‬ما ‬دلالة ‬رئاسة ‬المغرب ‬لمجلس ‬الأمن ‬والسلم ‬في ‬الاتحاد ‬الأفريقي ‬للمرة ‬الرابعة ‬؟    صادرات قطاع الطيران ترتفع بنسبة 14,2 في المائة بداية السنة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    ردا على ترامب .. الصين تفرض رسوما جمركية على منتجات أمريكية    فاس.. توقيف ستة أشخاص للاشتباه في تورطهم في نشاط عصابة إجرامية متورطة في قضية تتعلق بالاختطاف والاحتجاز وطلب فدية مالية والحيازة والاتجار غير المشروع في المخدرات    كيوسك الثلاثاء | الحكومة تخصص 400 مليون درهم لإعادة هيكلة الغرف المهنية    الصين: افتتاح الدورتين، الحدث السياسي الأبرز في السنة    الصين تفرض رسوما على سلع أمريكا    تصفيات مونديال 2026: تحكيم صومالي لمباراة المنتخبين المغربي والنيجري    فينيسيوس: "مستقبلي رهن إشارة ريال مدريد.. وأحلم بالكرة الذهبية"    الزلزولي يعود إلى تدريبات ريال بيتيس    تصعيد نقابي في قطاع الصحة بجهة الداخلة وادي الذهب.. وقفة احتجاجية واعتصام إنذاري ومطالب بصرف التعويضات    قمة عربية في القاهرة لبحث مشروع بديل لمقترح دونالد ترامب بشأن غزة    أجواء ممطرة في توقعات طقس الثلاثاء    تأجيل قضية ناشط في طنجة توبع بسبب تدوينات حول حرب غزة إلى 10 مارس    قمة عربية في القاهرة لمناقشة خطة بديلة لمشروع ترامب في غزة    مصرع طفل جراء انهيار التربة في دوار بإقليم سيدي بنور    الإفراط في تناول السكر والملح يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان    دوري أبطال أوروبا .. برنامج ذهاب ثمن النهاية والقنوات الناقلة    بتعليمات ملكية.. ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأميرة للا خديجة يشرفان على انطلاق عملية "رمضان" لفائدة مليون أسرة مغربية    مطالب للححكومة بدعم الكسابة بعد إلغاء أضحية العيد    ساكنة الجديدة تنتظر تدخل العامل ومحاسبة المتسببين في مهزلة الأزبال    ترامب يعلق "مساعدات أوكرانيا"    فرنسا تفرض إجراءات غير مسبوقة لتعقب وترحيل المئات من الجزائريين    الفيدرالية المغربية لتسويق التمور تنفي استيراد منتجات من إسرائيل    تحويلات الجالية تتجاوز 9 مليار درهم متم يناير المنصرم    ألباريس يجدد التأكيد على موقف بلاده الداعم لمبادرة الحكم الذاتي ولمغربية الصحراء    مباحثات بين ولد الرشيد ووزير خارجية ألبانيا للارتقاء بالتعاون الاقتصادي والسياسي    بطولة إسبانيا.. تأجيل مباراة فياريال وإسبانيول بسبب الأحوال الجوية    وكالة بيت مال القدس تشرع في توزيع المساعدات الغذائية على مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالقدس الشريف    ترامب يفرض رسوما جمركية بنسبة 20 في المائة على الصين    تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    القنوات الوطنية تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول من رمضان    سينما.. فيلم "أنا ما زلت هنا" يمنح البرازيل أول جائزة أوسكار    مجلس حقوق الإنسان: 40 دولة تجدد تأكيد دعمها للسيادة التامة والكاملة للمغرب على صحرائه    ولد الرشيد يشيد بالموقف الألباني    أداء إيجابي يسم بورصة البيضاء    3 مغاربة في جائزة الشيخ زايد للكتاب    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    زكية الدريوش    المغرب يستمر في حملة التلقيح ضد الحصبة لرفع نسبة التغطية إلى 90%‬    أحمد زينون    كرنفال حكومي مستفز    وزارة الصحة تكشف حصيلة وفيات وإصابات بوحمرون بجهة طنجة    حوار مع صديقي الغاضب.. 2/1    وكالة الأنباء الإسبانية (إفي): ابراهيم دياز.. الورقة المغربية الرابحة لأنشيلوتي في ديربي مدريد    أهدنا الحياة .. ومات!    ضرورة تجديد التراث العربي    وزير الثقافة الإسرائيلي يهاجم فيلم "لا أرض أخرى" بعد فوزه بالأوسكار    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    ناقد فني يُفرد ل"رسالة 24 ": أسباب إقحام مؤثري التواصل الاجتماعي في الأعمال الفنية    كرة القدم: كوريا تتقدم بطلب تنظيم كأس آسيا 2031    دوبلانتيس يعزز رقمه العالمي في القفز بالزانة    مسلسل "معاوية".. هل نحن أمام عمل درامي متقن يعيد قراءة التاريخ بشكل حديث؟    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب: من سياسة جديدة للهجرة إلى ميثاق أممي للهجرة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 29 - 09 - 2018

ما فتئت ظاهرة الهجرة، منذ أزيد من ثلاثة عقود، تطفو على السطح بشكل جعلها تتحول إلى مشكل بنيوي في العلاقات القائمة بين الشمال والجنوب. ويطرح هذا الإشكال اليوم ضرورة البحث عن إطار قار ومشترك بين الدول المعنية للتداول والتشاور والتنسيق حول تطور هاتة الظاهرة والانتباه للتداعيات الاقتصادية و السياسية والاجتماعية والأمنية التي تترتب عنها .
