دعت الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان السلطات المغربية إلى «الإفراج عن الأشخاص المحتجزين الذين تعرضوا للملاحقة أو الإدانة في إطار ممارسة حريات عامة كتلك المعترف بها في الدستور والقانون الدولي لحقوق الإنسان ». وأوصت الفيدرالية في التقرير الذي نشرته بمراكش بمناسبة المنتدى العالمي لحقوق الانسان ب«متابعة وتعميق عملية الإصلاح لتحقيق التناغم بين القوانين الوطنية والدستور والاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها المملكة المغربية لحماية حقوق الانسان». التقرير الذي جاء تحت عنوان: «العدالة المغربية قيد التعديل : إصلاحات ضرورية لكنها غير كافية لحماية حقوق الإنسان». تضمن بالإضافة إلى التوصيات محورين هما: «انتهاكات متكررة لحقوق الانسان وأوردت فيه الفيدرالية بأن هناك قمعا للحريات العامة تمثل في حالات تم فيها استخدام القوة المفرطة بحق متظاهرين سلميين». و«إجراءات جائرة بحق أشخاص جائرة بحق أشخاص يعبرون عن آراء معارضة» و«ممارسة ضغوط على القضاة والمشتغلين بالعدالة». كما أن هناك استمرارا للإفلات من العقاب في حالات التعذيب وإساءة المعاملة بخاصة أثناء الحراسة النظرية ، وغياب التحقيقات والملاحقة ، وانتهاكات بحق مهاجرين ورداءة ظروف الاحتجاز . وفي المحور الثاني أوردت الفيدرالية التي عقدت اجتماعا لمكتبها الدولي بمراكش خلال الثلاثة أيام الماضية ، أن هذه الانتهاكات المتكررة لا تستجيب لها الإصلاحات الجارية في مجال العدالة والسياسات إلا على نحو جزئي. وأوصت ب«تحديد الأولويات وتوضيح جدول الأعمال الخاص بالإصلاحات المختلفة التي تم الشروع فيها ،للتخفيف من أعبائها البرلمانية القائمة ومنح الأولوية للإصلاحات الضرورية لمكافحة التعذيب وإساءة المعاملة ، من قبيل إنشاء الآلية الوطنية لمناهضة التعذيب، وإصلاح قانون العقوبات وقانون المسطرة الجنائية». استمرار الإفلات من العقاب في حالات من التعذيب يفرض القانون الدولي حظراً صارماً على التعذيب وغيره من أشكال المعاملة السيئة، كما يتخذ هذا الحظر صفة المعيار وجوبي التطبيق، أو المعيار القاطع. وقد صدق المغرب في 21 يونيو 1993 على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من أشكال العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وينص دستوره في المادة 22 على أن «ممارسة التعذيب بكافة أشكاله ومن قبل أي أحد جريمة يعاقب عليها القانون». أما تعريف التعذيب في التشريع المغربي، وبخاصة المادة 231 - 1 من قانون العقوبات، المكملة والمعدلة بالقانون رقم 43 - 04 لسنة 2006، فهو يستجمع الأركان الرئيسية للمادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب. ومع ذلك فقد قام المقرر الخاص المعني بالتعذيب بدعوة المغرب إلى العمل على تكفل قانون العقوبات ب«الإشارة الصريحة وتجريم ارتكاب أعمال التعذيب بوساطة أطراف ثالثة» بحيث يغطي حالات التواطؤ أو الموافقة الضمنية. ولكن على الرغم من التشريع المتفق إلى حد بعيد مع المعايير الدولية فإن ممارسة التعذيب تظل واقعاً ملموساً، ويظل مرتكبوها يفلتون من العقاب رغم إرادة السلطات المعلنة للقضاء على تلك الظاهرة. ضرورة اسقلال المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية رغم أن قضاة المحاكم غير قابلين للعزل فإن مستشاري النيابة مستبعدون من تلك الحماية نص الدستور المغربي الجديد على إنشاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بتشكيل جديد واختصاصات مراجعة وموسعة. ويفترض في القانون الدستوري 100 - 13 إذن أن يوطد هذه المكتسبات الدستورية عن طريق تعزيز مخصصات تلك المؤسسة، التي ينبغي في تشكيلها أن تكون مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأن تمتلك صلاحية إدارة السلك القضائي، وأن تتمتع بالاستقلال المالي، وأن تتمكن من وضع المعايير الأخلاقية المهنية للقضاة وتحديد التوجهات العامة فيما يتعلق