تناولت صحيفة إسرائيلية، بعض المعضلات التي تقف في طريق طرح إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تفاصيل خطته للسلام، والتي باتت تعرف إعلاميا ب»صفقة القرن». فالخطة الأمريكية، التي «ألصقت بها إدارة ترامب بعض صيغ التفضيل (ستكون تاريخية، صفقة مثالية وهي الأولى..)، والتي يجري العمل عليها منذ عام ونصف، لم تنته بعد»، وفق صحيفة «هآرتس» العبرية. وأوضحت الصحيفة، في تقرير موسع لها شارك في إعداده كل من مراسل الصحيفة أمير تيفون، والكاتب عاموس هرئيل، أن الإدارة الأمريكية، «اعتقدت حتى وقت قريب، أنها تستطيع تحقيق هذا الهدف، لكن المعارضة للخطة من قبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أثبتت أنها تمثل تحديا أكبر من تقدير واشنطن في البداية». ويستدل من المحادثات التي أجرتها «هآرتس» مع عناصر مختلفة في إدارة ترامب و»إسرائيل» ودول أخرى في المنطقة حول تطوير الخطة والخطوات المقبلة، والتي «كشفت تفاصيل من يقف وراء كواليس صياغتها، أن البيت الأبيض لديه وثيقة كاملة، تحتاج فقط لبعض «الصقل» النهائي». وبحسب مصدر رفيع في البيت الأبيض، «يتوقع أن يسبب مضمون الوثيقة استياء الفلسطينيين والإسرائيليين أيضا». وأشارت الصحيفة، إلى أن «التاريخ النهائي لنشر الوثيقة لم يعرف بعد، فالإدارة تنتظر بسبب المخاوف من عواقبها»، موضحة أن «قادة عرب، عبروا عن هذه المخاوف أمام جاريد كوشنر، صهر ترامب، ومبعوثه الخاص، جيسون غرينبلات، خلال زيارتهما الأخيرة للمنطقة».
ولفتت الصحيفة، إلى أنه «عندما بدأت الخطة في التبلور، قام غرينبلات بأول زيارة للمنطقة كمبعوث خاص، وخلص إلى أن واشنطن ورثت فرصة نادرة للربط بين إسرائيل ودول عربية، في ضوء التقاء مصالح الطرفين حول إيران». ومنذ ذلك الحين، «بدأ غرينبلات وكوشنر والسفير الأمريكي لدى تل أبيب، ديفيد فريدمان، بالتركيز على استغلال التقارب الإسرائيلي-العربي، لدفع خطة ترامب، وكان التفاؤل كبيرا في واشنطن، بأن طرحها سيكون مقبولا في كل من الرياض وتل أبيب». وظهر ذلك الشعور، بشكل «أكثر وضوحا، بعد محادثة التوبيخ التي أجراها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع عباس، بسبب معارضته لبعض تفاصيل الخطة الأمريكية»، وفق الصحيفة العبرية، التي ذكرت أنه بعد ذلك، ومع قرار ترامب الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل» ونقل السفارة الأمريكية إلى القدسالمحتلة، «لم يقم البيت الأبيض بتقييم تأثير هذا القرار على الجهود المبذولة للحصول على ردود إيجابية من الدول العربية بشأن الخطة». وأشارت إلى أن «عباس استخدم هذا القرار، ليجعل من الصعب على قادة العرب دعم خطة ترامب وللإساءة لصورة الفريق الأمريكي»، منوهة إلى أن «ثقة» فريق ترامب بأن الغضب الفلسطيني بشأن القرار الأمريكي «سيتلاشى وستحظى خطتهم بالتعزيز»، لم تكن في محلها، ف «عباس بعد تسعة أشهر، ما زال يقاطع إدارة ترامب، كما أن قادة العرب مترددون بشأن الخطة». ولفت مصدر دبلوماسي مطلع على الاتصالات في هذا الشأن، إلى أن «إحدى المعضلات التي واجهتها إدارة ترامب، أن دعم قادة العرب للخطة، من المحتمل أن يعرضهم للخطر على الجبهة الداخلية، كما أنه سيسمح لإيران بمهاجمتهم كمتعاونين مع إسرائيل». ورأى المصدر، أنه «يجب أن تجد الخطة نقطة محددة، تقبلها إسرائيل