سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جواد الحيمدي، رئيس اللجنة الخاصة بإصلاح المنظومة القنصلية:مخطط إصلاح المنظومة القنصلية ليس وليد اليوم وإنما يندرج في صيرورة الإصلاح المستمر للعمل القنصلي
o احتضنت الرباط قبل أسابيع جمعا لقناصلة المغرب في الخارج بعد اللقاء الذي جمع سفراء المغرب الديبلوماسي في الخارج السنة الماضية. ما الذي ميز هذا اللقاء الذي توج بتوقيع لميثاق قنصلي بين الخارجية المغربية وقنصالتها؟ n كما أشرتم، فقد انعقدت بمقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون بتاريخ 31 أكتوبر 2014 بالرباط، مناظرة القناصلة العامين للمملكة المغربية ترأسها صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون بحضور كل من امبركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون وناصر بوريطة الكاتب العام للوزارة والمفتش العام والمدراء المكلفين بالشؤون القنصلية والاجتماعية والموارد البشرية والشؤون المالية والاتصال. كما شارك في هذا الملتقى، أيضا، أنيس بيرو الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، وكذا ممثلون عن وزارة الداخلية وإدارة الدفاع الوطني. وقد كان هذا الملتقى محطة تواصل أكد خلالها وزير الشؤون الخارجية والتعاون على الإشكاليات المطروحة في مجال تدبير العمل القنصلي، وضرورة عصرنة الإدارة وتحسين ظروف الاستقبال وجودة الخدمات المقدمة لأفراد الجالية المغربية. كما تميز هذا اللقاء، بالتوقيع على «ميثاق القنصل»، الذي يتضمن تأكيدا صريحا على مسؤولية القناصلة الكاملة في ما يخص التدبير الجيد للموارد البشرية، وتحسين الخدمات والإسهام الفعلي في تكريس قيم النزاهة والشفافية وإرساء دعائم الحكامة الجيدة. o مما لاشك فيه أن هذا الجمع يعتبر واحدا من أهم اللقاءات التي عرفتها الخارجية المغربية خلال العقدين الأخيرين بدعوتها إلى التشاور في مستقبل العمل القنصلي مجموع قناصلة المغرب عبر العالم. في اعتقادكم هل اللقاء هو رغبة في استمرار الإصلاح بوتيرته التي عهدناها منذ سنوات أم أنه مناسبة لتجديد مطلب التحول إلى سرعة أعلى لبلوغ أهداف المخطط القنصلي الذي يعش لحظات من الفتور؟ n لقد تم خلال هذا اللقاء اعتماد مخطط جديد لإصلاح المنظومة القنصلية الذي أعدته لجنة خاصة مكونة من أطر ذوي تجربة في المجال القنصلي، وذلك بناء على دراسات مسبقة شملت تقييما دقيقا للأوضاع، وتشخيصا لبعض أوجه الخلل التي تعتري الممارسة القنصلية خلصت بشأنها إلى صياغة اقتراحات عملية ملائمة لمعالجتها حددت لها فترة سنتين كأجل لإنجازها. ويهدف هذا المخطط إلى تقوية القدرات المؤسساتية والتنظيمية والتقنية للمراكز القنصلية، من خلال التركيز على المحاور الرئيسية الآتية: تحسين ظروف الاستقبال بالقنصليات من خلال التنظيم المحكم، والمعاملة اللبقة؛ وكذا الرفع من جودة الخدمات عبر تبسيط المساطر واعتماد التدبير الرقمي؛ والعمل على ترسيخ قيم الأخلاق والنزاهة والشفافية والحكامة الجيدة. كما يتوق المخطط إنجاز مشاريع كبرى تهم: تحيين إدارة الموقع الالكتروني الخاص بتقديم الإرشادات والخدمات عن بعد، ليشمل إعطاء المواعيد عبر الانترنيت والحصول على بعض الشهادات الإدارية وخدمات أخرى عن بعد مستقبلا؛ واعتماد التكنولوجيا الرقمية في حفظ الوثائق والملفات القنصلية؛ والعمل على إنشاء مركز النداء متعدد القنوات، بما فيها الهاتف والانترنيت والمواقع الاجتماعية، يتولى إعطاء المعلومات والإرشادات وتسهيل التوجيه والتواصل؛ والعمل على إعادة النظر في مسطرة التصديق من خلال تفعيل انضمام المغرب لاتفاقية لاهاي لسنة 