في نهاية الستينيات شذا رقيق الصوت عبد المنعم الجامعي بأغنية قمة في الجمال والإحساس وهي (صيف ومنامة)، وكان هذا العمل أول خطوة لملحن ناشئ اسمه عبد- العاطي آمنا، ومن ثم تواصل عطاؤه حتى صنع لنفسه مكانة متميزة بين الكبار، وقد تميزت ألحانه عموما بتآلف عجيب بين أنغام مغربية أصيلة وأخرى شرقية أو غربية، مع وزن يخف أحيانا ويحتد أحيانا أخرى، ويشهد على هذا الأسلوب الكثير من قطعه الشهيرة (وقتاش تغني يا قلبي) لمحمد الحياني، و(فرحة العمر) لعتيقة عمار، و(بطاقة حب) والتي فازت بها سميرة سعيد في مهرجان الأوروفيزيون، و(ياللي عجبوك عيوني) لنعيمة صبري، و(ما شفت بحالو) للطيفة رأفت، و(أهلا بالحب) لسعيد الزياني، و (شوفو الهوى) لعبد الهادي بلخياط و (يبكي الحمام) لمحمود الإدريسي، وغيرها، و هو أيضا ملحن الأغنية الشهيرة لسعاد محمد والتي كانت تصاحب المسلسل الإذاعي الشهير (الأزلية) و التي تقول كلماتها (يا ذا يزن يا همام ألف تحية وسلام). ويسجل لآمنا تجربته الفريدة مع الثلاثي آمنا، والتي تذكرنا بتجربة الثلاثي المرح في مصر، كانت تجربة جديدة و متميزة في أغنيتنا، تقوم على غناء جماعي (ثلاث فتيات)، وتتناول قضايا اجتماعية تربوية أخلاقية، بلغة بسيطة و بذات الأسلوب الموسيقي الذي عرف به آمنا، وكان من ثمار هذه التجربة (الحب والعبقرية – الزواج بالأجنبية – ضوري مي – الإذاعة – النهضة النسوية – حب و سلام – ربيع مراكش – فتية يا بلادي – شهر عظيم…)، و غطت التجربة المجال العاطفي والوطني والديني، بل وأعادتنا إلى الزمن الجميل من الغناء، إلى فن الموشح (يا غزالا)، وتحمس عبد العاطي آمنا كثيرا لصوت عتيقة عمار فقدم لها عدة ألحان (من أرض الغربة – شوف فيا – فرحة العمر…)، و من أجمل ألحانه أيضا أعماله مع محمد الحياني (يا وسادة – ياللي بيك القلب ارتاح …). ولآمنا صوت جميل مفعم بالإحساس، وفي ماضيه كثير من الروائع أداها بصوته، وتأتي على رأسها (هدي ثلث أيام) و هي من ألحان العابد الزويتن، و هناك أيضا (رسالة – الطير الحر – ساعة – لماذا – الكمرة – من متى…) كما غنى صحبة الثلاثي آمنا في عدة قطع ومع ماجدة عبد الوهاب في أغنية وطنية ساحرة (العز والنصر يا بلادي)، كما قدم بعض المعزوفات الموسيقية مثل: أماني العمر وفرحة الأقاليم. وختاما فعبد العاطي آمنا واحد من صناع الجمال في موسيقانا المغربية العصرية، وأحد الذين يجرون قاطرة أغنيتنا لتجاوز الحدود والانفتاح على الآخر، والانخراط في حداثة العصر. لذلك لم يكن غريبا أن يترأس الجوق الوطني بعد رحيل المايسترو أحمد البيضاوي والمبدع عبد القادر الراشدي.