والأنظمة العربية، دون التعرض لنقد شديد الخطورة في الداخل والمنطقة»، معتبرا أن «انتقاد الفلسطينيين الشديد للخطة، ومقاطعتهم إدارة ترامب، يجعل هذه الخطوة صعبة». وذكرت الصحيفة، أن «هذه ليست المعضلة الوحيدة، فإحدى المشكلات؛ أنه طالما لم تنشر إدارة ترامب أي تفاصيل حول الخطة، فإن صورتها ستبنى على التسريبات، التي ينفيها البيت الأبيض، لكنه يجد صعوبة في صدها». ووفقا لمصادر من خارج الإدارة الأمريكية، «يتوقع أن يكون قلب خطة السلام في الضفة الغربيةوغزة، على الرغم من أن واشنطن تحاول الترويج لمشاريع اقتصادية في سيناء تخدم قطاع غزة»، موضحا أن «هذه المشاريع لا تشير إلى تغيير واسع في السياسة». وكمحاولة لتجديد محادثات السلام، «حاولت إدارة ترامب مؤخرا، الترويج لمبادرات لتحسين الوضع على الأرض، لأن هذا من شأنه أن يخلق زخما إيجابيا، حيث نجحت في بعض الخطوات؛ مثل اتفاقية المياه الإسرائيلية الفلسطينية التي وقعت العام الماضي وأشاد بها البيت الأبيض، لكن معظمها انتهى بالفشل بسبب الصعوبات السياسية في إسرائيل والسلطة الفلسطينية». وعلى سبيل المثال، «نظرت واشنطن بإيجابية لخطة قلقيلية، التي اقترحها وزير الحرب أفيغدور ليبرمان والتي كان يفترض أن توسع منطقة نفوذ المدينة الفلسطينية والسماح ببناء آلاف الوحدات السكنية، والتي نظر إليها البيت البيض، على أنها تشكل دليلا على احتمال حدوث تطورات إيجابية على الأرض، لكن الكابينت أحبطها». وفي هذه المرحلة، رأت الصحيفة، أن «الأمل الوحيد للإدارة الأمريكية في خلق زخم إيجابي قبل تقديم الخطة، يكمن في التوصل إلى ترتيب سياسي في غزة»، مشيرة في هذا الصدد إلى أن السلطة الفلسطينية «تمثل تحديا، لأن أي تقدم في قطاع غزة يتطلب مشاركة السلطة». ومن ناحية أخرى، «رفض عباس حتى الآن مناقشة القضية مع إدارة ترامب، ما يجعل من الصعب على مصر التوصل إلى اتفاق حول هذه المسألة»، بحسب الصحيفة. وعلى الرغم من «تناوب الضربات»، يحاول البيت الأبيض الظهور أنه يعمل «كالمعتاد»، وفق «هآرتس» التي نقلت عن أحد كبار المسؤولين قوله: «نحن نريد لخطتنا أن تتحدث عن نفسها، سيتفهم الجانبان بأن وضعهم سيكون أفضل بعد الاتفاق، مقارنة بالوضع الحالي..»، زاعما أن «الهدف هو تقديم طريقة واقعية للطرفين لإنهاء الصراع». خطة ترامب للسلام تتبدد اعتبر كاتب إسرائيلي، أن موقف المملكة العربية السعودية من خطة السلام الأمريكية (صفقة القرن)، هو بمثابة «الضربة القاضية» لها. ورأى المحلل شلومو شمير، أن هذه «هي نهاية خطة السلام»، مستبعدا أن تقوم الإدارة الأمريكية بإصدار بيان رسمي بهذا الشأن، بعد التصريحات التي صدرت من السعودية حول الخطة. وأضاف في مقال له بصحيفة «معاريف» العبرية: «يبدو أن احتمال الحل السياسي للنزاع قد تبدد»، حيث لم يعد رفض خطة السلام الأمريكية، يقتصر فقط على جانب رئيس السلطة محمود عباس». وأكد شمير، أن «ما يقوض ويصفي عمليا الأمل لتحقيق حلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ب»الصفقة المطلقة»، هي السعودية –الدولة العربية المركزية – التي يفتخر ترامب ويعتز بصداقتها». ورأى أن ما نشرته وكالة «رويترز» للأنباء أمس، يؤكد أن «السعودية نقلت رسالة إلى البيت الأبيض تقول فيها إنه لا يمكنها أن تؤيد خطة السلام الأمريكية، ما شكل عمليا ضربة قاضية للخطة». وذكرت