شكل موضوع «السلامة الطرقية والعمل القضائي»، محور يوم دراسي احتضنه قصر العدالة بوجدة مؤخرا، وخصص لتدارس الإشكاليات التي تعيق تحقيق السلامة الطرقية. وفي كلمة افتتاحية، سلط الوكيل العام للملك باستئنافية وجدة فيصل الإدريسي، الضوء على الخسائر الفادحة التي تخلفها حوادث السير ببلادنا، لاسيما في الأرواح، مبرزا أنها تؤدي يوميا إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة 212 بجروح، وتخلف سنويا وفاة أزيد من 3600 شخص وإصابة 12 ألفا بجروح بليغة، كما تكلف ما يزيد عن 2,5% من الناتج الداخلي الخام، أي ما يعادل 15 مليار درهم سنويا. ولتجاوز التداعيات السلبية لحوادث السير، والتي تحد من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أكد المتحدث على» ضرورة اعتماد كل سياسة أو برنامج تحسيسي يهدف إلى الوقاية من حوادث السير، على مرتكزات أساسية أهمها إلزامية التكوين والتأطير في السلامة الطرقية، تحسيس السائقين من جميع الفئات باحترام قانون السير خاصة في ما يتعلق بوضع حزام السلامة والخوذة الواقية واحترام مسافة الأمان وأماكن تحديد السرعة، مع ملاءمة السياقة واتخاذ تدابير الحيطة والحذر وعدم السياقة في وضعية غير ملائمة أو في حالة سكر أو تخدير، زيادة على مراقبة وضعية الناقلات وسلامتها واحترام الفحص القني الإجباري… « ، مؤكدا على أن فرض احترام هذه التدابير وغيرها «من شأنه أن يحد بشكل كبير من حوادث السير وآثارها الوخيمة، كما يمكن أن يجنب السائقين تحمل أعباء المتابعات والغرامات المنصوص عليها قانونا». وتطرق المسؤول القضائي إلى بعض التجارب المقارنة في هذا المجال، مشيرا إلى أنها أثبتت عدم كفاية المقاربة القانونية والقضائية وحدها للقضاء على آثار هذه الإشكالية المجتمعية، مبرزا بأن سياسة الدولة لا يمكن أن تكون ناجعة في تحقيق الأهداف المسطرة، «إلا من خلال إشراك فعلي ومتميز لفعاليات المجتمع المدني، وخاصة المنظمات والجمعيات والهيئات التي تعنى بظاهرة حوادث السير، على أن تكون فئة الشباب هي المستهدفة أساسا، عن طريق الإشراك الاختياري لهم في ورش العمل وبرامج التأهيل المختلفة المتعلقة بالسلامة الطرقية، وتعيين سفراء منهم للسلامة الطرقية، للدفاع عن الحق في الحياة عن طريق نشر وتعميم ثقافة احترام قواعد السير وقوانينه». وحول موضوع «تعزيز الآليات القانونية المتعلقة بالسير والجولان لتحسين مؤشرات السلامية الطرقية في المغرب»، قدم نائب وكيل الملك بابتدائية تاوريرت أحمد نبوتي، مداخلة استعرض فيها مستجدات القانون رقم 116.14 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق والذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من 12 غشت 2017. ومن أهم المستجدات التي جاء بها القانون في نسخته المعدلة، ذكر المتدخل إلغاء الاحتفاظ برخصة السياقة عند وقوع حادثة سير سواء ترتبت عنها جروح أو عاهات مستديمة أو وفاة، إلا في حالة السياقة تحت تأثير الكحول أو المخدرات أو المقرونة بالفرار أو تغيير حالة مكان الحادثة. وكذا تقليص الفترة الزمنية اللازم توفرها للانتقال من رخصة السياقة صنف «ب» إلى صنف «د» وصنف «ج» من أربع سنوات إلى سنتين فقط. كما أن القانون الجديد خفض الغرامات على مخالفات الدرجة الأولى التي يؤدى عنها 700 درهم، إلى 400 