: من بين 9 ملايين امرأة 6 ملايين يتعرضن للعنف شهدت رحاب دار التنمية فضاءات السعاة الدروة ، أجواء فكرية متميزة، لمناقشة إشكالات موضوع العنف ضد النساء ، وذلك في اطار الحملة العالمية التي شهدتها كل دول المعمور في الفترة مابين 26 نونبر و11 نونبر ، والتي واكبتها بلادنا من خلال فتح النقاش حول البحث عن سبل الحد من الظاهرة، والتي تميزت ايضا هذه السنة بإطلاق وزارة الاسرة والتضامن للحملة 16 لوقف العنف حول موضوع «تعبئة جماعية ومجتمعية لوقف العنف ضد النساء» تحت شعار»العنف ضد النساء ضسارة والسكات عليه خسارة». وفي هذا الإطار نظمت وكيلة التنمية الجهوية بالمنسقية الجهوية لوكالة التنمية الاجتماعية الدارالبيضاء – سطات السيدة سعاد مفتاح، مائدة مستديرة حول موضوع الحملة الوطنية السادسة عشر لوقف العنف ضد النساء ،والتي شهدت مداخلات من مختلف التوجهات القانونية والجمعوية والدينية لمقاربة الظاهرة من جوانب متعددة ، تعززت بمجموعة من المداخلات للحضور الذي أغنى النقاش وأبان عن وعي كبير بضرورة محاربة الظاهرة المجتمعية وفتح باب الحوار والنقاش في مختلف القضايا من اجل ترسيخ المقاربة التشاركية بين المواطن والمؤسسات وهو ما وعدت به السيدة سعاد مفتاح التي حلت حديثا بالمنطقة، معتبرة أن هذا النشاط هو تأسيس لفتح باب النقاش والحوار في منطقة آخذة في التمدد والتوسع والتي تتطلب مواكبة ثقافية وفكرية وتنموية. سعاد مفتاح في بداية افتتاحها للندوة تطرقت للسياق العام لهذا اللقاء الذي يندرج في اطار إطلاق وزارة الاسرة والتضامن للحملة الوطنية لوقف العنف ضد النساء،تخليدا لليوم العالمي ،ملخصة ماجاء في كلمة الوزارة المعنية بالمناسبة بأن المجتمع المغربي يدفع كلفة اقتصادية واجتماعية باهظة جراء تعرض شريحة واسعة من نسائه للعنف والتمييز والتهميش، وهي الكلفة التي يجب ان تحظى باهتمام كل الفاعلين لان عدم الاستثمار في وقف العنف هو تعطيل لجهود التمكين من الحقوق والكرامة وبالتالي تعطيل للدستور.كما اشارت الى الجديد الذي تحمله حملة هذه السنة وهو دخول قانون 13.103 حيز التطبيق، والذي أتى بإصلاحات مؤسساتية وإستراتيجية يتطلب تفعيلها وإحداث تعبئة شاملة لتوفير شروط تطبيقها. وكيلة التنمية بالجهة، أكدت أنه في هذا الباب «نراهن على تعبئة الفاعلين وإثراء النقاش لتقاسم الرؤى حول الموضوع واقتراح مبادرات تؤسس لمرحلة جديدة نوعية للمشاركة والتعاون وهو ما تسعى له هذه المائدة التي تضم وجهات فكرية مختلفة يوحدها جميعا هاجس الحد من هذه الظاهرة التي تسئ لكرامة المرأة – الانسان» محمد بوعمري رئيس جماعة الدروة في مداخلته بعنوان «انخراط الجماعة في الحملة الوطنية لوقف العنف ضد النساء ركز على مكانة المرأة المغربية في المجتمع وعلى الدور الكبير الذي تقوم به لتنمية البلاد، حيث تتواجد في الميادين العلمية واثبتت كفاءة عالية، كما تعمل بكد وعناء في العديد من المهن الصغرى لتعيل آسرتها ،كما اشار الى مكانتها السياسية أيضا ودورها في تدبير الشأن المحلي باقتدار كبير يشهد له بها جميع المواطنين .