الوكالة، أن السعودية أكدت لحلفائها العرب؛ أنها «لن توافق على أي خطة للسلام في الشرق الأوسط لا تعالج وضع القدس أو حق اللاجئين في العودة». وتأكيدا لما نشر، فقد ورد في تقرير صحفي استقصائي طويل نشر الأحد الماضي، في صحيفة «نيويورك تايمز»، أن الخطة التي أودعها ترامب في أيدي مستشاره جاريد كوشنر، ومبعوثه جيسون غرينبلات للمفاوضات الدولية، «غرقت في المستنقع». وقدر الكاتب الإسرائيلي، أن فرص تحقق الخطة «باتت طفيفة، بسبب السياسة المؤيدة لإسرائيل التي يتبناها ترامب والتي أغضبت الفلسطينيين، وعظمت الشك الموجود على أي حل بشأن تحقيق اتفاق سلام». وأشار شمير، إلى أن دبلوماسيين في مقر الأممالمتحدة، أفادوا بأن هناك انصرافا من لدن السعودية ومصر والأردن عن تأييد خطة السلام». ونتيجة لذلك أعلن كوشنر وغرينبلات، «منذ زمن ليس بعيد؛ عن إلغاء خطة المساعدات الخاصة بقطاع غزة، والتي كانت الإدارة الأمريكية قد أعدتها كمقدمة لخطة السلام»، وفق قوله. ووفقا لرؤية دبلوماسي غربي كبير – تضيف معاريف- كان الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه البيت الأبيض، والذي قوض منذ البداية الفرصة الواقعية لخطة السلام، كان فكرة أن هذه مبادرة أساسها تسوية بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل». وأكد الدبلوماسي أن «اعتراف واشنطنبالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، عكسا هذه الفكرة وانخرطا فيها». وفي مراحل لاحقة، اكتشف مبعوثا الرئيس، «بشكل متأخر جدا أنه لا يمكن تجاهل الطرف الفلسطيني»، وفق الكاتب الإسرائيلي الذي أضاف: «كوشنر وغرينبلات لم يقدرا شدة فخر السعودية كحامية لموقع ومكانة القدس». ومن الجهة الإسرائيلية وخاصة اليمين، قال شمير: «سيذكرون أن من قتل الخطة هم العرب وليست إسرائيل، وهي مواساة مهزوزة جدا لمن لا يزالون يحلمون بالسلام»، وفق زعمه. قيادات فلسطينية تجدد رفضها للصفقة عبرت قيادات فصائلية فلسطينية وشخصيات حقوقية وأكاديمية عن رفضها القاطع لرؤية إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأمريكية التي تسمى «صفقة القرن»، وقالوا إنها تتبنى الرواية والرؤية الإسرائيلية بشكل كامل، وتمس الحقوق الفلسطينية وتتجاوز القانون الدولي. وأكدوا خلال مشاركتهم في مؤتمر عقد في إسطنبول على مدار يومين متتاليين، على التمسك بالحقوق الفلسطينية الوطنية الثابتة والشرعية وفي مقدمتها حق العودة للاجئين وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس. وأشاروا إلى رفضهم لكل الخطوات التي تمهد لفرض الرؤية الأمريكية الإسرائيلية، وبالذات قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وإعلان المدينة عاصمة للكيان الإسرائيلي، مؤكدين على أن مدينة القدس ستبقى وللأبد عاصمة الدولة الفلسطينية. كما رفضوا كافة القوانين والإجراءات الإسرائيلية التي تهدف إلى تهويد كل الأراضي الفلسطينية وحرمان الفلسطينيين بما في ذلك من هم داخل الأرض المحتلة عام 1948 من حقوقهم الأساسية، وخاصة ما يعرف بقانون القومية الذي أقره الكنيست الإسرائيلي والذي يشكل خطرا على الوجود الفلسطيني على أرضه. ودعا المجتمعون إلى مقاومة صفقة القرن وعدم السماح بتمريرها بأية صيغة كانت واعتبروا ذلك واجبا وطنيا يجب أن يتكاثف الجميع لإنجازه وتجاوز الخلافات