غيوم داكنة تسري في الأعالي متجهمة كأنما هي بدورها متعبة وضجرة هذا ما قلته لنفسي وأنا أسير في هذا الاتجاه ثم في ذاك إني حائر، وهذا يجعلني أضحك وأعزف على هارمونيكا خيالية حقا كانت هنالك سهرة على شاطئ المدينة الهادئ لكن ذاك كان البارحة وحقا كان هنالك تمثال ينحت فلاحين وأبقارا في قرة لكنها قرية تنأى دائما في الأصباح عمن يتجه صوبها وكثير من المدفونين فيها ماتوا جراء سقوطهم عن سطوح لذا فأنا أحرك كتفي الساخنة أغذ السير صوب الزهرة التي اكتسبت شهرة لدي بعد أن ترافق عطرها وقلقي في طرق وفي العديد من محطات القطارات سأجلس قليلا قربك أيتها الزهرة مثلما يجلس إنسان قرب قلبه وأستعيد أصباحا كنت قضيتها وأنا كطفل على شاطئ المدينة هذا الذي أرى الآن جانبا منه هنالك خلف الاشجار آه ! في تلك الأيام كانت الكلمة العليا في هذا الشاطئ لجرادة وقد انقلبت في السنة الماضية حورية بحر ! وفي انتظار الوصول الى زهرتي، هذه نصيحة مني إليك أيها العابر بقربي إليك أيها العابر جنبي لا يدلفن أحد منكما الى هذي الحديقة المتوحشة التي هي الآن قبالتي إن شاء ألا يكسر له ضلع أو يلتمع له دم على جبينه ففي جنباتها عشنا زمنا شقاوة طفولتنا نتحارب بسيوف من صنعنا وفي فترات الهدنة نصفر مقلدين موسيقى بعض أفلام الويسترن ثم نبدأ في تصويب أحجار الى أي منا كان يقبل أن يعتلي شجرة ويتقمص شخصية غراب كبرنا الآن طبعا لكن أحجارنا لاتزال على نزقها أما كل ذاك الصفير المنغم الذي كنا نصدح به فلا أعرف في أي من أصقاع الأرض تلتقطه الآن آذان ولا في أي البلاد يطفئ شموعا أو تحسبه كلاب سائبة موجها إليها. من ديوان «عيون طالما سافرت»