قدم المجلس الاعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، 7 رافعات للتغيير و58 توصية من اجل إصلاح التعليم العالي والنهوض بالجامعة المغربية ، وذلك أثناء انعقاد دورته السادسة عشرة،بين 14 و15 ماي الجاري، تحت شعار»التعليم العالي في أفق سنة 2030، آفاق استراتيجية» . من خلال مشروع تقرير أعدته اللجنة الدائمة للبحث العلمي والتقني والابتكار بالمجلس، بتعاون مع الهيئة الوطنية للتقييم، «تكمُن الغاية الجوهرية منه، حسب بلاغ المجلس، في السعي إلى الإسهام في إصلاح التعليم العالي، من أجل تحقيق نقلة نوعية وكمية، تجعل هذا التعليم قادرا على رفع التحديات التي يواجهها، في انسجام مع مبادئ الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، وخياراتها الأساسية». ويأتي هذا التقرير على ضوء وضعية الهدر الجامعي التي أصبحت تعيشها الجامعة المغربية اليوم وخفوث اشعاعها الفكري والمعرفي ،وتناقص أعداد الحاصلين على الشهادات الجامعية العليا. ففي الوقت الذي يسجل فيه « تزايد ديموغرافي» لأعداد الطلبة بسلك الإجازة في مؤسسات الاستقطاب المفتوح بالمستويات الثلاثة، يقابله نقص كبير في معدل سنوات الحصول على الدبلوم في 3-4 سنوات، ابتداء من 2007-2008، ليعرف أدنى مستوياته سنة 2012-2013 بمعدل 19،1%. مشروع التقرير اقتصر على تحديد سبع رافعات رئيسة للتغيير للنهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي و58 توصية، تتناول على نحو نسقي انسجام التعليم العالي، الحكامة، التمويل، العرض التكويني بمكوناته البيداغوجية والمنهجية، البحث والابتكار، الحياة الطلابية وهيئة الأساتذة، أنماط التتبع والتقييم، بما في ذلك القيادة، وتدبير التغيير من أجل إنجاح التوجهات الاستراتيجية ، جاءت تتضمن مجموعة من التوصيات التي تحدد رؤية المجلس الاعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي للنهوض بالتعليم العالي نستعرض بعضها في هذه الورقة. الرافعة 1 .. تعليم عال متجدد ومتماسك تتضمن الرافعة الاولى (11 توصية) ترتكز على اعتماد هندسة جديدة للمنظومة من خلال تقييم نموذج الجامعات المحدثة في إطار شراكة عام – خاص لجعلها تعمل على نحو متكامل ولتطوير تناغم وثيق مع الجامعات العمومية – تمكين التعليم العالي من تفويض تدبير المؤسسات التابعة لقطاعات أخرى – تقوية توجيه التلاميذ في مستوى سلك التعليم الثانوي التأهيلي – اعتبار الممرات بمثابة معابر نحو كافة الاتجاهات الممكنة التي تربط الجامعة بالمؤسسات غير التابعة للجامعات – تمكين الموظفين والمستخدمين من فرصة متابعة التكوين بالجامعة وفق إيقاع بطئ- وضع عتبة اكتساب الوحدات في كل دورة وكل سنة لمن يتابع التكوين بمُدد مجزأة- إحداث سلك بعدد محدد من اكتساب الوحدات لتمكين الطالب من التوفر على «حزمة دروس» مكونة من دروس أساسية، وثانوية، واختيارية. إرساء صيغة جديدة للشراكة يتم تنظيمها في إطار تعاقد-برنامج محدد الأهداف والوسائل، ما بين الدولة والجهة والجامعة – الأخذ في الاعتبار انتظارات وتطلعات الشباب في تحقيق جودة التكوين وفي مستلزمات التعلم- تقوية قدرات الطلبة لجعلهم في مستوى التكيف مع محيط العمل – إرساء الدبلوم المشترك بإشراك الخبرة الدولية في إعداد بعض المسالك وفي الهندسة البيداغوجية وتوفير نفس التكوين داخل المغرب وخارجه، مع تخصيص إقامة قصيرة أو طويلة المدة. الرافعة 2.. حكامة استراتيجية للمنظومة من خلال 9 توصيات،دعا المجلس إلى إعداد استراتيجية وطنية وقوانين قيادة وممارسة سلطة التنظيم والتقييم من طرف الوزارة الوصية – إعادة التفكير في تنظيم المركبات الجامعية المتوافرة على نحو استراتيجي وإحداث مركبات جديدة – توضيح السياسة الموجهة لمكونات التعليم العالي الخاص في تنوعه: منفعة عامة، منفعة غير عامة، شراكة عمومي-خصوصي، المؤسسات