درهم في حالة أداء مبلغ المخالفة فورا أو يوم ارتكاب المخالفة… وعلى المخالفات من الدرجة الثانية المحددة في 500 درهم، إلى 300 درهم إذا تم أداؤها فورا أو خلال 24 ساعة في أحد أماكن الأداء…إضافة إلى إدراج مخالفتي السير في الاتجاه الممنوع والتجاوز المعيب ضمن قائمة المخالفات التي تستوجب تشديد العقوبة في حالة وقوع حادثة سير نتجت عنها جروح أو عاهات مستديمة أو وفاة، وكذا بعض الجنح وتشديد العقوبة عليها في بعض الحالات، من قبيل الامتناع عن استعمال الرائز المتعلق بإثبات السياقة تحت تأثير الكحول، أو الخضوع للتحققات الرامية لإثبات السياقة تحت تأثير مواد مخدرة أو أدوية تحظر السياقة بعد تناولها، فضلا عن إعادة النظر في المقتضيات الخاصة بلجان البحث الإداري في الحوادث المميتة لتيسير تفعيلها عبر إحداث مركز وطني للبحث التقني والإداري في الحوادث المميتة أو الخطيرة. وبموجب التعديلات التي أدخلت على القانون 14-116، أبرز المسؤول القضائي بابتدائية تاوريرت بأنه تم إلغاء عقوبة الإيداع بالمحجز لمدة 24 ساعة في حالة ارتكاب مخالفة التوقف غير القانوني أو الخطير مع غياب السائق أو في حال رفضه الامتثال، وأصبحت العقوبة الجديدة المطبقة على مخالفي القانون في هذا الباب هي إنهاء المخالفة مع أداء الغرامة، كما تم إلغاء عقوبة الإيداع بالمحجز لمدة 10 أيام في حالة ارتكاب مخالفة عدم الخضوع للمراقبة التقنية، والسماح بإنهاء المخالفة عن طريق إجراء الفحص التقني وأداء الغرامة… وذكر المتدخل أيضا بأن القانون الجديد قام بتوسيع دائرة التجريم والعقاب، حيث تم إدراج مجموعة من الأفعال الجديدة ضمن دائرة التجريم واعتبرت مخالفات من الدرجة الأولى… هذا إلى جانب التنصيص على معاقبة كل شبكة أو مركز للمراقبة التقنية ثبتت مسؤوليته في حادثة سير مميتة… هذا إلى جانب إحداث رخص سياقة جديدة لسياقة الدراجات النارية، حيث اشترط القانون في نسخته المعدلة الحصول على رخصة السياقة من صنف جديد «أ م» لسياقة الدراجات النارية بمحرك، بعد الخضوع لتكوين في مجال قانون السير واجتياز امتحان نظري، والحصول على رخصة من صنف «ب» عوض صنف «أ» لسياقة الدراجات ثلاثية ورباعية العجلات بمحرك… من جهته، قدم نائب وكيل الملك بابتدائية بركان مداخلة حول «دور النيابة العامة في تعزيز الأمن القضائي» بسط من خلالها أوجه تدخل النيابة العامة في مجال المخالفات المرورية، فيما قدم نائب وكيل الملك بابتدائية وجدة الحصيلة النهائية لمحاضر حوادث السير المسجلة بدائرة الاختصاص بهذه المحكمة، مشيرا إلى أن عدد المحاضر المسجلة سنة 2018، عرف ارتفاعا بنسبة 192 محضرا مقارنة مع سنة 2017، كما ذكر بأن عدد حوادث السير المميتة عرفت انخفاضا سنة 2018، بحيث تم تسجيل 30 حادثة مميتة و6 حوادث تسببت في مقتل السائق، فيما شهدت سنة 2017، 43 حادثة سير مميتة و10 حوادث تسببت في وفاة السائق. وخلص المتدخل إلى أن مسؤولية تحقيق السلامة الطرقية هي مسؤولية الجميع وتتطلب تدخل جمعيات المجتمع المدني للتحسيس، وإدراج السلامة الطرقية في المناهج الدراسية، وتمكين عناصر شرطة المرور من الأجهزة التقنية اللازمة، مع العناية بالبنية التحتية…أما نائب وكيل الملك بابتدائية جرسيف عزيز الوالي، فتطرق إلى أحكام رخصة السياقة والإشكاليات العامة المرتبطة بها…