يخلد الشعب المغربي يومه الثلاثاء الذكرى 174 لمعركة إيسلي، التي تعد ملحمة بطولية خاضها المغرب تضامنا مع الجزائر في مواجهة الاستعمار الفرنسي، مجسدا بذلك تشبثه الدائم بالتضامن المغاربي. وقد صنع المغرب حدثا تاريخيا بطوليا حين سارع، في 14 غشت 1844، إلى التصدي للمد الاستعماري ملتزما بالوقوف إلى جانب جيرانه في المغرب العربي، لا سيما الجزائر التي انخرطت في احتضان ودعم المقاومين الذين ناضلوا من أجل وحدتها واستقلالها، في أحلك الظروف التي مرت بها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وتعود أسباب هذه المعركة إلى دعم المغرب للمقاومة الجزائرية وقرار السلطان مولاي عبد الرحمان (1822 – 1859) منح اللجوء للأمير عبد القادر الجزائري، وتزويده بقوات عسكرية؛ ما مثل عائقا كبيرا أمام عمليات الجيش الفرنسي في الجزائر. وقد أثار رفض المغرب تسليم الأمير عبد القادر – الذي وجد الملجأ الآمن في البلد والدعم والمساندة من سلطانه – حفيظة فرنسا؛ ما أدى إلى وقوع معركة إيسلي في 14 غشت من سنة 1844. ووقعت هذه المعركة على بعد بضعة كيلومترات من مدينة وجدة، بين جيش السلطان مولاي عبد الرحمان مساندا بقبائل بني يزناسن وأهل أنجاد وغيرهم من أفراد الشعب المغربي من جهة، والجيش الفرنسي القادم من الجزائر تحت قيادة المارشال طوماس روبير بيجو من جهة أخرى. وتبرز هذه المعركة، بوضوح جلي، تشبث المغرب بقيم التضامن وأخلاقيات حسن الجوار مع أشقائه، حيث تعرضت مدينة وجدة لوابل من القصف المكثف، وأدت ضريبة الانحياز للمبادئ السامية بكل نبل وفي نكران للذات يعز نظيره بين الأمم. وهكذا، هب المغرب للوقوف إلى جانب جيرانه، حيث تم إرسال جيش يتكون من أكثر من خمسين ألف رجل، وهم أساسا من الفرسان المساندين بمتطوعين ينحدرون من قبائل بني يزناسن وأهل أنجاد. واشتبك في هذه المعركة 11 ألف جندي من الفريقين، فقد فيها المغرب 800 من أفراد قواته. غير أن المتطوعين المغاربة ما لبثوا أن أنزلوا بالمستعمر هزيمة نكراء خلال مشاركتهم في معركة سيدي إبراهيم قرب مدينة الغزوات القريبة من الحدود المغربية في الفترة من 23 إلى 26 شتنبر 1845، ما أكد – مرة أخرى – وقوف المغرب الدائم إلى جانب جيرانه.