في دورة تكوينية لفائدة الصحفيين وجمعيات المجتمع المدني تم تنظيمها مؤخرا في موضوع الحق في الحصول على المعلومات الآليات الدولية والقوانين الوطنية بأحد فنادق فاس، قدم الدكتور عبد المجيد كوزي عرضا نظريا على قسمين. القسم الأول خصصه للآليات الدولية للحق في الحصول على المعلومات، التعريف القانوني للحق في الحصول على المعلومات حسب المنظمات والاتفاقيات الدولية: الأممالمتحدة برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، اللجنة الوزارية، اتفاقية اراهوس، القوانين الوطنية. فيما خصص القسم الثاني للنظام القانوني للحق في الحصول على المعلومات من خلال الآليات الدولية،عصبة الأمم، الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهدين الدوليين، الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان، الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، الميثاق الافريقي لحقوق الإنسان والشعوب، الميثاق العربي لحقوق الإنسان. وباختياره هذا التقسيم فقد توخى الدكتور عبد المجيد كوزي معالجة موضوع الحق في الحصول على المعلومات، في الاتجاهين القانوني والمؤسساتي، في أفق الإجابة عن الإشكالية المطروحة والتساؤلات المواكبة. وفي السياق ذاته أوضح كوزي أن دراسة الإطار المفاهيمي للحق في الحصول على المعلومات يفرض علينا التدقيق في ماهية هذا الحق، والوقوف عند تعريف المعلومات لغويا وقانونيا، ودراسة مبادئه ودوره، وكذا الدعامات القضائية والتقنية والدور الذي يلعبه المجتمع المدني في تكريس. وفيما يتعلق بالتعريف القانوني للمعلومات، أشار الدكتور كوزي إلى أن المعلومات أصبحت بفعل تطور المجتمعات والحضارات، وما يشهده العالم الحديث من تحولات عصب الحياة وحقيقة في حد ذاتها. واستعرض مجمل التعريفات الواردة عن بعض المنظمات الدولية، وأيضا بعض التعريفات الواردة لدى بعض الدول في قوانينها الداخلية وذلك من خلال الجهود الدولية من أجل النهوض بقضايا حقوق الإنسان، مسجلا اهتمام العديد من المنظمات والاتفاقيات الدولية بالحق في الحصول على المعلومات، مبرزا التعريف القانوني للمعلومات لكل دولة على حدة، انسجاما مع معايير الأممالمتحدة التي ترى من الضروري على الهيئات العامة أن تكشف عن المعلومات، ويحق لكل عضو من الناس أن يتسلم المعلومات، ويشتمل مصطلح «معلومات» على كل السجلات الموجودة عند الهيئات العامة بغض النظر عن الشكل الذي تأتي فيه. وفي إطار التعريف القانوني، استشهد كوزي ببرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، حيث تبنى هذا البرنامج آلية منذ 1977 للكشف عن المعلومات العامة، دون أن تقدم تعريفا قانونيا للمعلومات، فقط أكدت قابليتها للتطبيق، حيث تعتمد اللجنة الوزارية الأوربية مقاربة أكثر حذرا، فيما تحدد اتفاقية آرهوس بالدانمارك المعلومات بشكل واسع جدا، لتشمل أي معلومة بغض النظر عن دعامتها، وقد حددت هذه الاتفاقية المعلومات البيئية على سبيل المثال. وفي سياق المقارنة قدم المحاضر التعريف القانوني للمعلومات في القوانين الوطنية لمملكة السويد والمملكة المتحدةفرنسابلغارياأمريكا. وعلى صعيد النظام القانوني للحق في الحصول على المعلومات من خلال الآليات الدولية أبرز كوزي اهتمام الأممالمتحدة منذ نشأتها سنة 1945 مرورا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين، وصولا إلى المواثيق العامة أو الخاصة وكذا الإعلانات الدولية اهتماما خاصا بحقوق الإنسان ومصالحه المادية وعلاقته بالمجتمع. حيث اعترفت الأممالمتحدة ب «حرية المعلومات» التي تمتلكها الهيئات العامة، من خلال القرار رقم 59 عام 1946، وأكدت في أول اجتماع لها على أن «حرية تداول المعلومات، حق أساسي من حقوق الإنسان والنموذج الأساس للحريات التي وهبت له.» ويعتبر الحق في الحصول على