زوال اليوم، وفي تكريس لعبث ما بعده عبث ، جعل حزب العدالة والتنمية قائد الحكومة وصاحب الكتلة البرلمانية الأولى، هو نفسه الحزب الذي يقود المعارضة ويتمرد على نفسه و«أخلاقه» ويتنكر لموقعه ويخل بمسؤولياته و يخذل التزاماته ويطعن شركاءه، و يقلب المسلمات و يبهدل المؤسسات….عن سبق إصرار و«تجديد و إصلاح». في تكريس لعبث خرافي لم يبلغه عتاة فلاسفة و أدباء وفنانو و شعراء و تشكيليو العبث.. يكرر نواب العدالة والتنمية في اجتماع لجنة التعليم بمجلس النواب زوال اليوم «فرض» أن يتأجل البث في «القانون الإطار للتربية والتعليم و البحث العلمي…» إلى أجل، تأجيل آخر. يحضر بنكيران بقوة. يحضر كرئيس حكومة و أمين عام سابق، يحضر كمرشد، محترف سياسة، بينه وبين أخلاق الدولة مسافة، ويحضر معه شبح البلوكاج… والرغبة الجامحة في الانتقام، لكم بلوكاجكم و لي بلوكاج!! وتحضر الإيديولوجيا، ومعها تحضر بقوة أيضا حركة «التوحيد والإصلاح»، بما هي الأصل و الجوهر المنغلق، وبما هي الحاضنة الأصلية، وبما هي الناهي الآمر، وليست الجناح الدعوي كما هو شائع، وحزب العدالة والتنمية هو الذي يتولى وظيفة الجناح السياسي لها. ويحضر رئيس الحكومة الحالي، الأمين العام لذات الحزب، سعد الدين العثماني، يحضر خافتا باهتا.. مهادنا؟ واهنا؟ و يحضر حزب العدالة والتنمية في أجلى صور تشظيه .. اللهم لا شماتة. و الحوصلة.. دورة برلمانية استثنائية قد تذهب سدى.. وقائد البلوكاج هو قائد الحكومة وعمودها الفقري (الحزب نعني). إنه وضع سياسي جديد، أو لعله قديم…انفجر. وضع يجعل «القانون الإطار…» ولغات التدريس ثانويين أمام المساحة التي على النقاش العمومي والسياسي الوطني أن يفردها للمؤسسات الدستورية الوطنية، وللعملية الديمقراطية برمتها ، في سيرورتها وتطورها وديمومتها، ومدى اقتناع وإيمان الجميع بها. هذا الوضع غير المسبوق.. هو وضع سياسي بامتياز، وليس إجرائيا أو تقنيا صرفا(بمعنى البحث عن أغلبية ولو خارج الأغلبية لإجازة القانون وكفى، وهي متوفرة بالنسبة للقانون الإطار). حزب رئيس الحكومة يعارض رئيس الحكومة برلمانيا، أي علانية وسياسيا. وفرقاء مرتهنون.. وتعطيل للمؤسسات، وتجميد للتشريعات، وكثير زمن سياسي مهدور فيما لا ينفع الناس، الملفوحين في غالبيتهم بلهيب وضع اجتماعي واقتصادي، معظم مؤشراته مقلقة، وظلت لحد الساعة مستعصية.. يبدو جليا أنه ليس كل شيء على ما يرام.. صحيح أنه مثلما يحمي الدستور مؤسسات البلاد، هناك في الدستور مؤسسات تسهر على حماية الدستور وحسن سير ذات المؤسسات، ولا خوف على ضمان سلاسة سير الدولة ومؤسساتها. ومع ذالك لسنا ندري إذا كان فعلا من اللائق استمرار نفي وجود أزمة سياسية، أو أقله أزمة أغلبية حكومية. على أن المطلوب سياسيا وباستعجال، هو أن يقدم حزب العدالة والتنمية ، للدولة و لفرقائه وناخبيه، الجواب الواضح عن سؤال موقعه السياسي اليوم؟؟ ليترتب عن ذلك ما يجب ترتيبه سياسيا. لأن الأمر أكبر من مجرد روتوش أو بريكول / تعديل لن يسعف البلاد والعباد في شيء.