مقاربة استباقية وضربات احترازية.. تلكم هي العناوين البارزة للتعامل المغربي مع التهديدات الإرهابية التي يتعرض لها المغرب، فبالنظر إلى أن التهديد الإرهابي أصبح معطى بنيويا يمتد لسنوات، فقد تمت بلورة استراتيجية لحماية البلاد من آثار الارهاب، وأعطيت الأهمية للعمل الاستخباراتي والتنسيق بين المصالح المتداخلة في الميدان محليا وخارج التراب الوطني ، حيث تمت بلورة سياسة استباقية مكنت من تفكيك عدد من الخلايا التي دخلت مرحلة العد العكسي لتنفيذ مخططاتها، وذلك بالموازاة مع الإجراءات المتخذة لتشديد المراقبة بالمطارات والموانئ والحدود البرية.. توالي تفكيك الشبكات الإرهابية بحسب الاحصائيات الرسمية، فإن السلطات المغربية فككت 18 خلية إرهابية ما بين 2011 و2013 تنشط في مجال تجنيد وتدريب الجهاديين في المغرب، وهكذا فقبل أسبوعين تم توقيف مهاجر مغربي بمطار محمد الخامس كان ينوي الالتحاق بداعش عبر تركيا، التوقيف الذي تم بتنسيق أمني بين مختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، تلاه الإثنين الماضي اعتقال جهاديين بالقنيطرة كانا "يعتزمان القيام بعمليات سطو واسعة تستهدف الأبناك والمؤسسات المالية المتعددة الجنسيات بالمغرب وفرنسا" لتمويل "مشاريعهما التخريبية" والالتحاق بصفوف تنظيم "الدولة الاسلامية. الموقوفان هما فرنسي ومغربي يحمل الجنسية الفرنسية اعتقلا بينما كانا يستعدان للالتحاق بصفوف التنظيم المتطرف "استغلا نشاطهما الدعائي داخل الشبكة العنكبوتية عبر القيام بنشر مقاطع لعمليات قطع رؤوس الرهائن من قبل هذا التنظيم الإرهابي من أجل تحفيز وحث الشباب المتشبع بالفكر المتطرف للقيام بعمليات إرهابية فردية داخل المملكة وبفرنسا. وأرادا استلهام ما قام به "الإرهابي الجزائري-الفرنسي محمد مراح" الذي قتلته الشرطة الفرنسية في مارس 2012 بعدما قتل سبعة اشخاص، بينهم اطفال في مدرسة يهودية. وبحسب التحقيق المغربي فإن الموقوف الذي يحمل الجنسية الفرنسية وإعمالا لمبدأ «الاستحلال»، قام بعمليات نصب واحتيال متعددة على مؤسسات بنكية بالمغرب وفرنسا ، حيث استفاد من قروض بنكية مهمة عن طريق الإدلاء بوثائق هوية مزورة بهدف تمويل هذه الانشطة. كما اعتقلت قوات الامن في نفس اليوم بمدينة فاس جزائريا متشبعا بالفكر الجهادي ومقيما بالمغرب بطريقة غير قانونية ومتزوجا بمواطنة مغربية التحقت مؤخرا بما يسمى ب« تنظيم داعش» بسوريا رفقة والديها. وفي أواخر شهر شتنبر وفي إطار تنسيق أمني استخباراتي مغربي إسباني ، تم تفكيك خلية إرهابية ينشط أعضاؤها بكل من الناظور ومليلية في استقطاب وتجنيد مقاتلين مغاربة قصد تعزيز تنظيم «الدولة الإسلامية» بسورياوالعراق. كما أن الأبحاث المنجزة كشفت أن أفراد هذه الخلية، البالغ عددهم تسعة، تم توقيف ثمانية منهم بالناظور وشخص واحد بمليلية، كانوا على صلة بعناصر من بين أعضاء خليتي «التوحيد» و«الموحدين » اللتين تم تفكيكهما خلال شهر ماي 2013 بمنطقة الناظور، كما تم رصد تنسيقهم مع تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» بشمال مالي، حيث كان ينشط أخ زعيم هذه الخلية منذ أواخر سنة 2012 ، قبل التحاقه مؤخرا بصفوف تنظيم «الدولة الإسلامية» بالعراقوسوريا. و أظهرت التحريات، أيضا ، أن زعيم هذه الخلية متورط في عدة أعمال إجرامية كالسرقة بالعنف تحت ذريعة ما يصطلح عليه ب «الفيء»، في حين ثبت تعاطي باقي