بتدريب القضاة. على صعيد آخر، ومن أجل ضمان استقلال القضاة على نحو فردي، وهو أحد العناصر المؤسسة لدولة القانون والفصل بين السلطات، تنص المعايير الدولية على أن تكفل الدول ترشيح القضاة على أساس معايير اختيار صارمة وموضوعية، وعلى نحو شفاف، وأن يكونوا غير قابلين للعزل. إلا أن عملية ترشيح القضاة واختيارهم في المغرب، وحتى يومنا هذا، تخضع لسيطرة وزارة العدل، كما تنص عليه المواد 5 و 6 من القانون رقم 1- 74 - 467 الصادر في 11 نونبر 1974 والمتعلق بوضع القضاء. أما عن ترقية القضاء مهنياً فإن وزارة العدل أيضاً هي التي تصنفهم من حيث الصلاحية، وتضعهم على قوائم اللياقة. كما أن وزارة العدل تقوم بدور مركزي في المجال التأديبي، مما يتناقض مع المعايير الدولية لهذا المجال. ويتسم قضاة النيابة باعتمادية خاصة على السلطة التنفيذية من حيث الدور المهيمن لوزير العدل في المسيرة المهنية لأفراد النيابة، والسلطة التراتبية التي يمارسها عليهم. ومع أن قضاة المحاكم غير قابلين للعزل فإن مستشاري النيابة مستبعدون من تلك الحماية. ويتسم موضوع استقلال أفراد النيابة بغياب الإجماع عليه. ومع ذلك فإن أغلبية المشتغلين بالقانون والمجتمع المدني يدافعون عن وجود ضمانات فعالة لاستقلال النيابة بإزاء السلطة التنفيذية. وتنص النسخة الأخيرة من مشروع القانون الخاص بوضع القضاة على ألا يقوم وزير العدل بترشيح أفراد النيابة، إلا أنها تنص أيضاً على أن يرشحهم وكيل الملك على مستوى محكمة النقض، مما يظل يثير الإشكاليات. عنف الشرطة ضد المتظاهرين لا ينتهي إلى ملاحقات قضائية رغم أن السلطات المغربية على وعي بالمعايير الدولية الواجب اتباعها إزاء المظاهرات واللجوء إلى القوة، القائمة على مبدأي الضرورة والتناسب، والتي ذكرها المقرر الخاص المعني بالتعذيب في تقريره الأخير عن المغرب، إلا أن الحكومة لم تضع أية سياسة طموحة لضمان تنفيذها والتصدي الفعال لمواقف العنف تجاه المتظاهرين السلميين. وقد ذكر مدير بلدية العيون، الذي استقبل بعثة الفدرالية في 30 مايو 2014، بخصوص مزاعم إساءة المعاملة التي تعرض لها متظاهرون تم توقيفهم على أيدي عناصر قوات الأمن،أن إدارة الخدمات الإدارية في البلدية قد خوطبت وتم فتح تحقيق. وإذا تأكدت المزاعم فسوف يتم توقيع العقوبات الإدارية أو القضائية المقررة. في حالة الإصابة، يحال الشخص المصاب إلى الكشف الطبي ثم يخطر النائب العام على الفور. ومع ذلك فقد بدا أن أغلبية التحقيقات المفتوحة في عنف الشرطة عند توقيف متظاهرين، إن لم تكن كلها، لم تنته إلى ملاحقات قضائية بحق أفراد قوات الأمن المتورطين ولا إلى تعويض الضحايا. بل إن الأمور وصلت إلى ترقية بعض المسؤولين عن أعمال العنف تلك، بحسب الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وهكذا فقد ندر تمكن المتظاهرين المصابين والموقوفين من الوصول إلى طبيب، واتسم بندرة أكبر حصول بعضهم على شهادة طبية تثبت ما تعرضوا له من عنف. فصرح إبراهيم م.، 18 أحد المحتجزين بسجن العيون، للفدرالية أنه تعرض لضرب مبرح عند توقيفه في دجنبر 2012 أثناء اعتصام يطالب بتقرير المصير للصحراويين. وكسرت ذراعه اليسرى فلم يحصل على أية رعاية طوال أيام، ولم تظهر أية معلومات عن إجراء تحقيق وانتهائه إلى معاقبة المسؤولين. وبغرض وضع حد لهذا النوع من العنف، تولى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالتعاون مع وزارة الداخلية وضع برنامج تعليمي عن الأمن العام، وإدارة المظاهرات، وأساليب التعامل معها من جانب أفراد قوات الأمن. ومن جهة أخرى كانت قوات الأمن قد شرعت في تسجيل تدخلات الشرطة أثناء المظاهرات بالفيديو على نحو منهجي. 19 ومع ذلك فإن تسجيلات الفيديو لها حدود معينة، كما يدلل على هذا لجوء قوات الأمن إليها من جهة، ولجوء المتظاهرين المطالبين بتقرير المصير إليها من جهة أخرى، حيث يقدم كل طرف مقاطع فيديو بغية إثبات لجوء الطرف الآخر إلى العنف.