1961 والخاصة بإلغاء مسطرة التصديق والمعرفة باتفاقية Apostille واختصار المراحل والمساطر المتبعة حاليا تخفيفا للعبء على المرتفقين. o كانت «النزاهة» والمسؤولية» والكفاءة» أهم انشغالات وزير الشؤون الخارجية والتعاون وهو يتحدث إلى قناصلة المغرب سواء من منطلق وجود اختلالات يجب تجاوزها أو من حيث كونها مطمح مشروع. في نظركم هل من شأن توقيع الميثاق القنصلي في مستوييه الأخلاقي والمهني أن يشكل رافعة لتطوير سواء أداء القناصلة يمتد إلى أطرهم في المراكز القنصلية؟ n التزم السيدات والسادة رؤساء المراكز القنصلية من خلال هذا الميثاق بالرفع من مستوى أداء القنصليات المغربية التي يتولون إدارتها، لا سيما الشق المرتبط بظروف الاستقبال وجودة الخدمات وضرورة التواصل المستمر والتفاعل المهني واللبق مع مغاربة العالم. كما تم التركيز على ضرورة الاهتمام بباقي الميادين الحيوية الأخرى ذات الصلة بالحماية القنصلية، وبمجالات الاقتصاد والعمل الاجتماعي والثقافي والدفاع عن قضايا المغرب الحيوية وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية للمملكة. وقد تضمن الميثاق أيضا توصيات تهدف إلى تكريس السلوك القويم، والسهر على منع كل أشكال الوساطة وإرساء قواعد الشفافية والنزاهة والوضوح في التعامل مع أفراد الجالية المغربية في تكامل تام مع مقومات العمل الدبلوماسي الرصين والمسؤول. وقد شكلت مفاهيم النزاهة والمسؤولية والكفاءة العمود الفقري للتوجهات التي حددها وزير الشؤون الخارجية والتعاون للرقي بالأداء القنصلي إلى المكانة اللائقة بمغاربة العالم، علما بأن مسألة المسؤولية يؤطرها النظام الأساسي لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون وباقي النصوص المنظمة للعمل الدبلوماسي والقنصلي الذي جدد الميثاق المذكور التأكيد عليها. أما مسألة الكفاءة، فقد تم الحسم فيها عبر إحداث وتفعيل اللجنة المكلفة بانتقاء المرشحين المؤهلين، لشغل منصب قنصل عام، وذلك ضمانا للشفافية واحتراما لمبدأ تكافؤ الفرص. ولتحقيق الأهداف المتوخاة التزمت الوزارة من جهتها بوضع الموارد البشرية والمالية الكافية رهن إشارة السيدات والسادة رؤساء المراكز القنصلية حتى يتمكنوا من القيام بمهامهم على الوجه المطلوب. o تميز اللقاء بطرح كل الإشكالات والقضايا التي تعرفها المراكز القنصلية المغربية في الخارج في شقها المادي أو البشري. كما كان اللقاء فضاء للمكاشفة والنقاش الصريح، حمل الإيجابي في الأداء والمردودية كما حمل السلبي منها أيضا. هل لكم إن تقربوننا من المنجز القنصلي اليوم في ظل الواقع الذي يجتازه اليوم العمل القنصلي. n يجدر التذكير بأن هذا المخطط الإصلاحي ليس وليد اليوم وإنما يندرج في صيرورة الإصلاح المستمر، والذي عرف انطلاقته منذ سنة 2005 وحقق عدة منجزات من جملتها: عصرنة وسائل الاتصال والتدبير القنصلي بإدخال المقاربة الرقمية؛ والعمل على إصلاح عدد من مقرات القنصليات، واقتناء مقرات وفتح مراكز قنصلية جديدة بكل من اسبانيا وإيطاليا وفرنسا وتركيا والإمارات المتحدة في إطار تقريب الإدارة القنصلية من المواطنين؛ وإنجاح عملية تعميم البطاقة الوطنية الإلكترونية وإنجاز الجواز البيومتري وعصرنة نظام منح التأشيرات؛ وتسهيل منح عقود الازدياد بالنسبة للمواطنين المولودين بالخارج من خلال نظام رقمي؛ ثم ضبط مسطرة تصفية التركات و غيرها من العمليات. o الأكيد أن الشؤون الاجتماعية والقنصلية للجالية المغربية في الخارج تعتبر أحد انشغالات وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار بالنظر للأهمية التي يوليها جلالة الملك محمد السادس