أظهرت دراسة جديدة أن الجهود الدولية المدافعة عن حقوق المرأة، ما زالت عاجزة عن تغيير وضع ملايين الفتيات اللاتي يعشن في جحيم دائم. وقالت مؤسسة ?بلان انترناشيونال? الخيرية إن الخوف يسيطر على معظم مراهقات العالم، وأنهن يخشين التعرض للاعتداء في كل لحظات حياتهن. وكشف استطلاع دولي أجرته على 7 آلاف مراهق ومراهقة من 11 دولة في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، أن حوالي 52 بالمئة من الفتيات لا يتخذن أي قرار بشأن الإنجاب، كما تحرم 40 بالمئة من الفتيات من اختيار أزواجهن بمفردهن، فيما تشعر 51 بالمئة من الفتيات بالخوف من إبداء آرائهن. وأوضحت تانيا بارون، المدير التنفيذي للمؤسسة التي يوجد مقرها بالمملكة المتحدة، أن معظم المراهقات يتعرضن للإساءة وأن قدراتهن محدودة، لذلك يتم استغلالهن ويحرمن من الذهاب إلى المدرسة ويتعرضن للاعتداء الجنسي ولخطر الحمل في سن مبكرة. وبينت الإحصائيات المستقاة من عدة دول أن الفتيات يتعرضن للعنف حتى في الأماكن التي ينبغي أن يتمتعن فيها بالأمان، مثل الأسرة والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية بمختلف أنواعها، وتزيد تلك الممارسات على شبكة الإنترنت، ويرتكبها أفراد من العائلة، ومعلمون وجيران وغرباء. وأعلنت منظمة الأممالمتحدة للطفولة ?يونيسيف? بعد أن جمعت بيانات عن 190 دولة أن 120 مليون فتاة، أي ما يزيد عن عشرة بالمئة، يتعرضن للاغتصاب أو الاعتداء للجنسي قبل بلوغهن سن العشرين، كما يتم تزويج 23 مليون فتاة قبل بلوغهن سن 15 عاما. وأشارت إلى أن أكثر من سبعة ملايين مراهقة تحمل سنويا في الدول النامية، منهن مليونان تحت سن الرابعة عشرة من العمر، ويؤدي الزواج المبكر والاغتصاب إلى وفاة مليون طفلة سنويا. وتتعرض حوالي 130 مليون فتاة وامرأة إلى شكل من أشكال تشويه الأعضاء التناسلية في 29 بلدا في أفريقيا والشرق الأوسط حيث تنتشر هذه الممارسة الضارة. وقالت الأممالمتحدة إنه سيتم تزويج 142 مليون طفلة في الدول النامية قبل سن الثامنة عشرة في غضون عام 2020، إضافة إلى أن حوالي 30 مليون فتاة مهددة بالتعرض للختان في العقد المقبل إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه. ويرى الخبراء أن وضع الفتيات في بعض الدول العربية يعتبر الأكثر قتامة على الإصلاق، فالعديد منهن مازلن يتزوجن دون إرادتهن، كما تبتر أعضاؤهن التناسلية، إما بدافع العادات والتقاليد أو بسبب رجال الدين الذين يشجعون هذه الظاهرة. وأظهرت بيانات نشرها صندوق الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف) العام الماضي أن 98 بالمئة من الفتيات والنساء في الصومال خضعن للختان وكذلك 96 بالمئة في غينيا و91 بالمئة في مصر. وأشارت الإحصائيات إلى أن 60 بالمئة من الفتيات في أفغانستان يتم تزويجهن قبل سن 16 من العمر، فيما تحمل 25 بالمئة من النساء اليمينات قبل بلوغهن 18 عاما. وغالبا ما تكون دوافع الزواج المبكر الفقر أوحماية الفتيات من التحرش الجنسي والحافظ على شرف العائلة، أو التهميش الاجتماعي الممارس ضد الفتيات بدرجات متفاوتة. وقالت اليونيسيف ?إنه من الصعب تعداد حالات هذا الزواج الذي لا يزال منتشرا إلى حد كبير في الدول النامية وضمن المجتمعات الفقيرة?. وأضافت أن الزواج المبكر ?ينطوي على آثار عميقة على الصعيد الجسدي والفكري والنفسي والعاطفي، كما أنه يحول دون استكمال الدراسة والتطور الشخصي?. ويرى نشطاء في عدد كبير من الدول العربية أن الظروف الاجتماعية والثقافية السائدة تساعد على بقاء الفئات الأكثر هشاشة رهينة لهذا العنف الذي ينتهي في بعض الأحيان بمآس. ورغم أن تلك الممارسات تمثل انتهاكا لكل المعاهدات التي تعنى بحماية حقوق الإنسان، لكن لا تمتلك أي دولة حتى الآن القدرة على منح الفتيات ولو جزء من حقوقهن، وخاصة في ظل الفجوات الكبيرة في تمويل العمل المطلوب لحمايتهن، إذ لا يخصص المجتمع الدولي سوى سنتين فقط للمراهقات من كل دولار يُنفق على التنمية الدولية.