ردا على سؤال للفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين حول وضعية المقابر ومستودعات حفظ الأموات بالمغرب، قال محمد حصاد وزير الداخلية إن الكثير من المقابر الموجودة في المدن لا ترقى إلى الحد الأدنى الذي يمكن أن تكون عليه مقابر المسلمين، داعيا إلى الانكباب خلال السنوات الثلاث المقبلة على إصلاح هذه المقابر. وأضاف حصاد أن كلفة إصلاح 1250 مقبرة ب 120 جماعة حضرية لا تفوق 700 مليون درهم، معبرا عن استعداد وزارته للمساهمة بنصف مبلغ الإصلاح أو أكثر بالنسبة للجماعات التي لا تتوفر على الإمكانات المالية الكافية. وقد سبق لأحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالوضعية المزرية لمقابر المسلمين، أن أقر أمام مجلس النواب أن «المقابر هي مقرنا الأخير، ونعرف أن وضعيتها مزرية». وأشار التوفيق إلى أن هناك حاجة إلى عشرات الهكتارات في المجال الحضري للمقابر إلى جانب وجود فراغ قانوني يهم تدبير العقار، معتبرا أن ملف المقابر ليس ملف الحكومة الحالية، بل هو ملف كل الحكومات والبرلمانات المتعاقبة بالمغرب. عودة ملف المقابر إلى الواجهة أملته الأضرار التي ألحقتها السيول والفيضانات بآلاف القبور عبر أرجاء البلاد، والتي لم تستثن حتى المدن الكبرى، إلا أن مناطق الجنوب تبقى الأكثر تضررا (أنظر الصفحة 7)، إذ غمرت المياه مقابر متعددة وأغرقتها بالكامل، بل الأدهى من ذلك أن المتضررين الأحياء وجدوا أنفسهم يطاردون الصناديق والجثث والعظام بغية انتشالها من السيول في مشهد يدعو إلى الرثاء ويذكرنا بعوالم كارسيا ماركيز السحرية. وبلغة الأرقام، فإن أكثر من 75 % من المقابر توجد في وضعية صعبة وكارثية، فهى مهملة صيفا ومهددة شتاء ولا ينبت فيها سوى «الشيح والريح» كما يقال. بل إن واقع الحال يؤكد أن مقابرنا تغيب فيها أدنى شروط «الاحترام الواجب للموتى»، فالأمن والنظافة والصيانة كلها منعدمة، إضافة إلى الزحف الكبير للإسمنت والتوسع العمراني المطرد، الذي قلص من مساحتها، الأمر الذي أدى في الكثير من الأحيان إلى صعوبة العثور على قبر لإكرام ميت جديد! و تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن المغرب في حاجة إلى 80 هكتار سنويا من المقابر، وأن أغلبية المدن ستعرف أزمة كبيرة في أفق 2020، الأمر الذي دفع بالعديد من الجمعيات وفعاليات المجتمع المدني إلى دق ناقوس الخطر وإصدار عدة نداءات وبيانات في هذا الصدد محذرة من تداعيات تفاقم هذه الوضعية. وأشارت تقارير حول المقابر أن هذا المرفق يعيش وضعية مزرية، تتمثل في انتشار الأوساخ والأزبال، وتنعدم فيها النظافة، كما تعرف اكتظاظا كبيرا جعلها غير قادرة على استيعاب المزيد من الموتى، كما أن المقابر أصبحت قبلة للمتسكعين والمتسولين وبعض السلوكات الأخرى التي لا تليق بحرمة القبور، وتحولت المقابر كذلك إلى ملاذ لعشرات الأطفال بدون مأوى، يتسللون إليها من أجل النوم بين البنايات المتآكلة لمدافن العائلات في المدن الكبرى. وفي الوقت الذي ما زال أموات المغاربة موزعين بين الجفاف والفيضانات، وما زالت قبورهم عرضة للانجراف أو التصدع في كل الأوقات، لا يتوقف الغربيون عن إظهار علو كعبهم في الاحتفال بأمواتهم، عبر التجديد في مجال تصميم النعوش وتشييع الميت، بل أيضا مراجعة اسلوب الدفن التقليدي، وقد فرضت الاستفادة من التكنلوجيا المتطورة وعالم الانترنيت والعالم الرقمي إلى درجة اقتراح تتبع النقل الحي لمراسيم التشييع والدفن.