لمغاربة العالم وأيضا لروح الدستور الجديد. في هذا السياق هل لكم أن تقربونا من المراحل التي قطعها مشروع الإصلاح القنصلي، وأين وصلت اللجنة في تشخيصها للوضع القنصلي الحالي؟. n اعتمدت اللجنة الخاصة بإصلاح المنظومة القنصلية منهجية التشخيص والتقييم والمعالجة حسب جدول زمني، وقد استغرقت عملية التشخيص وتحديد الاختلالات الهيكلية بضعة شهور تم على إثرها تقديم مقترح المخطط في محاوره الثلاثة الآنفة الذكر. وقد بدأ العمل على تفعيل هذا المخطط بعد اعتماده من طرف المناظرة وحدد له، كما سبق، آجالا لا تتعدى السنتين. o منذ سنة ولجنة الإصلاح في تواصل مستمر مع المراكز القنصلية المغربية في الخارج وتشاور دون توقف مع القناصل عبر العالم. والواضح أن هذا المشروع الإصلاحي الذي حددت له سنتان للتنفيذ قد وصل مراحله النهائية. هل لكم أن توضحوا لنا ركائزه الأساسية وكيف له أن يمكن المغرب من الخروج من الصورة النمطية للقنصل والقنصلية التي ظلت محفورة في ذهن أبناء الجالية بينت التجربة صعوبة التخلص منها لأسباب موضوعية وذاتية؟ n إن الأمل معقود على انخراط جميع الفاعلين في المنظومة القنصلية، وخاصة السيدات والسادة القناصلة، بالتزامهم بالمبادئ التي جاء بها الميثاق والتي ستساهم لا محالة في الرقي بالتعامل مع المواطنين وبالخدمات المقدمة لهم والخروج تدريجيا من الصورة النمطية السلبية التي طبعت ذاكرة المرتفقين في فترة ما، والذين يتحملون قسطا من المسؤولية في ما آلت إليه الوضعية في بعض المراكز القنصلية، ذلك أنه لمن المجحف أن تبقى هذه الصورة النمطية السلبية لصيقة بالعمل القنصلي الذي أسدى ويسدي خدمات جليلة للجالية المغربية المقيمة بالخارج. وقد كان تدخل الوزير المكلف بالمغاربة القاطنين بالخارج وشؤون الهجرة، أنيس بيرو خلال المناظرة هادفا عندما أشار إلى ضرورة إعادة الثقة بين أفراد الجالية المغربية وإدارتهم القنصلية، وتقوية قنوات الاتصال للحفاظ على الروابط التي تجمع مغاربة العالم بالوطن الأم، مؤكدا على فضيلة مخاطبتهم بالصراحة والوضوح خصوصا حينما يتعلق الأمر بإشكاليات يستعصي حلها على وجه الاستعجال. o الواضح أن كل مشروع إصلاح كي يكون نافذا لا بد له من أمرين: الإرادة والإمكانيات سواء المادية والبشرية. هل تتصورون أن الخارجية المغربية ورؤساء المراكز القنصلية لهما من الإرادة ما يكفي كي يلبس العمل القنصلي لبوسا متجددا يتماشى مع التطور الذي يعرفه العالم، سواء تعلق الأمر بالعمل القنصلي الإلكتروني أو ما يعرف بالديبلوماسية الرقمية، الذي قطعت فيه الوزارة شوطا كبيرا، وهل توفرت الإمكانيات لبلوغ الإصلاح القنصلي المرجو، خصوصا وان الوزارة تنخرط اليوم في مواصلة تنفيذ مشروع القنصليات النموذجية بناصيات رقمية متطورة؟ n إن نجاح مخطط كل إصلاح رهين بتوفر الإرادة السياسية والإمكانيات الضرورية. ولقد أكد صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون خلال المناظرة بأن الإرادة معقودة على تفعيل المخطط من خلال توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة، ومن خلال تظافر الجهود على مستوى كل من الإدارة المركزية والقنصليات، وكذا من خلال تجاوب القطاعات الحكومية الأخرى المعنية بتبسيط المساطر الإدارية المرتبطة بالمنظومة القنصلية، والتي تعتبر شريكة في إنجاح هذا المخطط الإصلاحي. ويجدر التذكير في هذا الصدد بأن وضعية ومصالح وانتظارات مغاربة العالم التي تحظى برعاية ملكية سامية، تعد من الانشغالات الرئيسية للسياسة الخارجية للمملكة المغربية، وأن كل القطاعات المعنية بهذه الوضعية تعمل جاهدة لحمايتها والرقي بها إلى الأفضل.