لنتفق أولا: الكلاب لا تصنع فرصا جيدة للحوار ولا للنقاش حول الأشياء الضرورية.. النباح لا يكون دارجا ولا يكون فصيحا النباح، نباح فقط! لهذا لن يفلح نور الدين عيوش في تحويل المشكلة حول لغة التدريس، وبالذات حول التدريس بالدارجة، إلى حفلة طويلة لتبادل ……النباح! لنتفق ثانيا على أنه لم يفلح بإقناعنا بأنه يستطيع أن يخوض نقاشا بلغة أخلاقية عالية، كلما كان الأمر يتعلق بحقه في التعبير عن كل أفكاره التي يريد.. والتي لا يريد ، وأن الأصل في الأشياء الإباحة وليس النباحة… لنتفق أن وصفه للمتندرين والمختلفين، حتى وهم يدعون إلى تصفيته، بأنهم كلاب، يحيلنا على عجز واضح في التمسك بالأخلاق أمام بعض الانحرافات التي تختلف درجة رعبها، لكنها تبقى دون السلوك العام الذي يتابع به المغاربة قضية مثل قضية التدريس..ونعته التبخيسي، يشكل فكرة عن فكرته عن النهاية المحتملة لما بدأه، وفكرته عن لا ضرورة كبرى للأخلاق في تدبير الاختلاف وتدبير الاتفاق الوطني حول ضرورة تفكير جدي في تدريس العلوم اليوم… ولكن مع ذلك ينتصب السؤال: ما الذي يجعل رئيس الحكومة يجد في نفسه الضرورة الملزمة للرد على نورالدين عيوش؟ لا أجزم، لكن الشعور بأن عيوش يمثل جزءا ما من دائرة السلطة، يستوجب أن ترد عليه الحكومة، ظل متحكما في الكثير من المواقف، سواء الواضحة أوالمضمرة منها.. لقد قال العثماني في افتتاح المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية ببوزنيقة، عنه"هو ما مسؤول ما عندو موقع في الدولة والحكومة ولا برلماني منتخب ورغم ذلك يقول القافلة تسير والكلاب تنبح"… وهو ينزع عنه أي صفة رسمية معلنة، بدون أن يلغي قرابة ما تجعل منه استعاريا، صوتا يتكلم من منبر قريب من السلطة… و يجعل رئيس الحكومة السابق بنكيران يتحدث عنه، بأسف هذه العلاقة… ومن ذلك ماقاله حديثا ، على هامش مشاركته في الملتقى 14 لشبيبة العدالة والتنمية، في الأسبوع الأول من غشت، والذي انتقد فيه عيوش على هجومه على المذهب المالكي واعتبره من أهل «من هب ودب ولا نعلم له فضلا» … ولعل التحجيم الذي أراده العثماني تحجيم مقصود ولا شك من وراء وضع بورتريه صغير لمن سبق لرئيس الحكومة السابق الأستاذ عبد الإله بنكيران أن تحدث عنه بلغة أخرى، ترفعه إلى صداقة عليا دستوريا أعلى من الحكومة والبرلمان … الأمين العام لحزب العدالة والتنمية قال "حنا اللي خاصنا نقولو ليه هاد الشي"، في إشارة إلى الكلمة التي خاطب بها عيوش المعارضين لإدراج الدارجة في بعض المقررات المدرسية! لقد اعتاد عيوش أن يحشر رأيه في الكثير من فضاءات المغرب الحديث، ومن ذلك وجوده سنة 2007 في قلب التصور الخاص بالديموقراطية، من خلال «دابا2007»، التي وضعت لنفسها هدفا يتجلى في تضميد الديموقراطية من أعطابها، التي بدا لعيوش أن الفاعلين الأساسيين فيها، ليسوا في مستوى معالجتها..! إنه نفس الديدن الآن: الفاعلون التربويون والتعليميون ليسوا في مستوى حل معضلات التعليم، لهذا لا بد من دخوله المعترك وتقديم عرض بيداغوجي يعتبره متفاعلا مع واقع البلاد... منطق الأشياء يفرض على العثماني ألا يدخل في «بوليميك» مع عيوش حتى وهو يعتقد بأنه يمثل «حساسية» ما في السلطة..لأن المنطق يقتضي بأن طلبات عيوش تتوجه إليه باعتباره ممثل السلطة التمثيلية في البلاد.. ومنطق الأشياء هو ألا يساجله من منطق «الندية» والحال أن السيد الرئيس يملك سموا دستوريا من منبر التنفيذيةالمعبرة عن جزء من السيادة الشعبية..لم يغامر عيوش أبدا في الحصول عليه من لدن المغاربة الذين يقول إنه يدافع عن ثقافتهم وسيادتهم اللغوية المستمرة!! لا يمكن أن تكون هناك ندية إذن! لكن أيضا يفترض في عيوش أن يخرج من الالتباس المؤسساتي الذي يجعل مشاركته في حكامةالسلط (المجلس الأعلى للتعليم مثلا) يفترض أنه يملك تمثيلية ما للسلطة، وأن القرب منها يعطيه الحق في تقديم دروس .. أو تقديم سجل السب والشتم في حق من ينتقدونه حتى ولو كانوا يسبونه ، فهو في المحصلة يمثل وعيا شقيا في البلاد، يفترض فيه مناعة أخلاقية لا تجعله يسفه منتقديه…بما لا تقبله لا دارجة ولا فصحى…