أفراد خليته لمختلف أنواع التهريب والاتجار في السيارات المسروقة بهدف تمويل التحاق عناصرها بالمنطقة السورية - العراقية. وأشار بلاغ للداخلية إلى أنه سيتم تقديم المشتبه فيهم إلى العدالة فور انتهاء البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة. و خلال منتصف شهر غشت الماضي أحالت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، تسعة أشخاص أفراد خلية يتزعمها أستاذ بالتعليم الابتدائي متخصصة في تجنيد مغاربة وأجانب للالتحاق بتنظيم «الدولة الإسلامية». المتهمون ينحدرون من مدن تطوان والفنيدق ومارتيل وفاس، وتم اعتقالهم في إطار المقاربة الأمنية الاستباقية في مواجهة التهديدات الإرهابية حيث تمكنت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على ضوء تحريات دقيقة قامت بها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بتعاون مع المصالح الأمنية الإسبانية، من اعتقالهم . ويعد توالي سقوط عناصر شبكات التهجير الطوقي إلى تنظيم داعش بالعراقوسوريا نتيجة طبيعية لمخطط أمني دقيق استحق المغرب شهادة تنويه عليه وهو يشرك جميع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بشكل دقيق، يبدأ بتجميع المعطيات الاستخباراتية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لرصد أي تحرك مشبوه وتبادل المعلومات بشأن العناصر المشتبه بها بين جميع الأجهزة الأمنية بالمغرب وخارجه قبل مباشرة عمليات الرصد والتتبع للتأكد من المعطيات المجمعة بمواقع التواصل الاجتماعي ليتم تفكيك الشبكة بعد تجميع المعطيات وأدلة الإدانة . وزير الداخلية يقر باستهداف المغرب في نفس السياق خرج وزير الداخلية محمد حصاد منتصف يوليوز الماضي أمام مجلس النواب ، بتصريح يؤكد وجود تهديد إرهابي حقيقي يستهدف المغرب ، معتبرا أن التهديد يعود إلى تزايد المغاربة في صفوف تنظيم داعش حيث يتواجد به أزيد من 1222 مغربيا سواء بسوريا أو العراق، ناهيك عن الأوربيين من أصل مغربي ليصل العدد إلى مابين 1500 و2000 . موضحا أن من بين أولئك أكثر من 200 منهم لقوا حتفهم و128 منهم عادوا إلى المغرب وألقي عليهم القبض والتحقيق معهم. وما يزيد من خطورة التهديدات أن هناك مغاربة قياديين بهذه التنظيمات ولا يخفون نيتهم القيام بعمليات إرهابية بالمغرب وأن ذلك هدفهم، إضافة إلى أن تواجد أوربيين من أصل مغربي يقلق المصالح الأمنية لأن أولئك قد يدخلون التراب الوطني بدون تأشيرة وتصعب مراقبتهم، ناهيك عن وجود مجندين مغاربة مستعدين للقيام بعمليات انتحارية. تصريح وزير الداخلية جاء بعد أن شدد المغرب مراقبته الأمنية على المواقع المتطرفة بالانترنيت بعد تقارير كشفت عن استعداد «داعش» نقل تجربتها إلى المنطقة المغاربية لمنافسة «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». وبحسب المقاربة الاستباقية، فإن مختلف مواقع التواصل الاجتماعي بالانترنيت باتت تحت المراقبة المشددة من طرف الأجهزة الأمنية المختصة لمواجهة أنشطة وتحركات أنصار «داعش» خاصة وأن المخاوف ارتفعت بعد إعلان زعيم في «قاعدة المغربي الإسلامي» دعمه وتهنئته لمن سماه «أمير المؤمنين أبو بكر البغدادي القرشي»! وكانت مؤسسة «الراند» الأمريكية - تعتبر من أهم مراكز الدراسات الاستراتيجية في العالم، وتقدم الاستشارة للسلطات الأمريكية في مجال الدفاع والخارجية ومكافحة الإرهاب والعلوم - قد حذرت من تخطيط «داعش» لنقل