لقد شكل المغرب على مرالعقود نموذجا للهوية المتعددة المشارب والثقافات، كانت إحدى أبرز سماتها الهجرة الجماعية للمورسكيين واليهود خلال القرن السادس عشر بعد توغل التطرف الديني وتمكنه من الحكم بالجارة الإسبانية، لكن المغرب جعل من هاته الهجرة الجماعية نقطة تحول في صقل هُويته الوطنية و تغذيتها بقيم التسامح والتعايش والتنوع.
إن هذا ما جعل المغرب في فترة ما سمي بالربيع العربي يستبطن هذا المنطق في بلورة دستوره الجديد ويؤكد على اعتبار التعدد والتنوع جزءا مشكلا لهويته الوطنية.
إن إكراهات المغرب في التعامل مع إشكالية الهجرة تتمثل في عنصرين أساسيين:
من الناحية الجغرافية يعد المغرب أقرب نقطة للعبور نحو الضفة الأوربية حيث تشكل هجرة سكان دول الساحل جنوب الصحراء عبئا أمنيا و اقتصاديا يلزم تدخلا مضاعفا للدولة في تعاملها مع الأوضاع الإنسانية المترتبة عن هذه الظاهرة. لذا اتجه المغرب نحو بلورة استراتيجية للتعاون التنموي و الأمني والاقتصادي والسياسي مع بعض دول الساحل جنوب الصحراء، كنموذج يرمي إلى جعل روح التعاون في البناء التنموي جزءا من الحلول المفترضة لمعالجة هذه الإشكالية من دول المنشأ. كل هذا في ظل وضعية اقتصادية تتسم بتحمل المغرب لتداعيات الأزمة التي عصفت باقتصاديات دول الاتحاد الأوربي بعد سنة 2009 .
2- إن تعامل المغرب مع تطورات الوضع الإقليمي قد استند إلى عنصرين أساسيين:
أولا: اعتماد المرجعية الأممية في مجال حقوق الإنسان ومن ضمنها حقوق المهاجرين كإحدى الركائز الأساسية في تعامله مع أوضاع المهاجرين، حيث شكلت توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان منطلقا جديدا في صياغة السياسة العمومية للهجرة.
ثانيا: استحضار المخاطرالأمنية المرتبطة بالوضع الإقليمي الجديد.
إن الوضع الراهن أصبح يلزم على الدول التعامل الإيجابي مع ظاهرة تنقل البشر، إذ بات من الضروري على كل الدول أن تساهم بشكل إيجابي في جميع مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مختلف أنحاء العالم، مع إعطاء الأولوية لدول المنشأ من أجل تطوير مؤشراتها في النمو الاقتصادي، وهذا يعني أن ظاهرة الهجرة ستصبح في صلب المسلسل التنموي العالمي كأحد الركائز الهامة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030.
إن تبني الأهداف السالفة الذكر سيمكن المنتظم الدولي من الانتقال إلى مرحلة أخرى من التعاطي مع الظاهرة، وفق ما أقره إعلان نيويورك 2016، والذي تم تتويجه من خلاله المصادقة والاتفاق مؤخرا على مضامين الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة.
إن اختيار المغرب من طرف الأمم المتحدة لاحتضان التوقيع على مقتضيات الميثاق العالمي من أجل هجرة أمنة منظمة و منتظمة والذي سيعقد في دجنبر 2018، ليس وليد الصدفة بل هو نابع من قناعة تامة من جل مكونات المتنظم الدولي والإقليمي، كما أن اختيار ملك البلاد كرائد في إفريقيا في مجال الهجرة بإجماع كل القادة الأفارقة هو مؤشر على الخطوات الجادة التي تبناها المغرب في ظرف وجيز في التعاطي مع قضايا الهجرة و اللجوء من خلال اعتماده سنة 2013 لسياسة وطنية للهجرة و اللجوء وفق مقاربة تشمل خمسة أبعاد أساسية و أربعة أهداف مسطرة.
