كان لزوار منتدى أصيلة الثقافي الأربعين، أول أمس الاثنين، موعد مع تجربة تشكيلية عربية، بصمت على حضور فارق في دورات المنتدى لسنوات وهي التجربة التشكيلية البحرينية، حيث افتتح بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية معرض «فنون من مملكة البحرين» الذي افتتحته وزيرة الثقافة البحرينية مي بنت محمد ال خليفة، والذي عرض لأعمال تشكيليين بحرينيين: بلقيس فخرو، الشيخ راشد آل خليفة، عبد الرحيم شريف، إبراهيم بوسعد. اللوحات المعروضة التي زاوجت بين التجريدية والانطباعية، واشتغلت بخلفيات تتراوح بين الكانفاس والكروم والفولاذ، عرضت رؤى فنية ووجودية لأصحابها من الفن والحياة وتفاصيل المجتمع. ففي الوقت الذي يعرض الشيخ راشد آل خليفة حركات رسمه العفوية على سطح الكروم، فإنه يبث فيها ذكريات ومحطات من حياته قد عبرت، مستوحاة من الحياة البحرينية. استوحى الشيخ راشد لوحاته المعروضة، والتي اشتغلت على الفولاذ المطلي الكروم «الاستانلس ستيل»، من الخمار والأقمشة المخرمة والمشربيات والتي تخفي مواضع من المجتمع، مقدما قطعا وأجزاء من النفس، مكسورة ومدفونة، كاملة، فارغة، ضبابية، لكن كل هذه الحواجز تتكسر بمجرد لقاء المشاهد مع العمل الفني الذي يستكملها ويرى فيها انعكاس ذاته. أما لوحات الفنانة البحرينية بلقيس فخرو التي تنحو نحو التجريدية، والتي تعتمد على ترك المساحات الفارغة للمشاهد لملئها وكذا على المحو، فقد وظفت فيها الفنانة البحرينية الألوان الترابية في اقتصاد لافت للألوان «اكريليك» المتدرجة من نفس العائلة. وتعكس اللوحات الأربع المعروضة لها، غموض الأماكن، وحدة الضوء والظل وهو ما يضفي عليها نوعا من الشعور بالحلم والغموض، تاركة للمتلقي ترجمة ما يراه حسب خلفيته وثقافته. وتعكس اللوحات المعروضة جميعها، المشهد الفني البحريني الذي تأثر منذ بدايته بتمازج حضارات الشرق والغرب داخلها، بالنظر إلى موقعها الجغرافي، كما تعكس حركة الفن التي انطلقت فعليا في الخمسينيات واكتسبت زخما متزايدا كان من نتيجته تنظيم أول معرض تشكيلي بالمنامة في السبعينيات، ليصبح بعدها حدثا ثقافيا سنويا. وتتوزع المشهد التشكيلي البحريني اليوم، عدة اتجاهات ومدارس وهو ما أدى الى ولادة الفن المعاصر الذي أدخل مفاهيم جديدة كانت من قبل غريبة عن المشهد التشكيلي، مفاهيم ساهمت في تطور الفن البحريني من أسلوب التمثيل الرسمي إلى التعبير الذاتي.