة بعد هذه الوقفة الاحتجاجية من الجامعة الوطنية لهيئات مهنيي الصيد الساحلي، بتوضيح لاتخاذها لهذا القرار، بعد أن اتضح لها «أن التعامل مع استراتيجية «اليوتيس» لم يتم وفق الشعارات المرفوعة سابقا ، و لم تحقق للبحار أي شيء ، وأن المعنيين و المسؤولين عن هذا القطاع يعتقدون ان البحار مازال لم يفطن بعد لطابعهم الانتهازي الذي فشل بفضل اكاذيبهم على الوزارة الوصية و المهنيين، فهم سبب فشل اي مشروع ما داموا يخاطبون الوزارة بلسان معسول و يصدرون الاكاذيب على المهنيين» كما صرح بذلك للجريدة احد المحتجين. وأضافت الجامعة « انه في سنة 2009 اعطى جلالة الملك محمد السادس من خلال معرض اليوتيس- الانطلاقة الفعلية للعمل بمضامين استراتيجية «اليوتيس» و قدم من خلالها وزير الفلاحة و الصيد البحري هذه الاستراتيجية على أنها وصفة لتجاوز الاختلالات السابقة التي عرفها قطاع الصيد البحري ، فهي مولود جديد بأوكسجين قوي ، خاصيته الاولى تقوية البنية التحتية من موانئ و اسواق ولوجستيك و كل الخدمات الادارية و تثمين المنتوج و محاربة الصيد الجائر و العشوائي و غير المصرح به و محاربة البطالة بتشغيل ما ينيف عن 100 الف يد عاملة، و لحظتها عاش الجميع على أن هذا الحلم سيشكل قفزة نوعية في قطاع الصيد البحري لضخ دم جديد في عروقه المتصلبة ... وكان الأمل أن خيرات البحر و مجهودات البحارة و التجار لن تذهب سدى، وأن خيرا عميما سيشمل القطاع ، إلا انه و نحن في نهاية سنة 2014 و على مقربة من تنظيم معرض جديد لاليوتيس، مازلنا ننتظر المتحقق من غيره، مستشعرين ان هذه الاستراتيجية كانت كذبة مصنوعة و محاكة بأرقام و معطيات مضخمة... واتضح للمهنيين ان صاحبها كان يبيع لهم الوهم لربح الوقت ليس الا! ». وحددت الجامعة ، حسب وجهة نظرها ، أسباب عدم نجاح الخطط المروّج لها في : «أ - على المستوى الذاتي : إن الوزارة الوصية مازالت تستأنس بتحالف اللوبيات و ذوي المصالح و أقطاب التمثيليات الهشة في شكل غرف او كونفدراليات او في فيدراليات تأسست من أجل الاستفادة من الدعم و هي أداة لترويج سياسة الوزارة و تجميل ما لا جمال فيه من اجل الاستفادة من دعم كانت اولى به جمعيات البحارة، و هذا يشكل هدرا للمال العام ، و يفتح السؤال ماذا نستفيد من الدعم المخصص لاتفاقية الصيد اذا كانت جمعيات البحار لا تتلقى اي دعم مادي او معنوي من الوزارة؟ اللهم الالتفاتات الملكية التي تضمد كل مرة جراح البحارة و ترفع من معنوياتهم ماديا و نفسيا؟ ان الارتكاز على تمثيليات كلاسيكية اصبحت ريعا جمعويا متقادما لا تقدم اية بدائل او اقتراحات وازنة بل تكرس الوضع الحالي ، هي الضربة القاضية لكل خطة وزارية، فالبهرجة لن تصبح عاملا ايجابيا، بل التحليل الموضوعي و التقييم الحكماتي وفق الدستور الجديد، هو الاولى بإعطاء القيمة الاساس للعمل الحكومي و السياسات المتبعة ، و لعل خلق الاطار التمثيلي لغاية نفعية كي يصبح لسانا للوزارة يتحدث بلغتها ... اصبح شكلا متجاوزا و على الوزارة ان تنحو منحى مغايرا في اتجاه المقاربات التشاركية و الحوار الهادف و منهجية تقييم مرحلي للخطوات الاستراتيجية... و من ثم ، فإن ضرورة التقييم مشروعة و الزامية ، و هذا ما لا نلاحظه في سياسة وزارة الصيد البحري و علاقتها بالقطاع ، فليس تقديم الدعم او الهبات او مجالسة إطار مهني على