1- البعد الإنساني: يتعلق الأمر بضمان احترام كرامة الإنسان وضمان الحق في الحياة، وتجنب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة ، ومكافحة الاستغلال وسوء المعاملة .
2 – البعد الدولي للهجرة: ينطوي ذلك على تعزيز التعاون بين مختلف الدول و الهيئات الدولية و الجهوية و الإقليمية من أجل تدبير تدفقات الهجرة .
3 – احترام حقوق الإنسان: وهذا يهدف إلى احترام حقوق المهاجرين و اللاجئين مثل جميع مواطني الدول المستقبلة، وفق المقتضيات الدولية.
4 – تطوير التعاون المتعدد الأطراف: يهدف ذلك إلى تعزيز التعاون متعدد الأطراف واحترام الالتزامات التي تعهد بها المغرب وشركاؤه من المنظمات الدولية وبلدان المنشأ والبلدان المستهدفة بالمهاجرين.
5- المسؤولية المشتركة بين الدول: يتعين على بلدان المنشأ وبلدان المرور العابر والبلدان المضيفة الاضطلاع بمسؤولياتها من خلال شقين أساسيين: الأول يكمن في ترسيخ الاندماج الإيجابي للمهاجرين في دول الاستقبال، وثانيا توحيد الجهود المشتركة لمكافحة شبكات الاتجار بالبشر والإدارة المحكمة للحدود.
و في ما يخص الأهداف التي تسعى لتحقيقها، والتي جاءت بها مضامين السياسة الجديدة للهجرة واللجوء التي انخرط فيها المغرب بتوجيهات ملك البلاد هي أربع أهداف محورية شكلت العمود الفقري لهذه الأخيرة و هي :
1- تسهيل إدماج المهاجرين النظاميين: الهدف هو ضمان دمج المهاجرين النظاميين بمنحهم نفس الحقوق التي يتمتع بها المغاربة لحصول الحق في الشغل و حق التمدرس و السكن وضمان الولوج للخدمات الصحية و الحرص على مكافحة كل أشكال التمييز .
2 – تطوير الإطار القانوني: هو وضع ترسانة قانونية تتماشى مع المبادئ التوجيهية للمهاجرين وحقوق الإنسان في المغرب ، وأحكام الدستور ، والاتفاقيات الدولية الموقعة.
3- وﺿﻊ الإﻃﺎر المؤسساتي : خلق إﻃﺎر ﻳﺴﻤﺢ بالتنسيق وﺑﺘﻌﺎون أﻓﻀﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﻬﺠﺮة.
4- تدبير تدفقات الهجرة بما يضمن حقوق الإنسان: ويتجلى ذلك في الحرص على تدبير محكم لتدفقات المهاجرين من خلال خلق الآليات اللازمة للتحكم و الحد من تدفقات الهجرة غير الشرعية ومكافحة شبكات الاتجار والتهريب.
و من خلال ما سبق يمكن القول إن الأهداف التي ارتكزت عليها السياسة الجديدة للمغرب تجاه المهاجرين بدأت تعطي ثمارها، بعيدة أربع سنوات عن دخولها حيز التنفيذ، وبدأت ملامح الاندماج تتمظهر في مجالات عديدة كالتمدرس والتكوين المهني و الولوج للخدمات الصحية و خلق فرص للشغل، وهو ما جعل المحيط الإقليمي و الجهوي و الدولي يشيد بمجهودات المملكة في احتواء قضايا الهجرة و اللجوء انسجاما مع المفاهيم الكونية، إلى جانب الانخراط التام لجل هيئات المجتمع المدني التي كان لها دور محوري في تنزيل و احتضان مضامين تلك الاستراتيجية الموجهة للمهاجرين.
لقد اختار المغرب ،عن إرادة ووعي ومسؤولية، الانفتاح على المهاجرين من أبناء قارته المتواجدين داخل ترابه، وهذا يحتم على الحكومة ضرورة الدخول في تدشين الجيل الثاني من التدابير والإجراءات التي تهم السياسة الوطنية للهجرة و اللجوء، وذلك لمواكبة مسلسل اندماج المهاجرين داخل المجتمع المغربي كخيار استراتيجي تتبناه بلادنا. كل ذلك سيدفعنا لا محالة كحزب اشتراكي تقدمي إلى التفكير في المتغيرات البنيوية و الجوهرية التي سيشهدها المجتمع المغربي مستقبلا من خلال تأثره، لا محالة، بتدفق المهاجرين و اللاجئين.
* عضو المجلس الوطني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.