أنشطتها نحو منطقة المغرب العربي. وأصدرت هذه المؤسسة تقريرا ركزت فيه على الإرهاب في شمال إفريقيا ونصحت فيه بتكثيف التنسيق الأمني بين الإدارة الأمريكية ودول شمال إفريقيا لمواجهة تحركات التنظيمات المتطرفة، ومن بينها مخططات «داعش» في المنطقة. وقد سبق أن أعلن وزير الداخلية عن نية مقاتلين مغاربة بتنظيم الدولة الإسلامية، استهداف شخصيات عامة وفق قائمة محددة ، مشيرا إلى "تنسيقهم مع المشارقة من أجل تنفيذ عمليات إرهابية في المغرب» . وتأتي تصريحات الوزير بعد أيام من تفعيل المغرب لإجراءات احترازية، تهدف إلى التصدي لتهديدات التنظيمات الموالية للدولة الإسلامية، عبر تعزيز المراقبة الأمنية بواسطة كاميرات المراقبة والتكنولوجيا المتطورة، والرفع من درجات اليقظة والتأهب في المناطق الحساسة. وتشمل تلك المناطق مطار محمد الخامس الدولي للدار البيضاء، وعددا من المراكز التجارية الكبرى، والمرافق الترفيهية والليلية والوحدات الفندقية. واستند حصاد في تصريحاته إلى معلومات استخباراتية، تحدثت عن سفر حوالي ألفين من المغاربة بينهم حاملون لجنسيات أخرى، للقتال في سورياوالعراق ضمن صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، قتل منهم أكثر من مائتين، وعاد إلى المغرب نحو 128 مقاتلا ألقي القبض عليهم وتم التحقيق معهم. وجدد الوزير قلق المغرب من هؤلاء الجهاديين، وقال إن "المغرب يشعر بالقلق لسببين، أولهما أن المواطنين الذين يعيشون في أوروبا لديهم جوازات سفر أوروبية تسمح لهم بالسفر بحرية، وثانيهما أن للجهاديين علاقة مع الجماعات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل". وأشار إلى أن "الأجهزة الأمنية كشفت قدرة هؤلاء المقاتلين على تنفيذ العمليات الانتحارية"، حيث إن " 20 مغربيا أقدموا منذ إعلان الدولة الإسلامية على عمليات انتحارية"، موضحا أنهم ينسقون مع المشارقة لتنفيذ عمليات إرهابية في المغرب. وكشف أن هناك تسجيلات صوتية لهؤلاء المقاتلين يتوعدون فيها بشن هجمات إرهابية على المغرب، ويركزون على استهداف شخصيات عامة، إضافة إلى وجود قائمة للشخصيات المغربية المستهدفة". ووفق أرقام رسمية بشأن الإجرام في المغرب، تم تفكيك 18 "خلية إرهابية" تنشط في مجال تجنيد وتدريب الجهاديين، بين 2011 و2013 وابتداءا من شهر غشت الماضي ومع توالي تهديدات داعش رفعت المصالح الأمنية المغربية من تأهبها الأمني، خاصة بالقرب من المصالح الدبلوماسية الأجنبية، بعد معلومات استخباراتية أفادت بتخطيط "داعش" لاستهداف أمن المغرب خاصة بالمدن الرئيسية، ولا سيما بالرباط والدار البيضاء، قد تلقت تعليمات مشددة بضرورة توخي الحيطة والحذر. وقد لوحظ، أخيرا، تكثيف التواجد الأمني على مقربة من المصالح الدبلوماسية والمؤسسات الأجنبية، تحسبا لأي عمل تخريبي. وانخرطت المصالح الأمنية المغربية ونظيرتها في البلدان الأوروبية، خاصة فرنسا وإسبانيا وبلجيكا، في تنسيق أمني ضيق من أجل تبادل المعلومات حول عدد من المغاربة الذين يحملون جنسيات بلدان أوروبية سبق أن قاتلوا في سوريا. وجاء هذا التأهب الأمني بعد اعتقال مغربيين في لوكسمبورغ ضمن خلية إرهابية كشفت التحقيقات الأولية التي أجريت مع عناصرها، أن المغرب من بين البلدان المستهدفة من طرف التنظيمات الإرهابية. وكانت تقارير استخباراتية أجنبية قد كشفت عن وضع المغرب ضمن مخططات تنظيمات إرهابية، على رأسها «داعش».