حساب الاخرين ، هو الكفيل بإنجاح اية خطة، بل الاستفادة من الاخطاء و تحويلها الى بوادر للنجاح، فبعض رؤساء الغرف الذين طبلوا و زمروا للصناديق البلاستيكية الموحدة و ساهموا في تضليل الوزارة على نجاحها، استفادوا اكثر من غيرهم من خيرات بوجدور و تحولوا بين صبيحة و عشية الى تجار سمك بالجملة ، ساهموا في إفساد فضاء التجارة و المنافسة الحرة ، ألم يسائلوا انفسهم و من خلالهم الوزارة ما هو الجديد الذي جاءت به هذه الصناديق؟ ألم تحدث خللا في التسويق؟ ألم تثقل كاهل التجار و توقعهم في المديونية من طرف المكتب الوطني للصيد البحري؟ ان ضياع 400 مليون درهم كقيمة لاقتناء هذه الصناديق جاء على حساب رزق المغاربة ، و لذلك لابد من السؤال و التقييم و المراهنة التي جاءت في الاستراتيجية على الجودة هي التي تدفع البحار و كل المهنيين لأن يصلوا صلاة الجنازة على هذه الاستراتيجية، معلنين بداية قطع علاقتهم بها ، و من خلالها دق جرس الخطر على القطاع؟ ب على المستوى الموضوعي: مازالت الوزارة تراوح مكانها و تحاول إجهاض كل صوت يدعو الى سياسة التقييم و الحكامة ، بدليل ان أحد رؤساء الغرف في الاشهر الماضية اجتهد اكثر من غيره و المجتهد إن اصاب له اجران و ان اخطأ له اجر واحد محاولا تقييم استراتيجية «اليوتيس» من خلال يوم دراسي، الا ان الوزارة لم تستسغ هذا الاجتهاد و حولته الى مساومة! إنه نموذج نستحضره للاقرار بأن ثقافة الاقصاء و الموانع و تغييب الاجتهاد مازالت راسخة، لنقول بصريح العبارة ان الهاجس الموضوعي غائب و ان الوزارة تغرق في موروثها السلبي مؤمنة بالاشخاص لا بالمؤسسات و لا الافكار، و تعتبر مخططاتها السابقة و الحالية ناجحة ما دام هناك من يصفق لها ، فكلما قام مصلح او مؤمن بمنظومة الاصلاح الا و حورب بكل الوسائل... ! لقد اجتهد المستفيدون في تشكيل لوبي ريعي خطير يهدد حتى الوزارة و بعض مصالحها ، ناهيك عن ان البنية التحتية الهشة المتوارثة و ادارة المكتب الوطني للصيد اصبح بعض موظفيها من أغنى موظفي الادارات العمومية ، وهم أكثر من يحارب اية خطة او استراتيجية للنهوض بالقطاع ... ! فاستراتيجية «اليوتيس» كسابقتها من الخطط ، تواجه بعراقيل متعددة، منها الذاتي من داخل الوزارة و ثقافتها و بنية قوانينها المتقادمة ، و تمسكها بنكران اي اجتهاد او تفعيل مدونة الصيد البحري ... و الاعتراف بالبحار كشريك و ليس كأجير، و المساهمة في الارتقاء يالصيد التقليدي بما يتجاوب و كرامة الانسان المغربي و حقه في السلامة البحرية و العمل وفق شروط لائقة ؟» «إن ما غاب عن اذهان الوزارة و ما حضر كمضمون في استراتيجية «اليوتيس» ، تضيف رسالة الجامعة الوطنية لهيئات مهنيي الصيد الساحلي بالمغرب التوضيحية ، هو الذي دفع مهنيين صادقوا الله على ما عاهدوه عليه ، و صادقوا الوطن ، و كانوا أوفياء للرهانات التي أسس لها ملك البلاد منذ توليه العرش ، على أن يصلوا «صلاة الجنازة» يوم 19/12/2014 بأسفي و الصويرة و اكادير و الداخلة، حتى يطلبوا تحكيما ملكيا » بشأن استراتيجية «أليوتيس» «التي لازمت القطاع منذ 6 سنوات و مازالت تنخر جسمه» ، قائلين للوزير المكلف بالصيد البحري «نحن لسنا ضد الاصلاح و القانون، و لكن نسائلك ما هي الاضافات الكمية و النوعية التي شملت «البحار المغربي و المنتوج السمكي و البنية التحتية؟...».