المعلومات من الضروريات الأساسية ليس فقط من أجل الديمقراطية والحرية، بل كذلك للحق في المشاركة وتحقيق تنمية إنسانية حقيقية في مناخ يحترم الحقوق والحريات، ويقوم على أساس الديمقراطية، تحترم المعايير الثقافية والحكم وهو ما أكد عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال المادة 15 التي أكدت على الحق في المعرفة واستيفاء المعلومات-الحق في المشاركة الثقافية والتمتع بفوائد التقدم العلمي والتكنولوجي- احترام الحرية التي لا غنى عنها في البحث العلمي والنشاط الإبداعي -الحق في الحصول على المعلومات في الأنظمة الإقليمية.. كما تعتبر الاتفاقيات الإقليمية امتدادا للاتفاقيات العالمية من بينها :الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية-الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان- الميثاق الإفريقي لحقوق الانسان والشعوب-الميثاق العربي لحقوق الانسان. المحاضر اعتبر الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، إحدى الوثائق الأساسية المعتمدة من قبل مجلس أوربا منذ دخولها حيز النفاذ سنة 1953، حيث نصت المادة 10 على أن « لكل شخص الحق في التعبير، ويشمل هذا الحق حرية الرأي، وحرية تلقي المعلومات أو الأفكار وإذاعتها دون تدخل السلطات العامة ومن دون التقيد بالحدود الجغرافية لا تمنع هذه المادة الدول من إخضاع مؤسسات الإذاعة أو السينما أو التلفزة لطلبات الترخيص». وفي سنة 1981 قامت اللجنة الوزارية بمجلس أوربا باعتماد التوصية رقم 19(81) ر،حول النفاذ إلى المعلومات التي تمتلكها السلطات العامة والتي أعلنت أنه:» يحق لكل واحد ضمن نطاق سلطة دولة عضو بأن يحصل عند الطلب على المعلومات التي تمتلكها السلطات العامة من غير الهيئات التشريعية والسلطات القضائية. أما على صعيد الحق في الحصول على المعلومات في الأنظمة الإقليمية الاتفاقية الأمريكية لحقوق الانسان نموذجا، أكدت المادة 13 على حرية الفكر والتعبير ويشمل هذا الحق حريته في البحث عن مختلف أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها ونشرها ونقلها للآخرين، دونما اعتبار للحدود، سواء أكانت هذه الحقوق شفوية أو كتابية أو طباعة أو في قالب فني أو أية وسيلة يختارها». كما لا يجوز أن تخضع ممارسة هذا الحق المنصوص عليه في الفقرة السابقة لرقابة مسبقة،بل يجب أن تكون موضوعا لفرض مسؤولية لاحقة يحددها القانون صراحة،وتكون ضرورية من أجل ضمان: أ : احترام حقوق الآخرين وسمعتهم ب :حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الأخلاق العامة يشار الى ان مركز حقوق الناس المغرب نظم يوم 19 يناير 2019 الدورة التكوينية الثالثة لفائدة أعضاء وعضوات المرصد الجهوي للإعلام والتواصل حول الحق في المعلومة بشراكة مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية الفرع الجهوي لفاسمكناس والمرصد الجهوي للإعلام والتواصل وبدعم من مؤسسة فريدريش نيومان من أجل الحرية. وقد تضمن برنامج الدورة ثلاثة عروض وتنشيط موفق للصحفي محمد بوهلال 1- تنصيف المعلومات ألقاه د : جمال الشاهدي رئيس مركز حقوق الناس و2- الحق في المعلومة من خلال المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة ألقاه د : عبد المجيد كوزي. و3- الحق في المعلومة من خلال القانون المغربي ألقاه ذ إدريس العادل رئيس المرصد الجهوي للإعلام. و4- التواصل وحق الصحافيين في الولوج إلى المعلومة ألقاه د : جواد الرامي عضو المرصد كما تضمن مائدة مستديرة حول ملاءمة القانون المغربي مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة سيرها جمال الشاهدي، واستطاعت الدورة إغناء احتياجات المشاركين من خلال عروض بسيطة واضحة ومنطقية، من بين أهم نتائجها المشاركة الإيجابية وإكتساب مهارات تواصلية جديدة .