صوت حاد، فيه من الشباب عنفوانه واندفاعه، ومن البداوة خشونتها وجفافها، صوت يحيلك على دنيا القرية حيث يتناهى إلى أذن الساري أهازيج شعبية تعبق بعرف الفطرة، أهازيج يتناشدها شباب هنا وهناك على آلة وترية، إنه الفنان المعطي بن قاسم والذي يعتبر من رواد الأغنية المغربية، وذروة نجاحه كانت مع الملحنين عبد الرحيم السقاط ومحمد بن عبد السلام فأضحى بفضلهما مطربا شعبيا من الدرجة الأولى يمشي حوله حراس مختصون بحمايته، الأول منحه ألحانا راقصة عشقتها الأجيال على مر الأيام وفي البال تلك النغمة المذهبة (علاش يا غزالي) والتي رددها كثير من المطربين والمطربات داخل المغرب وخارجه (لطيفة رأفت – عبد الواحد التطواني – أسماء لمنور…) وتضم اللائحة دررا أخرى (أيام الربيع – هواني – الكاويني – ولله ما نلومك). والجلي أن السقاط أغرم بالمعطي بن قاسم حيث راهن على صوته، فقدمه أيضا في الشعر العربي الفصيح بألحان رصينة مثل (مكابرة) للشاعر نزار قباني و(على قدر- الهوى) لأحمد شوقي، ويعتبر (المعطي بن قاسم مع عبد الرحيم السقاط) من أشهر الثنائيات في الأغنية المغربية علاوة على (إسماعيل أحمد مع عبد القادر الراشدي) و(عبد الهادي بلخياط مع عبد السلام عامر). أما الملحن الثاني فقد قدم له اثنين من أجمل قطعه (يا بنت لمدينة – المسرارة)، علاوة على محاورة (عندي وحيدة)، و(أنت هاني) ويحسب للملحن عبد النبي الجراري أنه اكتشف مناطق دفينة في صوته أبرزها في لحنين جميلين هما (كان قلبي خالي) لحمادي التونسي، وقصيدة (مع الحسيمة) لغربي محمد. لقد لقب المعطي بن قاسم بمطرب الربيع نظرا لكثرة ما أنشده حول هذا الفصل البديع مثل (سراب الربيع) والتي كتبها سيدي قدور العلمي. في حفل خاص بتكريم الفنان عبد الوهاب اكومي استمتعت بأغنية (أيام الربيع) وهي تعزف بتوزيع عصري جديد زادها جمالا على جمال، هي خطوة نصفق لها، حبذا لو أننا أعدنا تراثنا الموسيقي بشكل جديد لأننا سنتيح الفرصة آنذاك لشبابنا ليتعرف على كنوز غنائنا الأصيل.