أسدل الستار على فعاليات المعرض الدولي للكتاب والنشر في دورته الخامسة والعشرين، التي أقيمت في الفترة ما بين 07 و 17 فبراير 2019، بفضاء المعرض الدولي بالدار البيضاء. أسدل الستار عن هذه التظاهرة الثقافية الكبرى، التي تسهر وزارة الثقافة والاتصال على تنظيمها، والتي عرفت خلال هذه الدورة كسابقاتها إقبالا كبيرا من طرف الزوار، خاصة منهم فئة المثقفين والمهتمين والمولعين بحرقة البحث والقراءة. صحيح أن الازدحام كان على أشده لدرجة التدافع بالأكتاف خلال بعض أيام المعرض، أصبح الفضاء خلالها أشبه بسوق كبير. ومع ذلك فخلال فترات الازدحام هذه ظلت مجموعة من القاعات والفضاءات الخاصة باللقاءات الأدبية والتوقيعات فارغة إلا من القائمين على هذه الأنشطة وبضعة أشخاص وطاقم تلفزيوني لإحدى قنواتنا العمومية. وبالمقابل فهناك توقيعات واستضافات لمبدعين مشهورين حج إليها جمهور واصل أشغالها من بدايتها إلى النهاية .. هذا الازدحام أيضا لم يترجم إلى إقبال كبير على اقتناء الكتب، فمجموعة من دور النشر والمكتبات اشتكت من قلة أو تراجع مبيعاتها مقارنة بدورات سابقة. هؤلاء الأشخاص إذن الذين يؤدون واجب تذكرة الولوج إلى المعرض، ثم لا يواكب الواحد منهم أي نشاط من أنشطته، ولا يقتني ديوان شعر ولا رواية ولا مجموعة قصصية .. هؤلاء يتجولون فقط ويخلقون ازدحاما يفسره البعض عن حسن نية بأنه إقبال على الكتاب وعلى القراءة.فتيان وفتيات من هؤلاء المتجولين يأخذون سيلفيات بهواتفهم الذكية ذات الطراز الرفيع أمام واجهات أروقة بعض المكتبات ودور النشر دون أن يدخلوها. فئة من وجهة نظري المتواضعة ظلت مخلصة ووفية للأهداف التي خلق من أجلها هذا المعرض، إنهم الأطفال خاصة منهم تلاميذ المؤسسات التعليمية الخصوصية، الذين يواظبون على مواكبة هذه التظاهرة الثقافية سنويا، من حيث الحضور ثم الإقبال بحماس على الورشات الأدبية والفنية وعلى حفلات توقيع كتب الأطفال، وكذلك من حيث اقتناء الكتب والمجلات وكافة الإصدارات الموجهة والمخصصة لهم، باستشارة وتوجيه من أطرهم التربوية التي ترافقهم وتتجول بصحبتهم بين أروقة وفضاءات المعرض. ويحز في النفس كثيرا حرمان أطفال آخرين من حضور هذا العرس السنوي الهام، إنهم تلاميذ مؤسساتنا التعليمية العمومية الذين يواكبون أنشطته فقط عبر الروبورطاجات التلفزيونية. مؤسف حقا أن يجلس طفل في مواجهة التلفزيون ويتفرج على طفل آخر زميل أو قريب له، وهو يتجول بمعرض الكتاب أو يجيب على أسئلة طاقم تلفزيوني.. صحيح أن بعض المديرات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بادرت إلى الإشراف على تنظيم زيارات لتلاميذ من مدارس عمومية إلى معرض الكتاب، لكنها تظل مبادرات خجولة وجد محتشمة، بدليل قلة عدد المستفيدين والمستفيدات منها من تلاميذ هذه المدارس..