الأجنبية المنقولة، المؤسسات ذات الفروع. – جعل قيادة التعليم العالي قائمة على مؤشرات توضح تقدم العمل والتقدم المحرز. – جعل لجنة رؤساء الجامعات بنية مهيكلة ورسمية تتوفر على الموارد اللازمة للقيام بالمهام العرضانية التي تستلزم سيرورة الإصلاح في أفق 2030.. – إعداد واعتماد أطر مرجعية تحدد معدلات التأطير والحاجات من البنيات التحتية- الأخذ في الاعتبار ضرورة المساواة وتكافؤ الفرص، وكذا جودة إنتاج الكفايات في ملاءمتها مع الاستراتيجية، بما في ذلك ترشيد الوسائل المالية على نحو مستمر- دعم دور الدولة في التمويل بالدعوة إلى التضامن الوطني من خلال إحداث صندوق خاص.- تثمين الأنشطة الريادية للجامعة الناتجة عن الشراكات الناشئة وعن إحداث المقاولات. – تطوير المنتجات والأرباح الصادرة عن أعمال البحث، وتقديم الخدمة، ولاسيما أعمال الخبرة ومراجعة الضريبة الخاص- إحداث صناديق مالية مستلهمة من بعض التجارب في مجال endowment funds «صناديق مرصودة»- تحسيس المانحين دون إعفاء الدولة من مهام المصلحة العامة عبر تدابير محفزة وتواصل هادف. الرافعة 3.. جامعة مسؤولة وناجعة في استقلاليتها يينص تقرير المجلس الاعلى في هذه الرافعة على تقوية القدرات التدبيرية لفرق القيادة (نواب الرؤساء، ؤساء المؤسسات، الكتاب العامون- وتقوية النصوص التنظيمية الداخلية للجامعة عن طريق المصادقة على حصيلة نهاية الولاية من طرف مجلس الجامعة مع إلزامية نشرها.إحداث مجلس في شكل مجلس إدارة بأعضاء يمثلون الهيئات المعنية بعدد محدود، وتمكينه من سلطة تقريرية في كافة المستويات- تعزيز استقلالية الجامعة للانخراط كليا في توجه المغرب الرامي إلى إعمال اللامركزية والجهوية المتقدمة- التخفيف من المساطر المالية للاستجابة لحاجات تطوير الجامعة مع العمل بالمراقبة المالية البعدية.- منح الجامعة الكفايات اللازمة من حيث الرأسمال البشري لتحقيق النجاعة والأداء. – إرساء هيكلة تحدد مهام ووظائف كل منصب مسؤولية، من طرف وزارات المالية، والتربية الوطنية، والتعليم العالي من أجل القيام بتقويم مؤسساتي للحكامة (داخليا وخارجيا). -تقييم ذاتي عبر جمع المعطيات واستطلاع آراء الفاعلين (لاسيما الطلبة باعتبارهم فاعلا محوريا) حول الحياة الجامعية، وطرق اشتغال الجامعة ومحيطه – إرساء وتحقيق تقييمات دورية وكذا أثناء استكمال الدراسة بالمسالك على نحو منتظم.- جعل تقييم الطالب للأستاذ ضرورة لكونه فاعلا محوريا ومستفيدا أساسيا من التعليم، وذلك لملاءمة برامج التكوين على نحو منتظم وللاستجابة الناجعة لحاجاته – إرساء الأخلاق الجامعية والعلمية في الجامعات. الرافعة 4.. تكوينات ذات جودة وموثوق بها إصلاح برامج سلك التأهيل مع تقوية الكفايات في إطار استمرارية بيداغوجية متماسكة مع نظام متين للتوجيه – جعل الجامعات، كيفما كان وضعها (عمومي، خصوصي، شريكة)، خاضعة لنفس الشروط ومستلزمات تقديم الحساب- إرساء اختبارات التموضع في اللغات – التفكير على المدى المتوسط، فيما بعد الباكالوريا، في إدراج اختبار معرفي لتوجيه الطلبة نحو مسالك ملائمة- إرساء تكوينات تُعِدّ الطلبة للحياة العملية وللمواطنة بربط المحتوى المتعدد الأبعاد مع المهارات الدقيقة – نسج البعد الأكاديمي الذي يمنح الطالب المعرفة مع البعد التطبيقي الإجرائي لمعارفه في بناء هندسة الإجازات الأساسية- تقنين نوعي للمرور من الإجازة إلى الماستر مع جعله مفتوحا بشروط أمام الطلبة من أجل تحسين جودة الإجازة – يمَكن الحصول على إجازة ذات جودة من جعل الولوج إلى الماستر مفتوحا أكثر- وضع حكامة متناسقة للماستر بُغية تظافر الموارد والحصول على أجود مواصفات الأكاديميين المحتملين- ربط الماستر الذي تم تحديده باعتباره ماستر-بحث من أجل القبول في بحث الدكتوراه في إطار برنامج البحث في مراكز دراسات