وأكد بوعمري بان جماعته تنخرط بشراكة مع المجتمع المدني في تطبيق مبدأ المناصفة ومقاربة النوع وتفعيل مبادئ المساواة حيث تتواجد 6 نساء في مجلس الجماعة ، مشهود لهن بالعمل والكفاءة. رضوان قصباوي واعظ ومؤطر بالمجلس العلمي ببرشيد في مداخلته بعنوان «مظاهر حماية الاسلام للمرأة من العنف» استعرض النصوص القرآنية التي تحرم العنف ضد النساء بدءا من تحريمه وأد النساء والتشريعات الزجرية الحازمة في كل مايتعلق بما يمس كرامة المرأة حتى ان الاسلام جرم العنف اللفظي بنهيه عن رمي المحصنات مستدلا في كل حديثه بآيات قرأنية ومشيرا الى ان الإشكال يتمثل حسب رأيه في القضاء نهائيا على الظاهرة، مشيرا الى ان المجلس العلمي ببرشيد ساهم في الحد من الظاهرة بدروس الوعظ والارشاد في المساجد والمؤسسات العمومية ومن خلال تأطير المقبلين على الزواج،كما انه ابرم شراكات مع الفاعلين في هذا الشأن من اجل التعاون للحد من هذه الافة المجتمعية. مريم نعور نائبة وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية ببرشيد، من خلال مداخلتها بعنوان «اي حماية للنساء في ظل قانون 103.13 استطاعت ان تجيب عن سؤال «كيف قارب القانون هذه الظاهرة، أو أي حماية للنساء في ظل هذا القانون؟ ذكرت مريم ان القانون حدد العقوبة والغرامة لكل من تطاول على النساء بالعنف والتحرش الجنسي واستعرضت فصول القانون ونوعية العقوبة والغرامة لكل اعتداء او عنف يمارس ضد المرأة، ولكنها توقفت ايضا عند الصعوبات التي تنتصب كعائق في بعض الحالات لتطبيق القانون ،حيث اشارت الى صعوبة الاثبات في واقعة العنف الزوجي والتحرش الجنسي، كما أن المعاقبة على العنف لاتتم إلا بشكاية من طرف الضحية وتتوقف بطلب منها. الوسيطة الاسرية نبيلة صفادي، عضو الجمعية المغربية لمساندة الاسرة، عرجت في مداخلتها بعنوان «العنف ضد النساء بين الواقع والقانون» على مسار الظاهرة ومراحل تطورها والتي كان للمجتمع المدني الريادة في كسر هذا الموضوع الطابو بالتحسيس والتوعية والدعم النفسي والقانوني ومرافقة وايواء الضحايا وذلك من خلال فتح مراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف لتكسير جدار الصمت عنها،حيث تم فضح العنف المسلط على المرأة بالشهادات والاحصائيات. امام هذه الوضعية – تقول نبيلة صفادي الفاعلة الجمعوية التي حملت هم هذا المشروع منذ نواته الاولى واشتغلت عليه – كان لابد من التفكير في منهجية للتواصل مع المؤسسات واشراكها في تحمل مسؤولية محاربة الظاهرة، فشرع في تنظيم مناظرات فكرية بشراكة مع كل الفاعلين لإعداد مقترحات ومذكرات مطلبية للترافع من اجل مناهضة ظاهرة العنف ضد النساء، ثم ابرام شراكات مع المجتمع المدني والجهات المعنية نتج عنها خلق خلايا خاصة بالعنف بمراكز الشرطة والمستشفيات والمحاكم ونظمت حملات تحسيسية وتمت المصادقة على مجموعة من المواثيق الدولية الخاصة بمناهضة العنف،كاتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة ثم ملاءمة القوانين الوضعية مع المواثيق الدولية. ورغم هذه التدابير بقي تأثيرها محدودا في غياب قانون خاص من شأنه المساهمة في محاربة هذه الظاهرة وحماية النساء ومعاقبة مرتكبي العنف.وهو ما دفع بالحركة النسائية تضع هذا المطلب ضمن اولوياتها وتلح في مرافعاتها ومذكراتها ومختلف الانشطة التي نظمتها والتقارير التي اعدتها على ضرورة وجود قانون يحمي النساء.