خلال أشغال الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة يشارك المغرب انطلاقا من يومه الاثنين، في أشغال الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تعقد هذا العام تحت شعار «لنجعل الأممالمتحدة أكثر ملاءمة للجميع: القيادة العالمية والمسؤوليات المشتركة من أجل مجتمعات سلمية وعادلة ومستدامة»، وهو شعار فرضه سياق دولي يتسم باستمرارية بل وتصاعد الأزمات والصراعات في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا. وتهدف أشغال الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة إلى الرد على الانتقادات التي تلوّح بعدم كفاءة عمل الأممالمتحدة خاصة، والدبلوماسية المتعددة الأطراف عموماً، لتحقيق هدفها الأساسي والأول، المتمثل في حفظ السلم والأمن الدوليين، والتصدي لتنامي محاولات فرض الحمائية والأحادية وكذلك الإقليمية. ولعل القضية الوطنية ستكون أبرز ملف سيدافع عنه الوفد المغربي في أشغال هذه الدورة، حيث سيواصل، كما في السنوات السابقة، بذل جهود جادة وذات مصداقية تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة لإعادة إطلاق العملية السياسية على أساس قرارات مجلس الأمن الصادرة منذ سنة 2007، والتي تدعو إلى «حل سياسي ودائم» لقضية الصحراء. وسيجدد المغرب، خلال أشغال الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التزامه بالدفاع عن مصالح إفريقيا في الأممالمتحدة ولعبه دور جسر طبيعي بين الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، وذلك من خلال الدعوة إلى زيادة المساعدات والتعاون لمكافحة عدم الاستقرار وبذل جهود متواصلة في الحفاظ على السلم وتوطيده وصونه في القارة وكذا العمل على مواجهة الأزمات والأوبئة، والاستمرار في الالتزام بالتنمية المستدامة لإفريقيا. إن جهود المغرب لمكافحة الإرهاب ستشكل واحدة من اهتمامات المغرب الإقليمية والدولية التي سيجسدها تنظيم المغرب بشكل مشترك للاجتماع الوزاري التاسع لمنتدى مكافحة الإرهاب، حيث سيعمل على تعزيز أعمال هذا المنتدى الذي أصبح مرجعاً أساسياً في مجال الهندسة الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف. ولن يتردد الوفد المغربي في التأكيد على تعزيز المغرب، الذي مثل عام 2018 تتويجًا لحزمة من الإجراءات والمبادرات المكثفة التي تم القيام بها في مجال الهجرة، مقاربة إنسانية وتضامنية بخصوص الهجرة، فعلى المستوى الإقليمي قدم جلالة الملك محمد السادس في القمة الثلاثين لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في يناير 2018 تقريرا من أجل أجندة إفريقية تعتبر الهجرة عاملا للتقارب بين الشعوب والحضارات، ورافعة للتنمية المشتركة، ودعامة للتعاون في ما بين بلدان الجنوب، ومحددا للتضامن، ودوليا سيكون للمغرب، الذي شارك بنشاط في مفاوضات الميثاق العالمي حول الهجرة، شرف استضافة المؤتمر الدولي لاعتماد الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والنظامية في دجنبر 2018. وهكذا، فقبل استضافة المؤتمر الدولي لاعتماد الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والنظامية في دجنبر 2018 بمدينة مراكش، سيقوم المغرب، على هامش الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بتنظيم، بطريقة مشتركة، لحدثين موازيين: «الطريق إلى مراكش» بالتعاون مع الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالهجرة، ثم «الهجرة والتحولات الهيكلية في إفريقيا»، بالتعاون مع رواندا، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي والأونكتاد. وسيقوم المغرب كدولة مساهمة بهذه القوات لحفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بإبراز جهوده في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وذلك خلال الاحتفال بالذكرى السنوية السبعين لتأسيس بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، بهدف المساعدة في جعل نظام الأممالمتحدة أكثر تماسكًا ومرونة وقدرة على مواجهة التحديات المعقدة والمتعددة الأبعاد في عالم اليوم. كما سيغتنم المغرب فرصة انعقاد هذه الدورة لزيادة تعزيز التعاون متعدد الأطراف بخصوص نزع السلاح وعدم الانتشار النووي وتجديد التزام المغرب بهذا التعاون، باعتباره فاعلاً رئيسياً في الترويج لثقافة السلام، ومساهما منذ أمد بعيد في المبادرات العالمية بشأن الأمن النووي ومكافحة الإرهاب النووي. كما يؤكد المغرب خلال الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تعزيز التعاون متعدد الأطراف بخصوص نزع السلاح وعدم الانتشار النووي خيارا استراتيجيا يبرز تشبث المغرب القوي بالسلم والأمن الدولي وتعلقه بمبدأ التسوية السلمية للمنازعات، ويبقى المغرب ملتزما بعالم خال من الأسلحة النووية، من خلال العمل متعدد الأطراف من أجل نزع السلاح بشكل عام وكامل ولارجعة فيه. وتجدر الإشارة إلى أن المغرب سيجدد التزامه بتعزيز السياحة المستدامة كأداة للحد من الفقر والحفاظ على التنوع البيولوجي، وكذا تعزيز مجال التعاون جنوب-جنوب، والمبادرات التي أطلقها في هذا الإطار، ودعمه لعملية التكامل الإقليمي وشبه الإقليمي، لاسيما في إفريقيا، مع التأكيد على أن المغرب يولي أهمية قصوى لقضية تعزيز عمليات التعاون الإقليمية وشبه الإقليمية، وهي تمثل رافعة هامة من حيث السلم والاستقرار والتنمية المستدامة وخلق مساحات وأقطاب للنمو والشغل. خلال هذه الدورة، سيشارك المغرب في اجتماعين رفيعي المستوى بدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة حول تمويل جدول أعمال التنمية المستدامة لعام 2030، وإطلاق استراتيجية الأممالمتحدة للشباب، ملتزمًا، بشدة، بالتصدي لهذا التحدي، وسيدعو إلى تعزيز الشراكة العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة على الصعيد الدولي. كما سيشارك المغرب، الذي يعمل على تعزيز تبادل الخبرات مع العديد من الدول الشريكة في مجال مكافحة المخدرات وتنمية التعاون في مجال المساعدة القانونية المتبادلة، في بلورة نداء عالمي للعمل بشأن مشكلة المخدرات العالمية، الأمر الذي يعكس انخراط المغرب بجميع الآليات الدولية المتعلقة بمكافحة المخدرات، وعلى المستوى الوطني، من خلال اعتماد استراتيجية تشمل محورا هاما يتعلق بإجراءات التنمية البديلة.