الدكتوراه. الرافعة 5.. إعطاء دفعة للبحث والابتكار مراجعة الاستراتيجية الوطنية للبحث والابتكار وإدراجها في الاستراتيجية الشاملة لتنمية البلاد. – تعريف التلاميذ بمناهج البحث عبر مشاريع شخصية، في مستوى أسلاك الإعدادي والتأهيلي، كيفما كان مسارهم: علوم، تكنولوجيا، علوم إنسانية. على المستوى المؤسساتي، تحديد خيارات كل جامعة: جامعة عامة، جامعة متخصصة، جامعة تكنولوجية، جامعة البحث، إلخ، وذلك من طرف الدولة ومع الجامعات- تعبئة مواصفات من أجل التأطير: أستاذ باحث، طالب يحضر الدكتوراه، مهندس، تقني، إداري. حاليا، العديد من المهام يتحملها الأستاذ الباحث من أجل إنجاح أنشطة البحث – يجب على مراكز دراسات الدكتوراه في الجامعات أن تعكس تنوعها داخل كل جامعة وذلك على مستوى سياسة البحث العلمي- إعادة ضبط هيكلة سلك الدكتوراه وتوضيح موقعه في هرم البنيات الإدارية للجامعة -إيلاء عناية خاصة من طرف السلطات العمومية والهيئات المختصة بالبحث والابتكار لتوفير تكوين عال للموارد البشرية، وللتحسين المستمر لأدائهم ولحفزهم من أجل جذب مواهب وطنية وأجنبية. الرافعة 6.. بيئة جامعية محرِّرة للأساتذة والطلبة عشر توصيات تضمنتها هذه الرافعة، لجعل التميز والمهنة في قلب تطوير هيئة التدريس – إرساء آليات ومساطر الانتقاء التي تضمن تجديد هيئة التدريس – تطوير المناهج البيداغوجية والمقاربات، وسيرورات الإصلاح المتواصل، وتغيير المنهاج -إرساء تكوينات في الهندسة البيداغوجية لتقوية قدرات الأساتذة المسؤولين عن الشعب والمسالك- تموقع الجامعة في مقدمة تطوير التكنولوجيا الرقمية لتحسين الحكامة والشفافية وتغيير نمط التنظيم والعمل ومن أجل الابتكار في المجال البيداغوجي – وضع مساطر التصديق على الدروس أو المضامين البيداغوجية- بفضل قيادة قادرة على تملك المشروع وتوجيهه نحو معالجة المشاكل من أجل جعل المشروع الرقمي قاطرة للتحول- الأخذ بالاعتبار في التخطيط وتوسيع المنظومة الجامعية وفي الخطاطات الموجهة للتعليم العالي ومخططات التهيئة الحضرية، تطوير مركبات جامعية قابلة للتجديد والعيش الكريم للطلبة داخل الجامعات- تثمين الأنشطة السوسيوثقافية والرياضي ودمجها في المناهج . الرافعة 7.. ظروف مواتية لقيادة التغيير وإنجاحه تحث هذه الرافعة التي جاءت متضمنة لثلاث توصيات فقط ، على مراجعة القانون 01.00 في انسجام مع الدستور ومع التطورات الراهنة والتقائية منطق القيادة والمقاربة التشاركية، أخذا في الاعتبار السيرورة الاستراتيجية لكل من اللامركزية (الجهوية المتقدمة) واللاتمركز الإداري (الميثاق) – تعبئة الهيئات المعنية (النقابات، المقاولات، المجموعات العلمية، الجهة والجماعات المحلية، الإعلام) حول مشروع الجامعة. يستخلص من رافعات وتوصيات التقرير أن استثمار المكتسبات التاريخية للجامعة المغربية في بناء نموذج جديد يحافظ على المهام الكونية للجامعة مع جعلها منتبهة لرهانات وتحديات التحولات الكبرى للمحيط الوطني والدولي. – الاستثمار في المهام الجديدة للجامعة، غير التكوين والبحث، وبالأساس تلك التي ظهرت في العقود الأخيرة وتوجه الجامعة نحو «نموذج ريادة الأعمال». – السهر على تحقيق قفزة نوعية من شأنها إرساء التنافسية ما بين الجامعات حول التميز للرفع من وضعها ومن صورتها في المجتمع. – تكوين خرجين أكفاء والإسهام في مراكمة الرأسمال البشري. – تشجيع التكوين بمُدد مجزءة في إطار التكوين مدى الحياة، وتطوير عروض الخدمات، والتعاون مع المختبرات الخاصة ومجموعات البحث الدولية من أجل القيام بالبحث والابتكار الذي يضمن للجامعة اعترافا من المجتمع، وطنيا ودوليا، ويمكِّن من توفير تمويل يضاف إلى الميزانية المخصصة لها من طرف الدولة. – تطوير وإنتاج البحث العلمي والابتكار للإسهام في المعرفة وفي الاستجابة لحاجات المجتمع وتقديم الحساب له.