وفي اطار هذه الصيرورة وبعد 15 سنة من الانتظار دخل مؤخرا قانون محاربة العنف ضد النساء حيز التطبيق. وهنا لابد من طرح سؤال محوري ،تقول نبيلة صفادي، هل قانون محاربة العنف ضد المساء يضمن الوقاية والحماية للمرأة المغربية؟ القانون الجديد يلزم السلطات العمومية باتخاذ ما يلزم من تدابير ،بما في ذلك برامج لرفع مستوى الوعي حول العنف ضد النساء والتوعية بمخاطرالظاهرة ،كما يحمل تدابير حمائية مثل منع المعنف من الاقتراب والتواصل مع الضحية مع تشديد العقوبات على بعض الافعال الموجهة للنساء في وضعية خاصة كالعنف ضد المرأة الحامل او الزوجة او الطليقة بحضور الابناء والوالدين – الاقرار بجرائم جديدة بما في ذلك الزواج القسري او تبديد المال او الممتلكات للتحايل على دفع النفقة او المستحقات الأخرى الناتجة عن الطلاق او طرد او منع الزوجة من العودة الى بيتها- تجريم التحرش الجنسي في الاماكن العامة – تجريم التحرش الالكتروني ضرورة تقديم شكاية بالفعل المرتكب – تجريم بعض الافعال باعتبارها صورا من صور التحرش الجنسي مع تشديد العقوبات عليها في حالة ارتكاب الفعل في ظروف معينة ومن طرف اشخاص محددين كأحد الاصول او المحارم او زميل في العمل او شخص مكلف بحفظ النظام .- فيما يتعلق بالتكفل بالنساء ضحايا العنف كما نص القانون على إحداث وحدات متخصصة لتلبية احتياجات النساء والاطفال في المحاكم وفي مراكز الامن والدرك الملكي بالإضافة الى لجان محلية وجهوية ووطنية لمعالجة قضايا العنف. لكن مع كل هذه التدابير التي جاء بها القانون، تقول الوسيطة الاسرية، تبقى هناك العديد من المؤاخذات عليه والتي هي محط نقاش ورفض من طرف الجمعيات النسائية والحقوقية لأنها تعيق التنزيل السليم للقانون. فصدور نص يقوم على تتميم وتعديل القانون الجنائي والمسطرة الجنائية في الوقت الذي تجمع فيه الاطراف المعنية على ضرورة اصلاحهما يعكس رؤية تجزيئية ومحدودة ويتعارض مع مضمون مقتضيات الدستور المغربي في هذا الباب، وهوما يجعل المنظمات النسائية بالنظر لخصوصية العنف القائم على النوع الاجتماعي تطالب بقانون خاص وليس تعديلا للقانون الجنائي. القانون لايوفر المساعدة المالية للناجيات من العنف او تحديد دور الحكومة بوضوح فيما يتعلق بتوفير الدعم والخدمات للناجيات من العنف الاسري ،بما في ذلك المأوى، الخدمات الصحية ،الرعاية الصحية النفسية، المشورة القانونية والخطوط الهاتفية لحالة الطوارئ. في نهاية مداخلتها ،أكدت نبيلة صفادي أن القانون وحده غيركاف لاحتواء ومحاربة ظاهرة مركبة أكدت الدراسات والتقارير على استفحالها وانتشارها داخل مجتمع تطغى فيه الذهنيات التقليدية والتمثلات ،لكن الاكيد انه سيساهم تربويا في تغيير العقليات. عزيز حجازي ،اطار مرجعي بالفضاء المتعدد الوظائف ببرشيد وفي مداخلته بعنوان «الفضاء المتعدد الوظائف للنساء» استعرض تجربته كشاب في النهوض بهذا الموضوع المجتمعي الشائك، وكيف يسعى الشباب للعب دور فاعل في التوعية والتحسيس ونشر ثقافة المساواة والكرامة ونبذ العنف.النقاش الذي تلا العروض كان غنيا متنوعا ومتعطشا لمثل هذه اللقاءات التي تكرس المقاربة التشاركية وترفع من مستوى الوعي التشاركي في البحث الجماعي عن حلول للقضايا المجتمعية.