تؤكد المعطيات التي أعلن عنها وزير التربية الوطنية، سعيد أمزازي، بخصوص هجرة المهندسين المغاربة، للعمل بالخارج، ما هو معروف، غير أنه متواصل ومستمر، إذ أن المغرب يفقد سنويا مئات الأطر التي تفضل العمل خارج الوطن، نظرا للعروض الجيدة التي تتلقاها على مستوى الأجور وظروف العمل. وقد وردت هذه المعطيات، كذلك، في تقرير أمريكي نشر مؤخرا حول الوضع الاقتصادي في المغرب، حيث أشار إلى هجرة الأدمغة والأطر، رغم أن المقاولات تشتكي من نقص في الكفاءات، وهو تناقض غير منطقي، لا يمكن أن يفسر إلا بمحدودية العروض التي تقدمها المقاولات والمؤسسات لهذه الأطر، والظروف غير المناسبة للعمل، ناهيك عن ضعف التأطير داخلها، حيث إن معدلات المهندسين والخبراء في المقاولات والمؤسسات، يسجل نقصا كبيرا، مقارنة مع مثيلاتها في البلدان المتقدمة. لذلك، فإن فرضية عدم ملاءمة التكوين لسوق الشغل، التي تعتبر العامل الرئيسي في بطالة أصحاب الشهادات العليا، تحتاج إلى المراجعة، حيث إن الطلب المتزايد في الخارج على الأطر المغربية، والإفريقية، بصفة عامة، تلقي بظلال الشك على هذه الفرضية. استعداد السوق الخارجية لاستقبال الأطر المغربية، يؤكد أن تكوينهم ملائم لحاجيات المقاولات، وأن السبب الرئيسي، في ضعف إدماجهم في النسيج الاقتصادي الوطني، لا يعود لهم، بل يعود لبنية التشغيل التي تفضل اليد العاملة الرخيصة، والتأطير المحدود، وضعف الاعتماد على الخبرة والابتكار، وهي العوامل التي تعتبر حاسمة في تطوير القدرات الصناعية والفلاحية والخدمات وكل مجالات الإنتاج... ويمكن القول، إن جزءاً رئيسياً من الجواب عن ضعف إنتاجية العديد من القطاعات يعود –بالأساس- لمحدودية الاعتماد على الخبرات والكفاءات، وليس على عدم ملاءمة التكوين لسوق الشغل، فإذا كان ضروريا إصلاح منظومة التعليم، كما يتفق الجميع على ذلك، فمن الضروري أيضا إصلاح بيئة التشغيل والمقاولة.