السياسية، ف»اللحظة صعبة وحرجة ولا تحتمل». كما طالبوا الفصائل الفلسطينية، وبالذات حركتي فتح وحماس، إلى التجاوب مع جهود إنهاء الانقسام بشكل فوري «لأن الضعف سيبقى يعتري أي تحرك فلسطيني رسمي أو شعبي لمواجهة صفقة القرن وإجراءات الاحتلال في ظل الانقسام الفلسطيني». مؤكدين أنه لا يمكن مواجهة التحديات دون التوحد والاتفاق على صيغة مشتركة يتعاون ويتكامل فيها الجميع. وشددوا على ضرورة دعم توجه منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية للتحرك نحو المحاكم والمحافل الدولية في كافة القضايا التي انتهكت فيها «إسرائيل» القانون والمواثيق الدولية. يشار إلى أن عددا من القيادات الفلسطينية والشخصيات الأكاديمية والسياسية والحقوقية شاركوا في مؤتمر نظمه مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية «SETA»، ومركز الدراسات الاستراتيجية والديبلوماسية، ومركز رؤية للتنمية السياسية "VISION"، في مدينة إسطنبول بتاريخ 27-28 يوليوز حول آليات ورؤى الفلسطينيين لمواجهة صفقة القرن، والتبعات المترتبة على ذلك، وسُبل الخروج من مأزق الانقسام الفلسطيني والتبعات المترتبة عن ذلك. صفقة القرن السياق وفرص التحقق الحديث عن خطة ترامب لتسوية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، التي تعرف باسم صفقة القرن. ويبدو أنّ الظروف الموضوعية شكلت فرصة سانحة للتوصِّل إلى صيغة شاملة، يُحقِّق فيها الطرف الإسرائيلي ما يرجوه من مصالح وأهداف استراتيجية، على حساب الحقوق الفلسطينية، ومن ذلك: 1- وجود حليف أمريكي يتبنى بصورة غير متوازنة دعم الكيان الصهيوني، فقد أعلن دونالد ترامب أن إدارته ستسعى، مستغلة نفوذها وقوتها، إلى فرض صيغة الحل النهائي على أرض الواقع، وظهر ذلك في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، علاوة على حجب التمويل الأمريكي عن الأونروا وإضعاف دورها، وهي التي تعد رمزا للقضية الفلسطينية في الذاكرة الجمعية. 2- التغيُّر الواضح في طبيعة المواقف ولغة الخطاب لدى عواصم عربية بشأن مستقبل القضية الفلسطينية، وأنّها لم تعد القضية المركزية، وأنّ الخطر الحقيقي يتمثل في المشروع الإيراني، ترافق ذلك مع بروز توجهات تطبيعية من بلدان خليجية وعربية عبّرت عن نفسها علانيّة في صورة تصريحات إعلامية أو زيارات للكيان الصّهيوني، أو الحديث عن مبادرات ومشاريع اقتصادية ضخمة، بما ينسجم مع توجهات صفقة القرن المحتملة. ومثّلت الكويت «دولة الخليج العربية المحافظة،» ممّا يضعها في تحديات: فإما أن تقبل ببرنامج ترامب أو أن تكون مستعدة لمواجهة غضبه. 3- حالة الانقسام الفلسطيني وتعطيل المصالحة الفلسطينية، وتشديد الخناق على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتعاظم إجراءات الحصار، بما يدفع بعض الأطراف إلى الاستفادة من ذلك بفرض خيارات محددة على قيادة حركة حماس. وليس هذا فحسب، بل العمل على إضعاف السلطة الفلسطينية، وتهميشها، وتجاهلها في المشاركة في التفاوض والاطلاع على بنود الصفقة، فضلا عن ضعف الموقف الفلسطيني عموما، وافتقاده الظهير الإقليمي والدولي المساند، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية المزمنة لدى السلطة الفلسطينية. كل ذلك يشكل فرصة لتحقيق تسوية غير عادلة، لكن ماذا عن جوهر هذه الصفقة وأهم معالمها؟ لم تعلن تفاصيل صفقة القرن بصورة رسمية بعد، وما زال الغموض يكتنف جوانبها، وما يجرى تداوله تسريبات من أطراف اطَّلعت عليها. وبمعزل عن تلك التفاصيل، فإن الملامح العامة التي برزت حتى اللحظة تظهر انحيازاً كبيراً من الإدارة الأمريكية للموقف «الإسرائيلي». وفي حال نجحت إدارة ترامب بفرض الصفقة على الجانب الفلسطيني، فإن التداعيات ستكون جدّ خطيرة؛ فالصفقة تظهر تجاهلاً كاملاً لحقوق الشعب الفلسطيني، وتشرِّع الأبواب أمام «إسرائيل» لاختراق المنطقة العربية بذريعة حل الصراع مع الجانب الفلسطيني، والتصدي لأخطار مشتركة. وإدارة ترامب واضحة في تأكيد تجاوزها لمشروع حل الدولتين وعدّه شيئا من الماضي، وأنّ ما هو مطروح على أجندتها الآن يعدّ الصيغة الأسوأ والأكثر انحيازا لتسوية الصراع سياسياً عبر العقود الماضية. ويظهر أن من أهم معالمه الخطة استبعاد مدينة القدس من أجندة البحث، وعدّها ملفاً محسوماً ومنتهياً، مع إبراز «قدس بديلة» خارج المدينة، مثل أبو ديس وغيرها. ولا توفّر الصيغة المقترحة أي فرصة لبناء دولة فلسطينية حقيقية، والوصول إلى صيغة للقيام بتبادل الأراضي بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية مبني على ضمِّ الكتل الاستيطانية إلى دولة الاحتلال، بوقف التوسع الاستيطاني في مناطق السلطة، إضافة إلى تجاهل حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، والسعي لتوطينهم في أماكن وجودهم. فرص تحقق الصفقة من الواضح أنّ هذه الصفقة تشهد دعما عربيا منقطع النظير، فهي تشهد دعما من دول محور الاعتدال العربي. وبالرغم من ظهور الأردن بموقف المعارض للصفقة، فإن زيارة الملك عبد الله الثاني للولايات المتحدة وما تلا ذلك من تصريحات؛ تشير إلى طمأنة الملك إلى استمرار دوره، واستمرار الوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات. ومع ذلك، فليست الطريق مذللة أمام صفقة القرن، وإدارة ترامب باتت تدرك الآن حجم التحديات التي تعترض طريقها، في ضوء معارضة الأطراف الفلسطينية للصفقة. وما هو مؤكد أنّ تمسك الفلسطينيين برفضهم للصفقة سيجعل تمريرها ونجاحها أمراً بالغ الصعوبة، حتى لو تبنّتها بعض الأطراف العربية، فموافقة الفلسطينيين شرط أساس لنجاح أي حلّ سياسي. ومن جهة أخرى، فثمة شكوك بشأن توافر التوافق من مختلف الأطراف الدولية على صفقة بهذا الحجم، مثل الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، بالإضافة إلى بعض القوى الإقليمية، مثل إيران وتركيا. إنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس يجد نفسه اليوم بين خيارين أحلاهما مر، فهو إن رفض القبول بالصفقة سيواجه استحقاقات ذلك إقليميا ودوليا ونزع الشرعية عنه، وفي حال توقيعه فإنّه يتنازل عن الثوابت الفلسطينية، مما يعني في الحالتين نهايته السياسية. ولكن إذا خرجنا من ثنائية قبول السلطة من عدمه، فإننا نرجح أن الإدارة الأمريكية لن تسعى إلى إخراج الصفقة ضمن حفل توقيع على نمط ما جرى في اتفاق مدريد، بل إن الأمر سيتوجه نحو التطبيق والتنفيذ. ولعلّ أكثر ما يمكن أن يمكن العمل عليه في مواجهة الصفقة تطوير حالة غضب شعبي فلسطيني في مواجهة الاحتلال؛ يستند على المخزون الفصائلي وحالة المقاومة الشعبية المستمرة، عبر الانتفاضات المتتالية، ورفع الغطاء عن أي موقف فلسطيني داعم للصفقة.